إعاقة أم إعانة!؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه وبعد
استكمالا لما دونت في مقال سابق بعنوان "أحان وقت القطاف" http://tariq-abdelhaleem.net/new/Artical-73014 أرى أنه لابد من التعليق على بعض الشبهات، والتوجيهات، والمطالبات التي خرجت في قوالب حكمة وحنان على جبهة فتح الشام، وإن كنا لا ندرى أهي إعانة أم إعاقة لها! منها ما كتب الباحث! الشاب أبو عبد الرحمن الباشا، مرددا ما قيل من غيره.
ورغم أن كاتب هذه السطور لا ينتمي إلى أي جماعة أو تنظيم، ينافح عنه، بل هو البحث العلمي الصائب من وجهة النظر الإسلامية.
من تلك التعليقات ما جاء من أنّ هذا الإرتباط كان واجبا منذ سنوات، لكن ... هكذا تركها كاتبها مفتوحة! ونقول، هذا تحيف وظلم على النصرة لا يصح أن يُثْقَل به صدر مسلم، ولو كان مخالفا.أنذكركم بالظروف التي تم فيها عقد البيعة للدكتور الظواهري؟ أليس ذلك بعد أن أعلن الخائب البغدادي نقضه بيعته، وكفّر نصف الدنيا وقتها، وترك النصف الآخر حتى خطاب كشاشه الأخير؟ أكان هناك بديل وقتها إلا أن تجد النصرة ظهرا لها في القاعدة، الكيان القوي في الساحة، لتواجه الغزو الحروري، الذي اقتلع ساعتها 80% من شبابها؟ ألم تقف النصرة بعدها قوية تواجه الغزو الحروري، ولولا فضل الله ثم جهدها ما استطاع أحد في الساحة الوقوف في وجه مدّهم .. ولنكن صرحاء هنا دون مجاملات.
ثم، ما هذا الذي يردده البعض عن موضوع "فك الارتباط العقدي مع القاعدة"؟! ما يعنى هذا؟ لا أدرى حتى كيف يقول هذا من يقوله، إلا إن أصابه خبل مؤقت، أو دائم.
أهناك فرق عقديّ بين القاعدة وبين أحرار الشام؟ أيؤمن الأحرار أو جند الأقصى، أو حتى جيش الرياض المسى جيش الإسلام بأن الحكم لا يكون لله سبحانه، وأن الولاء لا يكون إلا بين المسلمين على غيرهم؟ إن كان ذلك كذلك، فليخرج متحدث أحدهم وليقل لنا ما هي عقيدته التي يفارق بها القاعدة إذن.
لعل الذي كتب هذا قد قصد، ما يترتب على الفهم العقديّ من سياسة شرعية! نقول: إن كان الفهم العقدي صحيحاً، وكان تقييم الواقع متفقاً، فإنه لا يختلف عنزان فيما يجب فعله. والواقع لا يحتاج كثير عقل لفهمه وتقييمه، وتحديد أدوار الدول الصلئلة، ومن يعاونها، ولمَ يعاونها. ومن أراد أن ينظر بشق وجهه، أو بنصف عين لهذا الواقع، فهذا أمرٌ لا نعرف عنه في شرعنا، إنما نتحلى بالتقوي وهي ضمان صحة الاجتهاد، الذي يتشدق به المثير دون معرفة بحقيقته!
أمّا عن توجه الثورة السورية، وجعلها سورية محضة، لا محل فيها لمهاجر يعين في سبيل الله، فهذا والله عيب أن يخطر ببال من يدعى أنه ينصر الإسلام، ويزيّل كتاباته بالصلاة على النبي المصطفى! هذا ليس فكر القاعدة يا هذا .. هذا محض التوحيد، لا أكثر... فإن أردت التحلل منه، فستتحلل من أغلب التوحيد بعد عدة خطوات نراها قادمة ..!
أمّا ما قيل عن الذبح بالسكين والتكفير وغيره .. فهل يقف من قال هذا بين يدي الله ويعلن أن هذا منهج النصصرة من قبل، وأنه لا جماعة غيرها وقع في بعض مواقعها ما لا يجيزه منهجها؟ سواء من غلو أو تسيب؟ أيعد الأحرار اليوم أن يتبرؤوا من لبيب النحاس وشلته ومن وراءه، قبل أن يدمروا إسلامية الثورة، ويجعلونها علمانية بحجة "المصلحة"، و"أوراق اللعبة في يد الغرب"، و"السياسة الشرعية هي التعامل مع الممكن"، وهذه المجملات الباردة التي تعلموها من أقطاب العلمانية العربية؟!
أمّا عن عداء الغرب للقاعدة ، فسبحان الله، أيصادق الغرب مسلماً يريد تحكيم الشريعة؟ سمِ لي جماعة واحدة أو تنظيما فرداً؟ ألا يستحي من يقول هذا؟ الغرب لا يصادق إلا من يريد تحطيم الشريعة لا تحكيمها! ألم يردك نبأ الإخوان في مصر، الذين لم يتركوا تنازلاً إلا قدموه؟ فماذا جنوا، إلا السيسي. إن لم تستح فاصنع ما شئت.
ثم إن النصرة لم تقم بعمل واحد خارج سوريا، بل إني أحسب، كما بيّنت في مقالي عن تطور فكر القاعدة، أن القاعدة نفسها قد حدث تغييراً في منهجها ليواكب المعطيات الجديدة، ظهر منذ أيام الشيخ الشهيد (انظر بحثنا "رؤية في سياسة القاعدة في عقدها الثالث-الثابت والمتغير http://tariq-abdelhaleem.net/new/Artical-72854 & http://tariq-abdelhaleem.net/new/Artical-72855
أمّا عن أن تتخفف الجبهة الجديدة من "مشايخ القاعدة الغلاة"، فلا ندرى من يقصدون بالضبط، ولو واتتهم الشجاعة لصرحوا بأسماء حتى تستفيد منها الجبهة. ثم هل المقصود من هم داخلها كالدكتور العريدي مثلا، أو خارجها، أو كليهما؟ فيبقى لها رويبضات عرفوا الإسلام منذ شهور!؟
ولا أريد أن أزيد على هذا ... فإن ضغط الدم عندي له حدود يجب أن أراعيها طبياً...
د طارق عبد الحليم
1 ذو القعدة 1437 – 5 أغسطس 2016
الكاتب لا ينتمي إلى أي جماعة أو تنظيم، بل هو البحث العلمي الصائب من وجهة النظر الإسلامية