فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      جمعة الغضب .. بداية أم نهاية؟

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      شهدت الأيام الماضية، عقب مَجازر فضّ اعتصاميّ رابعة والنهضة، تراجعاً شديداً في زخم التظاهرات المضادة لحكم الكفر العسكري السيسيّ. وذلك التراجع له بلا شك ما يبرّره من البربرية الوحشية التي تمارسها قوات الغدر والإلحاد العسكريّ ضد الشعب المصريّ المسلم، مما يجعل أولئك الذين يخرجون في تلك الأيام أبطال يُشهَد لهم بالشجاعة والإستعداد للتضحية بالنفس في سبيل دينهم.

      لكنّ هذه الأعداد التي رأينا في الأيام السابقة لا يمكن أن تُغير واقعاً على الأرض، إلا عند الحالمين المُفْرِطِين في التفائل. فإن الآلة العسكرية لا تأبه لمثل هذا العدد من المعارضين، إذ إن هذه التظاهرات لا تمثل خطراً عليها بأيّ درجة من الدرجات.

      ويجب هنا أن نؤكد على عدة حقائق لا يمكن أن نفهم الواقع إلا باستيعابها:

      • القيادة العسكرية الملحدة لن تتنازل طوعاً في يوم من الأيام، لأنها تعلم أنها تضع بذلك حبل المشنقه حول أعناقها. فهي إذن معركة حياة أو موت بالنسبة لها.
      • الوحشية العسكرية الملحدة، للسبب الذي قررنا، لن تتورّع عن إراقة الدماء ولو قتلت عشرات الآلاف، وحرقت البيوت والعباد، في كلّ ناحية من نواحي مصر، وما يحدث في سوريا شاهدٌ على ذلك.
      • القيادة العسكرية الملحدة لا تهتم كثيراً لما يجرى على ما يسمونه "الساحة الدولية" فهي تعلم أنّ مصلحة الغرب، وإسرائيل، في بقائها واستمراريتها. وقد شهدنا أنّ هذا المجتمع الدولي ما هو إلا جزءٌ من المؤامرة على الشعوب الإسلامية منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة.
      • التظاهرات السلمية التي ليست لها أنياب، لن تمثل تهديداً للقيادة العسكرية الملحدة، بل هي أعداد تخرج وتهتف، ويُقتَل منها من يُقتل، ثم تعود إلى بيوتها لتعيد الكرّة مرة أخرى.
      • التظاهرات التي تخرج مبرمجة في يومٍ محدد ثم تنتهي بنهاية اليوم، لن تغيّر واقعاً على الأرض. التظاهرات لا يجب أن تكون يوم الجمعة ثم ينفضّ السامر وتعود الدنيا إلى حالها، وإلى لقاء قريب في الجمعة التي تليها! هذا لا يأتي بنصر ولوبعد ألف سنة.
      • المتظاهرون الذين يرفعون أيديهم ويهتفون "سلمية سلمية" أمام جند الطاغوت، إنما يلقون بأنفسهم في التهلكة، فهم لا يأخذون بالأسباب التي أمر الله سبحانه بأخذها، وهي الإستعداد والإرهاب. وهؤلاء أقرب إلى الصوفية المخابيل الذين يقولون نخرج في الصحراء دون زادٍ أو ماء ونعتمد على أنّ الله هو الرازق فسيرزقنا! هؤلاء السلميون يفتحون صدورهم للرصاص وكأن كلمة سلمية سلمية ستزود عنهم أذاه، أو أنّ مشهد قتلهم سيصيب السيسي بالحزن والأرق، فيأمر كلابه بإيقاف المذابح!
      • أنّ كلمة "صدورنا العارية أقوى من رصاصهم" غير صحيحة شرعاً ولا عقلاً، وإن عطست إخلاصاً في التوجه، وكان وقعها على الأذن جميلاً رناناً.

      النصر في مواجهة مثل هذه الحقائق الواقعة على الأرض عزيز غالٍ له ثمن يجب أن يُدفع كاملاً غير منقوص.

      شروط خمسة لا أحسب، والله تعالى أعلم، يمكن أن يتنزّا علينا نصر من الله سبحانه إن تخلّف أحدها:

      • أن تحتشد الجماهير بشكل غير مسبوق لتزيد على العشرين مليوناً أو أكثر على الأقل.
      • أن تستمر التظاهرات لا تنفضْ ولا تتفرق، ليلاً ونهاراً، صبحاً ومساءٍ، في كافة شوارع مصر وميادينها، إلى أن يسقط الحكم العسكريّ الكافر.
      • أن تكون لهذه التظاهرات أنياب وأظافر، فتسيطر على مراكز الشرطة ومباني المحافظات والمجالس المدنية، وتقصد إلى مدينة الإعلام الكفريّ، مدججة بما يمكن أن تمتلك من عدة، فتُحَاور وتناور، وتكرّ وتفرّ، حتى تحتلها، وهي معركة سيسقط فيها مئات الشهداء، لكنها خطوة لا بد منها للنصر.
      • أن تخلص النية لله وحده ولنصرة دينه، لا لنصرة شرعية دستورية ولا وطنية أو حرية، فإخلاص النية شرطُ صحةٍ لأيّ عملٍ يُرجى له النجاح، ويُسأل فيه العون من الله سبحانه.
      • أن نتوب من الذنوب، وأن نعزم تجريد التوحيد لله والولاء له لا لغيره والتوبة من ذنوبنا وما اقترفناه من انحرافٍ عن التوحيد وما مارسناه من شركٍ في الولاء، فأنّ تأخّر النصر يتناسب طردياً مع ذنوب الناس. وقد أذنبنا طويلاً، وسكتنا على الظلم والفسق والعهر طويلاً، حتى خارت الهمم، وانفَلّت العزائم، وضَلّت الأفهام، واختلطت النوايا. ومن ثم، فإن فاتورة النصر قد تكون أعلى كثيراً مما نتوقع، إذ إنّ حال من يدفعها لم تكن مرضية عند الله حتى عهد قريب.

      إن النصر لا يأتي إلا من بعد الأخذ بالسبب قدر الإستطاعة البشرية، كما علّمنا ربّ العالمين في غزوة أحد، والتي كان يقودها أفضل البشر عليه الصلاة والسلام، أنّ النوايا الحسنة والأمانيّ الوردية، مع الأفعال الناقصة لا تأتي بنصر لكائنٍ من كان.

      فاخرجوا إذن، وحققوا تلك الشروط، كاملة غير منقوضة، يأتكم، بإذن مولاكم، مَدد منه سبحانه لا يقف في وجهه شئ.

      ولقاؤنا صباح السبت إن شاء المولى، لا يوم الجمعة، لنرى فيه استمرار الثورة على الكافر المستبد.

      حماكم الله ورحمكم وأيّدكم بنصره واصطفى منكم من يستحق الشهادة.