فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      شريعة الله .. أم شريعة الثوار .. زفرات مكلوم!

      الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
      إلى أهل مصر! .. إلى أحفاد عمرو بن العاص وعبادة بن الصامت وعبد الله بن حذافة رضي الله عنهم والفاتحين العظام.
      الشريعةَ الشريعةَ .. الإسلامَ الإسلامَ .. إذا ابتغيتم العزة في غير كتاب ربكم وسنة نبيكم فلن تفلحوا إذن أبداً!!
      وبياني هذا لأحفاد الصحابة والتابعين والفاتحين الذين فتحوا قلوب أهل مصر والدنيا قبل أراضيهم..  فبياني هذا لمن يعتز بدينه ويستعلي بإيمانه ويفخر بإسلامه ويحمد ربه أنه ولد مسلماً!! ..
       بياني هذا ليس للمفتخرين بأحجار وأوتار وأكفان ونيران الفرعونية التي أطفأها ودفنهاعمرو بن العاص والصحابة رضي الله عنهم  في مقبرة التاريخ بنور الإسلام!
      بياني هذا ليس لمن يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير.. لحمة المواطنة بدل لحمة الدين!!
       بياني هذا ليس لجماعة (بين .. بين)! بياني هذا ليس للذين يتعبدون الناس بأصنام ورقية مكتوبة يسمونها داساتير يأكلونها إذا جاعوا! ويطأونها وقت الحاجة!!
      بياني هذا لمن يعتز بإسلامه حكماً في نسكه ودنياه وفي محياه ومماته: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام 162.
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      لقد انطلقت الشرارة الأولى لهذه الثورة في التاسع عشر من شهر صفر 1432هـ الموافق 25 يناير 2011م، وفي اليوم السابع عشر من ثورة الشعب المصري تحديداً في يوم الجمعة في 10 ربيع أول 1432هـ الموافق 11 فبراير 2011م أعلن نائب الطاغية عمر سليمان تخلي  سيده السفاح حسني مبارك عن السلطة! يعني بالفصيح أنه خلع إلى مزبلة التاريخ! فاستطارالشعب فرحاً، وغمرت الأمة أهازيج وتبريكات وتهنئات وصيحات الله أكبر لقد سقط الفرعون.. الله أكبر ..لقد تهاوى الصنم! الله أكبر .. لقد سقط طاغية مصر حسني مبارك! لقد فرحنا بهذا النصر الذي تحقق على أيدي هذه الثورة الشعبية الكبيرة! وتعتبر من أكبر وأضخم الثورات في التاريخ المعاصر! لقد استجاب الشعب المصري للنفير العام وثاروا ثورة الأسد الهصور! وكان لزئيرهم دوي قذف الله به الرعب في قلب الطاغية وأركان نظامه! ثم كانت اللحظة الحاسمة وقد بلغت القلوب الحناجر! والأمة تتميز غيظاً من عناد هذا الفرعون الصغير! وأخيراً أسقط الله بهم الطاغية حسني مبارك وعائلته وبعض أزلام نظامه!  فالحمد لله الذي أراح البلاد والعباد من شرور فرعون خبيث لئيم!
      لكن .. ثم لكن! لنا وقفة أو زفرة تعتمل في الصدر كي لا تضيع المطالب في زحمة نشوة الظفر والنصر على الطاغية!! ونسوقها على النحو التالي:
       
      أولاً: الحكم بالشريعة الإسلامية ليس اختياراً:
       
