فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      وتهون الأرضُ .. إلا مَوضِعاَ

      فزِعتُ الليلة من نَومي.. بعد مُنتصفِ الليل، تتسَارَع دقّاتُ قلبي، وتتلاحَق الأفكارُ إلى رأسي، كُلها هَواجسُ خوفٍ وهمساتُ فزعٍ. ماذا لو أننا خُدعنا عن مُرادِنا، وأغتيل هَدفنا أمام أعيننا؟ ماذا لو أن ما سَعى اليه الشَعب، وتاقت إلى تحْقيقه الشَبابُ اعواماً وأعواماَ، صار فجأة سراباً مبثوثاً أمام أعيننا؟ ماذا لو أنّ الجيش يتلاعبُ بمُنجزات الثورة، وبدماء شهدائها، وجُروح أبنائها، وتضْحياتِ أمهاتها؟

      خَاطرٌ يثقلُ القلب، وينزِع النوم من عين ولو أثقلها. لكن الأمرَ أنه خاطرٌ لم يأتِ من فراغٍ أو وهمٍ، يُصيب عقل شيخٍ كبيرٍ يهرف بما لا يعرف! بل إذا نظرنا على أرضِ الواقع، نجدُ، واحرّقلباه، أن جدارَ الخوفِ الذي كنا نَحذره قد علا بناؤه وشُيدت أركانه. جدارُ خوفٍ من الجَيش وقيادته. نعم، فلا تَستغرب، نحن اليوم أحرارٌ في ذمّ مبارك وقذفِه ولعنِه وأهلِه وأيامِه، ومثلُه بعض رموزِ النظامِ السَابق، لكن هل يجرؤ أحدٌ اليوم أن ينتقد مجلس القوات المسلحة؟ لا، والف لا! فالمجلس اليوم هو الحَاكم الجديد، الذي يتملقه الناس والإعلام، يفعل ما يريد، ويتدسّس ويتحجّج بنفس الأعذار البالية، ويدير نفس الإسطوانة المشروخة، التي صَدّعت رؤوسَنا، عن ضَمان أمنِ مصر، وعجلةِ الإقتصاد والإنتاج، والأخطار المحيقة. قل لي بالله عليك:

      • من المتحكم اليوم في مصير شعب مصر؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الآمر الناهي اليوم على أرض مصر؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الذي يقرر أن تظل مصر ترزحُ تحت الطوارئ إلى أن يشاء؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الذي قرر الإحتفاظ بالحكومة العميلة التي يرأسها عسكريّ مُلوّث، وفيها أحمد أبو الغيط الذي قال صراحة "إننا لن نسمح لبعض المغامرين أن يستولى على السلطة" يقصد بهم شباب الثورةن وصدق فيما قال، وهو كاذب! وعائِشة عبد الهادى "مقبلةُ الأيادى"؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الذي تسامح في مال مصر المنهوب على يديّ مبارك وعائلته، فلم يطلب تجميده، بل إحتفظ بحكومة تصريف الأعمال، لتكون حكومة "تسريب الأموال"؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الذي قرر إستمرار حَبس المَساجين السِياسيين الذين يرزحون تحت ظُلم النِظام من سنواتٍ وعقود؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الذي أقرّ مجالس إدارات الصحف القومية العميلة، وإجتمع معها لتأكيد شرعيتها في مواقعها؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الراعي الحارس للمجرم الأكبر في تاريخ مصر، وعائلته وماله الحرام، على أرض مصر، وعلى مرأى من أبنائها، ومن أعين ثكلاها، يرفُضُ أن يُسلمه للعدالة لتأخذ فيه وفي اهله مجراها؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة
      • من الذي أحيا سُنة جَاهلية، شرِبنا منها الصَاع أصْواع في السِنيّ الخَالية، من التحيّز لفئة ولو ضِد العدالةِ والحق، كما تحيّز من قَبْل رجالُ المالِ لرجالِ المالِ، ورجالُ الشرطةِ لرجالِ الشرطة، فحَرَسَ الكلب العميل السارق القاتل مبارك وأهله، معزّزين مكرّمين، دون أن يجْعلهم نكالاً وآية لمن خَلَفَهُمْ،  ممن تسوّل له نفسه السَير على دربهم، تحت عنوان كرامة الجيش؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة.  
      • من الذي لم يوجّه حكومة "تسريب الأموال"، بغض النظر عن القيام بإصْدار قوانين حرية تكوين الأحزاب، بعد أن سقطت كلّ الأحزاب القديمة المنافقة التي لا وجود لها على الأرض أكثر من وجود الحزب الوطنيّ؟ مَجلسُ القواتِ المسلّحَة

      والقائمةُ تطولُ، والمرادُ واضحٌ، والجدار قائمٌ صلبٌ يتحدى شبابنا الواعي الذي عرف اللعبة من أول يومٍ، فلم يكن:

      • إنتهازياً كالإخوان الذين سَارعوا في "مَسْح جوخ" الجيش، ليبدأ معهم شَهر عسلٍ جديد، تأخّر خَمسين عاماً!
      • ولم يكن مغفلاً كأدعياء السَلفية، وهي منهم بُراء، فدفن رأسه تحت الترابِ حتى تمر العاصفة!
      • ولم يكن عميلاً لصَاحب الكرسيّ، سواءاً فرداً أو مجلساً، كالأحزاب التى هي أشبه بمن سماهم الله في سورة الأحزاب، نفاقاً لا قوة.   

      شبابنا الواعي: لا تدع العسكر يختطف ثورتك، ويختصر مكاسبك، ويهدر دم شهدائك، ويتغاضى عن تضحياتك، فهذا هو ما يفعل العسكر اليوم.

      إمض، يا شباب الأمة إلى ميدان التحرير، وإصبر وصابر ورابط هناك حتى ترى حكومة شفيق في مزبلة التاريخ، وتسمع برفع قانون الخزي والمهانة قد إنزاح. ميدان التحرير هو نقطة الصفر فلا تُفرّط فيه، فإن الارض كلها قد تهون، إلا موضعاَ.