الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
زياد العِليمي علمانيّ التوجّه، نختلف معه إختلافاً أصيلاً وجذرياً في الفكر والمذهب. هذا أمرٌ ليس موضِع جِدالٍ أو تشكّك.
إنما الأمر الذي رأيناه في الأيام السَابقة من أحداث تتعلق بقضية سَبّه للطَنطاوى أو على الأصَحّ التَعريض بِه في مؤتمرٍ عامٍ ببورسعيد. وهذا الحَدث، هو في حقيقته، كَاشِفٌ لأمورٍ عديدة في غَاية الخُطورة، توضّح الأزمة الحَقيقية التي نُعانيها على السّاحة السياسية المِصرية، والتي تكاد تَعصِف بمِستقبل أمتّنا بِرمّته.
وسنطرَح ما نَراه الأخْطر في أعقابِ هذه الفِتنة التي أظهَرت ما عليه "البرلمانيون السّلفيون الإخوانيون العسكريون"، في تلك النقاط التالية:
- الأخطر هو هذه السرعة العجيبة في مساءَلة العليميّ عن جريمته الكبرى وخطيئته العُظمى، وإحالته إلى التحقيق على الفور. كيف يتناسب هذا مع البطء التواطئيّ الذي نراه في قضية قتلى بورسعيد، وفي قضية نقل المخلوع، وفي قضية هيكلة الداخلية، وفي قضية أموال المخلوع، وأموال قناة السويس، وشهداء يناير الذي مرّ عام كامل دون إدانة ضابطٍ واحدٍ فيها، وكأنهم قتلوا أنفسهم، وفي كافة القضايا التي أثبتت أن الأغلبية البرلمانية متواطئة مع الحكم العسكريّ.
- الأخطر هو تقديم هذه الأمور الجانبية الشكلية على ذلك الإستهزاء بمن يفترض أنهم ممثلو الشعب، بتجريدهم من أية صلاحياتٍ إلا صلاحية الحديث والصياح تحت قبة البرلمان!
- الأخطر هو استمرار الإتجاه إلى تأليه العسكر، الذي يتبناه السلفيون والإخوان، بتطرفٍ غير مسبوق ولا مفهوم، وكأن العسكر هم من حملوهم إلى كراسيهم لا أبناء الشعب المخدوع. والعسكر، إن نَسى البَعض، هم أركان حُكم مبارك، ومعاونيه مدة ثلاثين عاماً، وشركاؤه في الفساد والسرقة والنهب، بل واستمرارهم في ذلك إلى يومنا هذا.
- الأخطر هو ذلك التحيز العجيب الذي يتعامل به الكتاتنيّ، في المسائل المعروضة، يضرب عرض الحائط بما يريد، ويركز الإنتباه على ما يريد، ورحم الله فتحى سرور من قبل.
- الأخطر، هو أنه لو كان الحزب الوطنيّ لا يزال في البَرلمان اليوم، ما تصرّف أعضاؤه بمثل هذا التَحيّز الغَثّ، ولما وقفوا بمثل هذا التبجح يتصايحون بالثأر لشرف الطنطاوى، وردع الجاني المعتدى على شرف الوطن، يعلم الله أنّ الطنطاوى هو رأس الغدر اليوم في مصر، لمن فهم وعقل.
- الأخطر هو الزّج بهذا الداعية العَسكريّ اللواء محمد حسان في قضيةٍ تبحث وتناقش داخل المجلس! وإن تعلل البعض بأن ما حدث من سبً للطنطاوى، وإن حدث خرج المجلس، فهو بشأن مؤسسة قومية، ترأس الدولة الكمصرية اليوم، فما هي مناسبة أن يدرج اسم محمد حسان في هذا الأمر؟ إن سبّ العليميّ حسان خارج المجلس، فعلى حسان أن يلجأ للقضاء. لكن أن يحمل أنصاره ذلك للمجلس، فإن ذلك يمثل إساءة استخدامٍ للسلطة، وتدخل في عمل القضاء، وخَرق للقوانين السّارية، فإنه ليس لحسّان هذا أية حصانة بأيّ قدرٍ. وهو ما يدعونا مرة أخرى إلى التذكير بما نوّهنا به من قبل، من أنّ من أشد الخطر أن يكون الولاء لنوابٍ في البرلمان لجماعات ومشايخٍ خارج البرلمان، فإن في هذا تعدد للولاء، وإسقاط لحق الشعب في ولاء نوابه له بشكل كامل، وهو ما دعانا من قبل لطلب حلّ جماعة الإخوان، وتفكيك مكتبها الإرشاديّ الذي يوجه الأغلبية البرلمانية، كما كانت لجنة السياسات في الحزب الوطنيّ توجّه نوابه من قبل، تماما بلا فرق.
- الأخطر هو أنّ توجهات معينة، تنسب نفسها للإسلام، قد فرضت وصايتها على الشعب بكامله، وهي هي التي تواطأت مع العسكر، ضد الشعب الذي ثار عليه، وحملت له جميلاً ونسبت اليه فضلاً هو برئ منه براءة الذئب من دم بن يعقوب.
البرلمان اليوم، هو تجربة فاشلة، متحيزة، متواطئة، يلعب بها العسكر دوراً محدوداً لزمن مقدور، ثم يكون له ولهم موقف آخر بعد، وقتها لن يكون لهؤلاء مساندٌ بعد أن كشفوا أنفسهم وسجلوا خيانتهم في ذاكرة الشعب.