      لقد أثلج صدري وصدور ملايين المسلمين في مصر والعالم الإسلامي خلع الطاغية حسني مبارك مذموماً مقبوحاً مدحوراً! لكن الذي أحزنني وأثار حفيظتي إقصاء الحكم بالشريعة الإسلامية كأهم وأوجب وألزم مطلب لأي مسلم يدين بهذا الدين العظيم! فالقضية ليست إقصاء الشريعة الإسلامية وتغييبها كمطلب فرض على كل مسلم فقط! لكن الطامة الكبرى! أننا وجدنا من كان يرفع شعار الإسلام هو الحل! وكانوا من المشاركين في هذه الثورة أو التحقوا بها بعد اندلاعها بأيام قلائل! لا نكاد نسمع لهم تعليقاً واحداً ولو على استحياء يضع هذا الشعار مجرد الشعار فقط!! الإسلام هو الحل!! كمطلب من مطالب الأمة التي خدعوها على مدار ثمانين عاماً وهم يخوضون انتخابات تلو الانتخابات تحت هذا الشعار! ويحصدون بسببه أصوات المسلمين البسطاء الذين وثقوا بهم لأنهم يحلمون بالشريعة الإسلامية واقعاً يعيشونه! فكيف يكتمل النصر والشريعة غائبة! فكيف نفرح ومطلب الحكم بالإسلام صار لدى البعض كأنه مرض معد! أو عار سيلاحق به المرء إذا أفصح به!! فإنا لله وإنا إليه راجعون!
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      صدق أو لا تصدق! دولة تعدادها 88 مليون نسمة؛ المسلمون يشكلون فيها 97 بالمائة! ورغم ذلك لا تكاد ترى راية الإسلام كمطلب يحكم أهل مصر بالشريعة! لا نجد تلكم الراية خفاقة ولا حتى متوارية هزيلة بين جموع البشر المتلاطمة!! في ميدان التحرير أو معظم ميادين مصر الواسعة!! فيا للحسرة! الشريعة الإسلامية؛ القرآن الكريم ، سنة نبينا الصحيحة صلى الله عليه وسلم! غريبة .. وحيدة .. يتيمة .. لا تجد من يرفعها ولا ينصرها!! صار الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى مطلباً يستحي المسلم الجهر به! والعياذ بالله!! إذا ذكر مناة واللات! إذا ذكر هبل! إذا ذكر الدستور الورقي! الذي يعبث به كل طاغية! ترى الفصاحة والبلاغة والحماسة تقطر من أفواههم! وإذا ذكر الإسلام وللأسف لم يذكر! تجد العي .. والتلعثم! والتبلد! والحيرة والتيه! والاشمئزاز أحياناً!! 
      (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الزمر آية 45.
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      لماذا الخوف من ذكر الحكم بما أنزل الله؟! ألسنا مسلمين! أليس شعب مصر مسلما! لقد استعبد هذا الشعب فراعين وطواغيت قبل الإسلام! ثم لما لا مس الإسلام شغاف قلوب أجدادنا وآبائنا استمسكوا به واعتصموا بحبل الله المتين! فهداهم الله إلى عز الدنيا والآخرة! ثم لما أقصى الإسلام عمداً من سدة الحكم! تاه بنوه في صحراء الهموم! تاه بنوه في أسر الطواغيت ووصايتهم! وتلاعبت بهم الأمم؛ وشردهم الصليبيون وشرذموهم ومزقوهم شر ممزق!
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      لم الخوف! ولما هذا الولاء والمناصرة لأوهام بشرية متخبطة! ولنعرات خداعة مضللة؟! هل تحسبون العزة في التحالف مع أعدائكم! هل تحسبون دساتير الغرب والشرق تحي عزتكم التي دفنها الطغاة؟! لا عزة لكم إلا بالحكم بشريعة ربكم!
      فهذا ربكم الذي تؤمنون به وتصدقون كتابه الكريم يحذركم وينذركم ويوضح لكم طريق العزة والكرامة: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) النساء آية 139.
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      هل يحسب هؤلاء الثائرون وقيادات الاخوان ومن على شاكلتهم أن الحكم بالشريعة الإسلامية حكم اختياري!! يجوز أن نتحاكم به أو نتحاكم بغيره! لا والله! إن هذا الفهم لهو الضلال المبين! فالحكم بالشريعة الإسلامية فرض على الحاكم والمحكوم وعلى كل مؤمن! وهذا كتاب ربكم ينطق بينكم بالحق فماذا أنتم فاعلون مع ىهذه الآيات البينات الواضحات:
      قال الله الحكيم العليم: (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) هود آية 1.
