فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الفتنَة القبطيّة .. وزَحفِ الثورةِ العِلمَانية

      قضية إطفيح، هي من الأحداث التي تهدّد سلامة مصر ولاشك، والتي بدأت بترويج قصة حبٍ بين شَابٍ مسيحيٍّ وفتاة مسلمة، أدت إلى حرق كنيسَة هناك. وهي قضيةٌ كان من الواجبِ التعامل معها من العقلاء في إطار هذه العلاقة الشخصية، وبيان إستِحالة مثل هذه العلاقة خاصّة للفتاة المُسلمة، إن صحّ الخبر، وفي إطار جريمة قتل والد الفتاة فيما بعد، دون أن تصَعّد الأمور في وقتٍ تغلى فيه البلاد، ويعيثُ فيها المخرّبون من بقايا النِظام فَسَاداً، ويحاولُ فيه المُخلِصون تجاوزَ المَاضى الأسود إلى حَاضرٍ أزهرٍ وأفضل.

      ثم الحِراك القَبطيّ الذي يراه الشارع المصريّ حالياً، والذي هو إمتداد لظَاهرة المَطَالب القِبطِية التي بدأت قبل الثورة، إنما يهدِف إلى بلبلة الشَارع المِصريّ لصالح النظامِ الفاسدِ والي لا تزال بقاياه تعيث الفَساد في الأرض، بعلمِ الجيش ورِضاه، ثم إنتهاز هذه الفرصة النادرة لفرض عقيدة الأقلية المتمثلة في القبط، مدعومين بأقلية أخرى تستَخدمُ ملف الأقباط لترويج أيديولوجياتها، هى طائفة العلمانيين والعلمانيات، الداعين إلى دولة علمانية لادينية (التي يُطلقون عليها مدنية، تورية وخبثاً)، تتسق مع عقيدَتهِمِ الكفريّة، ومع عقيدةِ القبطِ التي تدعى عدم الإهتمام بالسياسة.

      نريد أن نؤكد أنّ حَرقَ الكنائس أمرٌ ليس من إلإسلام في شيئ، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أَمَر بحرقِ أي بيعة أو صَومعة أو ديرٍ طوال سيرته الكريمة. لكنّ الأمرَ ليس بهذه البساطة، فغرض القبط أبعد مدى من مجرد الإعتراض على حرق كنيسة. أمر القبط هو أمر الإخلال بالهوية الإسلامية لمصر، وحجب وجهها المسلم، وصبغها بصبغة علمانية قبطية، يدعونها منذ قال أحد كبراؤهم أن المسلمين زوارٌ في مصرّ! هذه هي الكارثة التي يجب أن ينتبه كلّ من يتصدّى لهذا الأمر من أنها العَامل الأوّل.

      القبط في مصر لم يُصِبهم إضْطهَاد ولا تفرِقة في يومٍ من الأيام.

      أنْ يُسمح لقبطيّ بالترشّح لرئاسِة جُمهوريةٍ مُسلمة و أمرٌ مُستحيلٌ عَقلاً وشَرعاً. كيف ولم نرَ في دَولةٍ غالبيتها من النَصَارى في أوروبا وأمريكا مُسْلماً يُرشّح أو يُمكن أن يكون مَقبولاً لدى شُعوبِها رغم أنّ عقائِدهم لا تتعرّض لهذا الشَأن ولا لأيّ شَأن سياسيّ.

      أنْ تُرفع المواد التي تنصّ على أن الدولةَ مُسلمةٌ، وأن شَريعة الإسلام هي المَصدرِ الأسَاس (يجب ان تكون الوحيد)، هو أمرٌ مستحيلٌ، يعرفُ ذلك الأقباط، لكن لا يعقله العلمانيون من المنتسبين للإسلام! ويعلم الجميع أن دون ذلك فيضاناتٍ دماء تسيل، ولن تكون الغالبية المسلمة فيها هي الخاسِرة.

      أنْ تعلو أصوات عِلمانيات من أتباع هدى شعراوى قديماً وسُكينة فؤاد وإيناس الدغيدي حديثاً، المطالب بحُرّيةِ المَرأة وتبديلِِ أحكام الأحوال الشخصية، النابعة من الشريعة، لهو أمر أقل ما يوصف به أنه عبثٌ رخيصٌ لايجدر بأحدٍ أن يلتفتَ اليه، وعلى أزواج هؤلاء النسوة المُتفلّتات أن يمارسوا رُجولةً يبدو أنها قد فارقتهم لزمنٍ طويلٍ.

      الإسلام يحفظ كرامَة المرأة وحقها في كلّ رعاية وتقديرٍ كأمٍ وزوجٍ وأختٍ وإبنةٍ، كما لا تحفَظها العِلمانية المُلحدة، وتحرص على مكونات المجتمع وصيانة عفته وطَهارة نسائه ورجاله، وصَالحُ نشئِه ورعاية أطفاله، بما لا يعرفه المجتمع الغربيّ الذي فقد الخُلق والكَرامة. ووالله الذي لا إله إلا هو، لا أدرى عن هؤلاء الأخوات المتحجبات الذين خرجوا جنباً إلى جنب ينادين بالحرية، اي حرية يقصدون؟ إن كانت لآحادهنّ مَشاكل فردية مع رِجالٌ غاب عنهم خُلق الإسلام ورحمته ورفقِه بالمرأة، فهذا محلّه القانون والمَحَاكِم، ليس ميدان التحرير الذي يهدف بها مُحرّكوا هذه الحَركاتِ من علمانيات متفلتاتٍ تغيير الدستور وتبديل القواعد الإسلامية الثابتة.

      ثم الحلّ لهذه الأحداث لايمكن ان يكون بتلبية مطالبِ الأقلية على حساب الأغلبية، كما تعوّد النظام البائد أن يفعل شِراءاً لأصوات ناخبى الأقلية، تماما كما تفعل الدول الغربية في تلبية مطالب أقلياتها من أصحاب الشذوذ أو غيره كسباً للأصوات. بل يجب أن توضع النقاط فوق الحروف، ويتضح في مصر من هم أصحابُ الغالبية المطلقة، ومن هم أصحابُ الأقلية الرمزية. والعجب أن هؤلاء الذين يدعون إلى نظام ديموقراطيّ هم أنفسهم من يدعون إلى تجاوز إرادة الغالبية وطرح أولوياتها جانباً. نفاقٌ ما بعده نفاق!

      على شباب مصر المسلم، من الإئتلافات الشبابية الثورية أو غيرها في أرضِ مصر على إتّسَاعِها، أن يكونوا على حَذرٍ من هذه التآمرات، سواءاً من القبط أو من العلمانيين. كذلك يجب التحوّط من قوى النظام البائد من أمن الدولة وفُلولِ الحِزبِ الوَطنيّ - اللذين يَأبى الجَيش حلّهما حتى الآن! - أن يَستغلوا هذه الأجَواءِ المَشْحونة بتغذيةِ الصِراعِ الطائفيِّ، وهو ما لا مَصلحة لأحدٍ فيه. ولكُلِ مقامٍ مقال.

      الإسلام عالٍ بإعلاءِ الله له، والمُسلمون له ناصِرون، ولا تغاضٍ أو تنازل في هذا الأمر، لا الآن ولا أبد الدهر