فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      حقائق ثابتة عن واقعنا المعاصر

      كتبت في هذا الأمر مقالات وأبحاثٍ عدة، منها قصار ومنها مفصل طوال. لكن الكلمات تتوه في عقول الناس، وتغلب عليهم الأخبار لا تحليلها وفهمها، بله الاعتبار بها، لمن كان له قلب.

      وحتى لا تتوه حقيقة واقعنا عن أعيننا، وحتى لا نخشى كثيرا مما يُقال عن "احذر من الغلاة"، "حاسب من التكفيريين"، "لا تكفر أحداً أبدا" ومثل تلك الجمل التي صاغوا بها العقلية الحديثة منذ بداية السبعينيات، خاصة بعد أحداث الفنية العسكرية في مصر عام 1972، فإننا نضع ثبتا من الحقائق، يجد القارئ اثباتها في مواضع لا حصر لها مما كتبتُ، وأكثر من ذلك مما كتب غيري من أهل السنة. فالقصد هنا هو التوصيف، أما التدليل، فقد والله مللنا من كثرة ما ذكرنا.

      1. الرقعة الإسلامية التي يعيش عليها غالبية مسلمة اليوم، وكانت يوما ما ديار إسلام، ترفع فيها الشعائر وتقام الشرائع، لها اليوم صفتان:
        1. وصف يقع على مقياس أحكامها، وما يجري فيها من تعاملات بين المسلم وغيره: فهي تتعلق بالدول لا الإفراد، دار كفرٍ، لا دار إسلام. وترى مصداق ذلك في الكفر الساري بين الناس، فكرا وتصرفاً، حتى لا تكاد تصدق أن هؤلاء الخلق كانوا على الإسلام يوماً!
        2. وصف يقع على مقياس الخلطة السكانية في تلك البقاع: وهذه تتعلق بالأفراد، لا الدولة، والإفراد فيها خليط متشابك من المسلم، والكافر، والمنافق، والزنديق، والمبتدع، سواء ممن ولدوا فيها على الإسلام أو من هم من الكفار الأصليين. ويغلب عليها، في زمننا هذا صفة الكفر والبدعة المغلظة، أكثر من الإسلام، إذ قد ضربت سهام الكفر والزندقة والنفاق الكثير، شبه الغالب من الناس، من أبواب متعددة، علموا بذلك أم جهلوا. منها العلمانية، موالاة الكفار ومعاداة المسلمين، إنكار ثوابت عقدية ومعلومات من الدين بالضرورة، التجرؤ على الكتاب والسنة، وعلى الله ورسوله ﷺ، استباحة المحرمات بشبهات لا أصل لها، ولا قيمة لها عند الحجاج فلا ترتفع بها المؤاخذة.

      وهذه الصفة، الكفر بألوانه، لا تقع على الفرد من العامة عيناً إلا بعد التمييز والتحقق لقاعدة استصحاب الحال، فالأصل الإسلام حتى يثبت العكس.

      1. أن هناك طوائف معينة كفرت بكاملها، فتُعامل في المواجهة على أن الأصل فيهم الكفر، لا الإسلام، مثل طائفة الجيش والشرطة وأمن الدولة والمخابرات، ورؤوس الإعلام والقضاة ووكلاء النيابة. فهؤلاء، حكمهم الأصلي، إن انتموا لهذه الطوائف، الكفر، إلا إن أتيحت فرصة التبين والاختبار، لا عند المواجهة. فميتهم لا يُصلى عليه ولا يدفن إلا مع أمثاله، ولو قدر الناس لفرقوا بينه وبين زوجته، ولم يرث والداً مسلماً.
      2. المقاومة تحت شعار "سلمية" إهدار لمبدأ "الجها..د" وردٌ للشرع، وخروج عن الملة، واتباع سياسات وثنية بوذية كما فعل غاندي وصحبه. فإسلامنا يعمل تحت شعار "فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ"، بمثل حديث مسلم "عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري، قال‏:‏ سمعت أبي رضي الله عنه وهو بحضرة العدو، يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف‏"‏ فقام رجل رث الهيئة فقال يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فرجع إلى أصحابه، فقال‏:‏ ‏"‏اقرأ عليكم السلام‏"‏ ثم كسر جفن سيمفه فألقاه، ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل‏"‏. وهذا غيضٌ من فيض. لكن لكل حكم شروطه وموانعه، كأي حكم شرعيّ، فالقدرة مناط التكليف، "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا". فقد قال ﷺ "عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" مسلم. وهذا صريح في وجوب القتال أولا، حين الاستطاعة، ثم الكلام والبيان والنصيحة، ثم القلب إن تعذر كل ذلك.
      3. أن سياسات الإخوان التي تقوم على التعامل مع الأنظمة بصفتها أنظمة مسلمة، والرضى بالكفر تشريعا وتطبيقا، والمساومة على الثوابت بدعوى الديموقراطية هي كفر بالله العظيم، لا يكون معه من الله نصرٌ أبداً. والواقع خيرٌ دليل