      سبحان الله! كتاب أحكمت آياته! يتركه المنتسبون للإسلام! ويتفرغون لصياغة أو تعديل دستور مهلهل المواد! ومضيع لحقوق البشر ولا سيما أهل الإسلام! يبتغون في الياسا المعاصر!! الصنم الذي يقدسونه من دون كتاب رب العالمين! ولا يستمسكون بكتاب أحكمت آياته!! ويضحكون على عوام المسلمين أن المادة الثالثة من الدستور تنص على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"!
      لقد قزموا الشريعة ووضعوها بنداً ومادة بجوار مواد تتناقض مع أحكام هذه الشريعة نفسها!! اقرأ المادة الثالثة من هذا الدستور الذي يقدسونه من دون القرآن الكريم ! تنص المادة الثانية : "السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور". تنبهوا! الشعب وحده مصدر السلطات!! وليس الله! وليس رسوله! ليس القرآن الكريم ولا السنة النبوية الصحيحة؟! وهناك مواد كثيرة بالإضافة إلى المادتين السابقتين من الدستور المصري تتناقض وحق الله في الحكم والتشريع للبشر! تتناقض وعقيدة الولاء والبراء التي هي العمود الفقري لدين الإسلام!!
      فلو كانوا صادقين لم لم يذكروا أن الشريعة الإسلامية (وليس مبادئ الشريعة) هي المصدر الوحيد للتشريع!  ولكل القوانين المعمول بها في البلاد! لكنه التلاعب والتواطؤ والتدليل لطائفة نصارى مصر التي ليس لها في العير والنفير في هذه الثورة وغيرها!!  ويحسبون أن مشاركة مئة نصراني يزيدون أو يقلون! في ثورة الشعب المصري! يعطيهم الحق في إرجاء أو إقصاء الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع! من أجل عيون نصارى مصر ومن أجل عيون كبيرهم شنودة وكبار قسوسهم وكهنتهم الذين كانوا يقفون مع نظام الطاغية حسني مبارك، ويستعرضون قوتهم المستمدة من أمريكا والفاتيكان! هؤلاء القساوسة لا يزالون يحبسون المسلمات الأسيرات في أديرة وادي النطرون وغيرها!! وضاعت وفاء قسطنين وكاميليا شحاتة وأخواتهما الأسيرات في زحمة الثورة! ولم يجرؤ أحد  من هؤلاء المشايخ وقادة الإخوان أن يطالبوا النصاري بفك أسرى هؤلاء المسلمات!! إنه العار والشنار! الذي سيلحق بقيادة الثوار ومشايخهم الذين يخجلون أن يذكروا وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة في بياناتهم وشعاراتهم ومطالبهم!
      وليست المسألة قاصرة على وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة! إنهم يخجلون أو يتعمدون عدم ذكر الحكم بالقرآن والسنة الصحيحة كمطلب من مطالب الثورة! وكأن هذه الثورة قام بها شعب الإسكيمو لصالح المصريين المسلمين!!
      فيا من تعلمون الناس القرآن وتقرأونه وترفعكم الأمة كعلماء وشيوخ! لقد خذلتم دينكم قبل أن تخذلوا أمتكم! فماذا عساكم أن تفعلوا مع هذه الآيات النيرات التي من عمل بها عدي إلى صراط مستقيم!
      قال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النورآية 51.
      وقال جل وعلا: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء آية 65. 
      وفي محكم التنزيل (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً)النساء آية 105
      وهذا أمر رباني لنبيكم الكريم! (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) المائدة آية 49.
      وهذه قاعدة عامة وحكم لكل مسلم: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) الأحزاب آية 36.
      وهل يظن هؤلاء التعساء أن حكم الجاهلية؛ الدساتير والقوانين الوضعية أنفع لهم في حياتهم؟! وأحكم من حكم رب العالمين!! سبحانك هذا بهتان عظيم! (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائة آية 50. اللهم! إنا نوقن أن حكمك الحق .. وأن حكمك الصدق.. وأن حكمك أنفع وأحسن للبشرية جمعاء! اللهم إنا نبرأ إليك من بني جلدتنا ومن ينتسبون لديننا ولا يحكمون كتابك وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم!
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      ومن شبهات وترهات هؤلاء المتأسلمين! لا تذعروا علينا الأمم! سيتكالب علينا الأعداء إذا حكما الشعب بالشريعة الإسلامية! لا تذعروا علينا أمريكا وأوروبا وقوت الناتو والأمم المتحدة ومجلس الأمن!!
