فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الثورة الليبيّة .. بين إنتهازية الغَربِ وخِيانة العَرب

      ما يحدُث اليومَ في ليبيا يخرج عن نطاق العَقلِ والمَنطِق، ويتعدّى في غَرابته وشُذوذِه ما عاشَته ليبيا في الأربَعة عُقودٍ الماضية. فهذا الوحش المخبول الذي عرف العالم كله جنونه وإنفصام شخصيته، قد عاش يحكم ليبيا أربعة عقود، يسرق ثرواتها ويكبت حرياتها ويسجن معارضيها ويفسد فيها، مثله في ذلك مثل كلّ حاكمٍ عربيّ بلا إستثناء. إلا ان القذافي المجنون لا مثيل له فيما سّجّل التاريخ من ثورات.

      لكن ما نريد أن نُسَجّله هنا هو، موقِفُ الدكتاتوريات العَربية، جُمهورياتها ومَمالِكَها، وما يُدعى بالجَامعة العربية، الذى، كالعادة، مَوقِف عارٌٍ وخزيٌّ على هؤلاء الحكام والملوك الخونة. فهؤلاء يعلمون أنّ الشعب الليبيّ يُضرب بمرتزقة أجانب، وبالمدافع والطائرات. لكنّهم يريدون للقذافيّ أن ينتصر، لكي يقتل تلك البادرة الثورية التي غطّت سَمَاء المِنطقة العَربية وأرضَها، من تونس إلى مصر إلى ليبيا واليمن، والتي تهدّد كراسي وعروش هؤلاء الطغاة كُلِهم، فهم يعرفون أنّ نَجَاح القذافيّ سيُصيب الشُعوب بإحباطٍ، قد يوقف الزَحفَ الثوريّ في بلادهم. ومن ثمّ أغلق هؤلاء أفواههم ولاذوا بالصمت المُهين، تجاه قتل المسلمين في ليبيا بهذه الطريقة الوحشية. بل ذهبوا إلى إظهار وطنية زائفة بتصريحهم رفض أي تدخلٍ أجنبي في ليبيا، كأنهم ضد التدخّل الأجنبي وطنيةً وعروبةً، وهم إنما يريدون الإبقاء على القذافيّ في موقعه لتعلم شعوبهم أنّ إنتصارِهِم على الحُكام الطُغاة ليس مؤكداً كما ظهر في حالة مصر وتونس. ورغم اننا لا نريد أي تدخل أجنبي، إلا إننا نتساءل لماذا إذن لم يصدر بيان الرفض هذا حين تعرّض العِراق للغزو من قواتِ الغَرب اللئيمة؟ لماذا صَمَتوا عليها، بل ساَعدوها؟ هو نفاقٌ وخداعٌ وخسة لا يزال هؤلاء الحُكام يُمارِسونها رغم ما رَأوه من آيات الله في إذلالِ الطغاة. لكن الله سبحانه قد كتب على هؤلاء أنهم: "صُمٌّۢ بُكْمٌ عُمْىٌۭ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ " البقرة 18.

      والغرب، كالعادة كذلك، يتحرك بأسلوب المَنفَعة الرَخيصة، تحت مِظلة الإنسانية، نفاقاً وخِسَّةً، فالسؤال المطروح: كيف تحرّك الغَرب بهذه السُرعة والكَثافة والقسْوة ضدّ صدام حسين بدعوى تَحرير شَعب العراق من الدكتاتورية، بينما القذافي الآن يقصِفُ شعبه بالطائرات والدبابات، وبجندٍ مرتزقة، فيتمهلون ويتمايعون في توجيه ضربة جوية قد لا تستغرق أكثر من ساعةٍ واحدةن ينهى بها قتل الآلاف من أبناء الشعب الليبيّ. الجواب هو أنّ غَرَضَ هؤلاء هو قتل العَدد الأكبر من المسلمين، إما بأيديهم كما في العراق، أو بأيدي الحاكم كما في ليبيا. فالأمر لا علاقة له بالإنسانية أو الحرية أو الديموقراطية، وصدام، وإن كان ديكتاتوراً، إلا إنه لم يفعل في حياته كلها عشر معشار ما يفعل القذافيّ المجنون الآن. فلماذا التهاون والتراخي؟ ولماذا يهتم الغرب اليوم برأي العرب في التدخل بشؤون دولة عربية؟

      مواقف العَربِ والغربِ مفضوحة ومفهومة. فهم، كلّهم، ذئاب بشرية لا تريد إلا جيفة الدنيا من أموالٍ وسلطة وسيطرة، مها كان الثمن. والليبيون، كبقية الشعوب العربية المسلمة، ليس أمامهم إلا الله يلجؤون اليه، ثم إلى قوتهم الذاتية فإنها قوة لا تنهزم بعون الله.

      نصر الله المسلمين في شقيقتنا ليبيا، إنه على ذلك لقادر.