      "وليس يصح في الأذهان شيء ** إذا احتاج النهار إلى دليلِ".

      1. أن تكفير الكافر جزء لا يتجزأ من عقيدتنا، "حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ"، وقال "وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ". فاستبانة سبيل المجرمين وطرقهم يرافقها تمييزهم بأعيانهم. وعدم صحة التمييز يضرب الحابل بالنبل، ويخلط الحق بالباطل، ويميّع قضية التوحيد، المائعة أصلاً في عقول الجماهير، وهذا من أشد الفساد. وإنكار أو التردد في تكفير من ثبت كفره بقولٍ، أو عمل معلومٌ كفر قائله أو فاعله بالضرورة، ظاهره تشكك المتردد في حقائق دينه الأصلية، إذ لا يجتمع أبدا العلم بكفر مقولة أو فعل، ومعرفة نسبة القول أو الفعل لأحد، ثم يمتنع الفرد عن الوصول للنتيجة. هذا لا يصح عقلا. وقد عالجت هذه النقطة بالفصيل في مقال "إعانة العوام في مواجهة تلبيس اللئام" فراجعه https://www.facebook.com/tabdelhaleem/posts/10157612523265938
      2. أن الردة الحاصلة بين العوام، بشكل متسع، هي حصيلة هجوم شرس، تعاون فيه الصهاينة والصليبيين، مع دعم كفار العرب من الحكام وجيوشهم ونظمهم الوظيفية، التي دمرت العقائد والأخلاق والعقول، وأكلت الأخضر واليابس.
      3. أن للإسلام عودة ونصر بإذن الله، كما وعد الله سبحانه. لكن ذلك مرتبط بالفئة الي تستأهل التمكين وتستحق النصر، لا تلك الجماعات والفصائل العميلة الخائنة لدينها وأهلها "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ". ونصر الله يكون بالإخلاص في تحقيق توحيده، وباتباع شرائعه وشعائره.
      4. أن العمل اليوم يقوم على فكرة "إنقاذ ما يمكن إنقاذه" والتركيز على الأقل بعدا عن الإسلام، وترك الجدال والمحاججة، ونشر التوحيد، ورفع شعار القوة لا الاستسلام، وبناء الشخصية المسلمة، كما بينا في مقال "الشخصية الإسلامية على نهج النبوة" https://tariq-abdelhaleem.net/ar/post/72822
      5. الحذر أشد الحذر من فتاوى "علماء" سموا أنفسهم، ثم خرجوا على الناس يفتون بما لا دليل عليه من كتاب أو سنة أو فهم مستقيم لكلام السلف. ثم الحذر أشد الحذر من تلك التسميات والاظلاقات غير المسؤولة ولا المدعومة، مثل "المحدث فلان" أو"العلامة علان"، فإن فيها من التلبيس والتدليس ما لا يقدر على حمل وزره مؤمن. ثم الحذر أشد الحذر من "مشايخ السلفية" الأدعياء الجبناء، مثل الحويني الصامت عن الحق الموالي للباطل، حبيب الشياطين، أو رسلان أو حسان، ومن في طبقتهم. ثم الحذر أشد الحذر ممن تروج له الأجهزة الإعلامية، لتصنع له صورة المفكر الباحث العالم الذي لا يُشق له غبار! مثل الددو ومحمد مختار الموريتاني صنيعة الجزيرة، فإمثال هؤلاء يعينون الطواغيت بإيجابية لا بسلبية.

      تلك بعض معالم الصورة القبيحة، التي رسمتها أيدي الخيانة والغدر والكفر في بلادنا، فأظهرت طريقا وعرا مغبّرا كالحاً، مليئا بالعقبات والمكدرات التي تجتال الناس عن دينهم، كل يوم .. كل ساعة.. والله المستعان.

      د طارق عبد الحليم

      7 ذو القعدة 1442 – 17 يونيو 2021