      وهل يعتقد عاقل أن أمريكا والغرب مرتاحون وفرحون بثورة الشعب المصري؟ وهل هم في حبور وسرور لرحيل الطاغية حسني مبارك؟! أليست أمريكا والغرب هم الذين أمدوا هذا النظام بآلات التعذيب وفتح السجون! أليست أمريكا والغرب هم الذين تحالفوا مع هذا النظام في حصار أمتنا وإخواننا في العقيدة في فلسطين والعراق وأفغانستان والسودان وغيرها؟! أليس أمريكا والغرب هم الذين فرضوا علينا هذه البيادق من حكام خونة باعوا البلاد والعباد بثمن بخس لكل من هب ودب من طواغيت العالم؟! لو كان الأمر بيد أمركا والغرب كما يتوهم هؤلاء المتأسلمون لأحرقوا الشعب المصري عن بكرة أبيه!! لو كان الأمر بيد أمريكا والغرب لنصروا حسني مبارك؛ خادمهم وعبدهم وحارسهم الحارس المخلص لمصالحهم! لكن الله من ورائهم محيط!!
      وهؤلاء الذين يتوهمون أن أمريكا والغرب لن يرضى عنهم إذا طالبوا بحكم الأمة بالشريعة الإسلامية!!  فمهما انسلخوا من دينهم ومهما تنازلوا وقدموا قرابين لأعداء الأمة فلن يرضوا عنهم!! وقد قال الله في محكم التنزيل لخاتم الأنبياء والمرسلين: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) البقرة 120.
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      وإذا سألت أحدهم لم لا تذكر الشريعة في بياناتك وحواراتك المرئية والمسموعة والمكتوبة؟! أجاب بشبهات صنعتها عقيدة ضعيفة مهترئة! نريد الحرية أولا! نريد الخبز أولا!  حتى نؤلف بين قلوب الناس ونجتمع تحت هدف واحد!! فلا حول ولا قوة إلا بالله! ولقد فندت هذه الشبهة منذ سنوات وهذا مقام التذكير بها للرد على هذا الوهم الكاذب!
      وأما ما يقال الحرية؛ أولاً، ثم تطبيق الشريعة:
      اللهم إننا برءاء من هذه العبارة! وكأن الشريعة الإسلامية تناقض الحرية... الشريعة الإسلامية التي حررت الإنسان من ظلمات الجهل والتخلف إلى نور الحق والهدى، يقال عنها في آخر الزمان؛ الحرية قبل الشريعة؟!
      ألم يقرأ هؤلاء الشيوخ كتاب الله ليتدبروا كيف حرر الله الإنسان بالشريعة الغراء التي جعلها الله نوراً يبدد ظلمات العبودية التي قمعت الإنسان وجعلته أسيراً لمخلوق مثله أو أضعف، العبودية التي قمعت الإنسان وجعلته يعبد حجارة أو صنماً من الحلوى أو يعبد ما يبول الشيطان في دماغه من أفكار وآراء ما أنزل الله بها من سلطان... افتحوا كتاب الله واقرؤوه بقلوبكم وعقولكم؛ لتعلموا من الذي حرر هذه البشرية جمعاء!
      وقد لخص لنا ربعي بن عامر رضي الله عنه معنى الحرية في حديثه لرستم قائد الفرس: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد).
      أما أن توضع الشريعة في كفة، والحرية في كفة؛ فهذا هو البهتان والافتراء بعينه على شريعتنا الغراء، إلا إذا كانوا يريدون الحرية بالمفهوم الغربي - إباحة الزنا واللواط والسحاق وسب الدين وإهانة أنبياء الله صلى الله عليهم وسلم -
      فأي المعنيين للحرية يريد قادة الإخوان؟! الحرية بالمفهوم الشرعي، بمعنى تحرير الإنسان من عبودية الطواغيت وتسلط الإنسان على الإنسان؟ الحرية بمعنى إطلاق الأسرى وتحريرهم؟
      فهذا مسطور في كتاب الله العزيز: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) [الانسان آية 8.
      وقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: (فُكُّوا الْعَانِىَ - يَعْنِى الأَسِيرَ - وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ).
      أو الحرية بالمعنى الشامل في الشريعة بمعنى لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى؟
      أم يريد قادة الإخوان الحرية بالمفهوم الغربي، الذي يجعل الإنسان أسير شهواته؟!
      فإذا أجاب قادة الإخوان بالأولى - أي الحرية بالمفهوم الشرعي - فلماذا يضعونها في مقابل الشريعة وهي جزء من الشريعة؟! بل هي عنوان أصيل في رسالة التوحيد التي تحدد مفهوم إطار الحرية في كلمة الإخلاص - لا إله إلا الله محمد رسول الله –
      أما إذا كانوا يريدون الحرية طبقاً للمنظور الغربي، فهذا ما يتناقض والشريعة الإسلامية.
      أما شبهة الخبز أولاً أي إطعام الناس قبل الحكم بالشريعة:
      فهذه المقولة في غاية السخف والتضليل، فهل جاء رسول الله صلى عليه وسلم إلى أهل مكة بالمن والسلوى؟! وهل هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ومعه العسل واللبن والذهب والفضة؟!
      وإذا كانت القضية مصلحة إطعام الشعب أولاً، قبل الحكم بالشريعة؛ فلماذا لم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم عروض قريش له، وكانت أفضل من انتخابات هذا الزمان؛ (إن كنت تريد ملكاً ملكناك، وإن كنت تريد مالاً أغنيناك)، وكان الرسول وصحابته في غاية الاستضعاف في تلك الفترة.
      لماذا لم يساوم هؤلاء الكفار ويقبل عروضهم لحماية دعوته وللحفاظ على أرواح هؤلاء الناس من الهلاك نتيجة التعذيب والاضطهاد والتضييق في الأرزاق؟!
      ولماذا لم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم عروض قريش بدلاً من الحصار الظالم في "شعب أبي طالب" الذي فرضته قريش على المسلمين وحتى المشركين الذين رفضوا تسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم حمية؟! لقد استمر الحصار ثلاث سنين هلك فيها الأطفال والنساء والزرع والضرع وكان الناس يأكلون أوراق الشجر.
      وفي الصحيح من السيرة: (أنهم جهدوا حتى كانوا يأكلون الخبط - شجر يخبط ورقه - وورق السمر، حتى إن أحدهم ليضع كما تضع الشاة)، وكان فيهم سعد بن أبي وقاص.
      وروي أنه قال: (لقد جعت حتى إني وطئت ذات ليلة على شيء رطب فوضعته في فمي، وما أدري ما هو إلى الآن)، وفي رواية أن سعداً رضي الله عنه قال: (لقد رأيتني بمكة فخرجت من الليل أبول، فإذا أنا أسمع قعقعة شيء تحت بولي، فنظرت فإذا قطعة جلد بعير، فأخذتها فغسلتها، ثم أحرقتها، فرضضتها بين حجرين ثم استففتها، فشربت عليها الماء، فقويت عليها ثلاثا).
      وكان أحدهم يأتي السوق ليشتري شيئاً من الطعام عياله، فيقوم عدو الله أبو لهب قائلاً: (يا معشر التجار غالوا على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لا يدركوا معكم شيئاً، فقد علمتم مالي ووفاء ذمتي، فأنا ضامن لا خسار عليكم)، فيزيدون عليهم في السلعة أضعافاً حتى يرجع إلى أطفاله، وهم يتضاغون من الجوع وليس في يديه شئ يطعمهم به.
      انظر رحمك الله إلى هذه المحنة القاسية والحصار الظالم، وتأمل جيداً في الحدث لم يتذمر المحاصرون - مسلمهم وكافرهم - على مدار ثلاث سنين للضغط على رسول الله ليساوم أو يفاوض صناديد قريش للخروج من هذه المحنة التي كادت أن تهلكهم جميعاً.
      لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ من أجل مصلحة هؤلاء الجياع المحاصرين بشيوخهم ونسائهم وأطفالهم وبهائمهم نقبل عروض قريش القديمة، أو نساومهم في هذه المرحلة للخروج من عنق الزجاجة ليتوفر المناخ المناسب للدعوة بحرية كاملة!
      لكن حاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك، أو أن يساوم على حساب التوحيد وإعلاء كلمة الله تعالى، وما هكذا أراد الله أن يقوم دين الله في الأرض، (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) العنكبوت آية 2]، (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت آية 3.
      هكذا فإن الإسلام لا يريد أنصاراً منتفعين - شلة منتفعين - يحصلون على غنمه ولا يتحملون غرمه، فلو كان الأمر بهذه المساومات والمفاوضات؛ فمالفرق إذن بين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبين عبد الله بن أبي بن سلول؟! وماذا عسانا أن نميز الخبيث من الطيب؟! وهل كنا سنتعرف على صبر وتحمل بلال بن أبي رباح رضي الله عنه وهو يردد قولته التي صارت شعاراً لأهل الصبر والبلاء؛ "أحد أحد"؟
       
      فيا أيها المعتزون بدينكم المستمسكون بإيمانكم!
       
      هل لاحظتم أقوال شباب الثورة وقادتهم وشيوخها!  لا يكادون يذكرون الله إلا قليلاً! دائما! يذكرون أن الفضل لهؤلاء الشباب ولولا هؤلاء الشباب وجلد الشباب وحماس الشباب!! فأين الله من خطابهم؟! أين فضل الله عليهم! الذي لولاه ما قامت لهذه الثورة قائمة!
      وهل يظن ظان أن الله ينصر الكسالى والمتبلدين والقاعدين عن نصرة دينهم؟! فاقرأوا إن شئتم: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) الرعد آية 11.
      نعم إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم! فقد هداهم ووفقهم لهذه الإرادة في التغيير وإنكار المنكر! فإذا غيروا وانتصروا على عدوهم! فبفضل الله وحده!
       فلولا فضله سبحانه وتعالى ما انخلع الطاغية! اقرأوا إن شئتم كلام ربكم لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في محكم التنزيل: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى) الأنفال آية 17.
      فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم أطهر البشر وأصدقهم وأتقاهم وأورعهم؛ يعلمه ربه بأن ينسب الفضل لله وحده (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)..
       
      ثانياً: قانون الطوارئ:
       
      قانون أبو لهب الذي اتخذه الطواغيت لحصار الشعب كما في حصار قريش للعصية المؤمنة بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم في شعب أبي طالب!! مصر التي يقال لها أم الدنيا! ويمدحها طواغيت العجم تحكم بقانون الطوارئ منذ استقلالها صورياً عن الاحتلال البريطاني عام 1952م!! قانون استثنائي غشوم .. فكم من الأحرار غيبوا في غيابات السجون! وكم من عفيفة رملت وكم من صغير يتم! فكم .. وكم .. وكم!!
      فإلغاء هذا القانون ودفنه في مقبرة التاريخ! مطلب لا يختلف عليه منصف عاقل!! ويجب الإسراع بإلغاء هذا القانون ودفنه! وإلغاء جميع الإجراءات والقوانين المنبثقة منه واعتبارها كأن لم تكن!
       
      ثالثاً: المحاكم العسكرية وأخواتها:
       
      إن هذه المحاكم العسكرية هي مطرقة ومقصلة نظام الطاغية التي كان ولا يزال يضرب ويقتل بها خيرة رجال هذه الأمة وصفوة شبابها المؤمن الورع التقي على مدار أكثر من ثلاثين عاماً!! هذه المحاكم العسكرية وصمة عار في جبين الأمة المصرية والإسلامية! إن قضاة هذه المحكمة العسكرية ما هي إلا مجالس عسكرية! يرأسها مجرمون طغاة وحفنة من المفسدين في الأرض؛ لقد ولغ هؤلاء العسكر في دماء شباب المسلمين الذين لفقت لهم مباحث أمن الدولة تهماً هم منها براء!!
      إن هذه المحاكم العسكرية وقضاتها قد حكموا بقتل وسجن مئات خيار الشباب المؤمنين بدون حق! وفي نفس الوقت كانت في غاية الرقة مع الجواسيس الذين كان يرسلهم الكيان الغاصب لفلسطين! ثم يطلق سراحهم الطاغية حسني مبارك!! فلزام على الأمة أن تحاكم قضاة هذه المحكمة العسكرية ووكلاء النيابة العسكرية وكل من ساهم في تشكيل هذه المحكمة! وفضحهم على رؤوس الشهداء!
       
      رابعاً: جهاز أمن الدولة:
       
      أما عن هذا جهاز أمن الدولة!  وما أدراك ما جهاز أمن الدولة! إنه الموت بعينه! إنه الخوف والهلع! إنه الدمار والخراب! دمار الإنسان من داخله! وتخريب هوية الأمة! إنه آلة الإرهاب! وشيوع الفتن! والرشوة والمحسوبية وعلو شأن سفلة القوم! إنه بحق جهاز دموي لإرهاب الشعب وتعبيده لسفاح طاغية ظلوم! فجرائم هذا الجهاز والمنتسبين له طافحة على سطح مصر والعالم! وهم من أحط الشعب رتبة في الدين والأخلاق! ضباط ساديون دميون!  وعصابة من المخبرين وهم أعين النظام التي يجب أن تسمل! فبالإضافة إلى وجوب حل هذا الجهاز وتسريحه من وزارة الداخلية، وإعادة تقويم هذا الجهاز الخبيث؛ المتربص بأبناء الشعب الأبرياء!! فلزام على أهل الحق أن يحاكموا هؤلاء المجرمين وأن يقتص كل مظلوم من معذبه وجلاده! 
       
      خامساً: الحرس الجمهوري:
       
      لقد دفعت الحكومة الأمريكية للنظام المصري منذ عهد السادات بعد اتفاقية كامب ديفيد بالتحديد منذ سنة 1979م حتى كتابة هذا المقال حوالي 50 مليار دولار!! ومعظم هذه الأموال للجيش المصري بزعم تطويره وتحديثه!
      فأمريكا تشتري ولاء الطاغية حسني المخلوع وبعض قادة الجيش المصري في معونة عسكرية تقدر 1.3 مليار دولار سنوياً. وهذا ما ذكره تقرير هيئة الإذاعة البريطانية: "قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الأميرال "مايك مولن"، أمام جلسة للكونجرس الأربعاء، أن المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر "ذات قيمة عالية جدا" في دعم الجهود والقدرات العسكرية للجيش المصري ليبقى جيشا محترفا عالي المهنية. وجاءت تصريحات مولن خلال جلسة استماع أمام لجنة الكونجرس تركز على إيجاد سبل لخفض الانفاق الحكومي الأمريكي. وقال مولن إن أي "تغييرات في هذه العلاقات، فيما له صلة بالدعم أو المساعدة، لا بد أن ينظر اليها فقط من باب حيطة وحذر وتقييم مشدد، وبعيدا عن العجلة أو العواطف العامة والاستعجال لمجرد توفير المال". من جانبه دعا وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس إلى تجنب إجراء استقطاعات عميقة في موازنة الدفاع لأنها ستؤثر سلبا على المصالح الاستراتيجية الأمريكية، في الوقت الذي ما زالت فيه جبهتا حرب مفتوحتان أمام الجيش الأمريكي" وقال جيتس ان تقليصات من هذا النوع "ستسفر عن عواقب اكثر كلفة ومأساوية لاحقا، كما حدث في الماضي". يشار الى ان مصر تحصل سنويا على مساعدات عسكرية امريكية بقيمة 1,3 مليار دولار" أهـ موقع هيئة الإذاعة البريطانية بتاريخ 16/2/2011م.
      هكذا نلاحظ أن كبار قادة الجيوش الأمريكية حريصون على اتسمرار هذه المعونة نظراً للخدمات الجليلة التي يقدمها النظام المصري من مساعدات وتعاون لضرب المسلمين في أفغانستان والعراق وحصار المسلمين في فلسطين!! 
      أكدهأكده
       
       
       
      فهذه الأموال الطائلة لترويض هذا الجيش واستئناسه بغية حراسة الكيان الغاصب لفلسطين!! لقد تم إغلاق الثانوية الجوية والثانوية العسكرية! وخفض عدد قوات الجيش التي صارت أقل من عدد قوات وزارة الداخلية!! بزعم التطوير وتقليل الانفاق! لكن الهدف كان لتجفيف منابع الروح القتالية لدى الجيش المصري رغم ضلال هذه العقيدة القتالية من منظور إسلامي!! ومن ثم توزع هذه الأموال على الطاغية مبارك وعلى كبار قادة الجيش المصري!!
      ومن أهم أفرع هذا الجيش المصري؛ الحرس الجمهوري! هذا الجهاز جيش داخل جيش! يستنزف مبالغ غير معلومة من ميزانية الأمة! هذا الحرس الجمهوري لحماية الرئيس الطاغية! أياً كان هذا الرئيس! حرس جمهوري ينسب لجمهور الناس! وهم أعداء هذا الجمهور! ولاؤهم للطاغية يدافعون عنه! وعن قصوره! يعادون من يعادي الطاغية!  فهم سر بقاء الطاغية في جبروته وبطشه بشعبه! ورغم أنهم لا يحتكون بجمهور الناس!  لكنهم جاهزون وحاضرون في الوقت المناسب إذا أشار الطاغية لهم بالتدخل وقمع الشعب! ولولا فضل الله أن وفق الشعب بالخروج دفعة واحدة في صعيد واحد لفتك هذا الحرس الجمهوري بأعداد غفيرة من أبناء الشعب وارتكب مجازر! لكن الله سلم!
      لذلك يجب تسريح الحرس الجمهوري وتوزيعه على وحدات الجيش المصري مع تقويم هذا الجيش وتغيير عقيدته التي أسس عليها لتكون مبنية على عقيدة الإسلام وحده! 
       
      سادساً: وسائل الإعلام:
       
      وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة! السحر الذي يزين بها أي طاغية على شعبه! معظم من ينتسب إلى هذا الجهاز الإعلامي ولا سيما من يعمل تحت إمرة نظام الطاغية! عبارة عن تنظيم مسلح بالأقلام والأفلام والدفاتر والمحابر! من ذوي الضمائر الخربة! أتباع كل ناعق! يقبحون الحسن! ويحسنون القبيح! يصيرون المنكر معروفاً والمعروف منكراً! يمارسون الأكاذيب والأضاليل ويتفنون في غسيل أدمغة الشعوب! فلزام على الأمة أن تحاسب وتحاكم هؤلاء الإعلامين الأفاكين المتلونين! الذين يغيرون جلودهم مع تغيير كل طاغية! ولزام على الأمة أن تعيد تقويم هذا الجهاز والمنتسبين له! 
       
      سابعاً: المؤسسات الدينية:
       
      هذه المؤسسات الدينية الرسمية كالأزهر ووزارة الأوقاف ومجمع الشئون الإسلامية ولجنة الفتوى وغيرها من مؤسسات! بالإضافة إلى الجمعيات الإسلامية الخيرية كالجمعية الشرعية وأنصار السنة وغيرها .. لقد أهانت قيادة هذه المؤسسات هذا الدين العظيم الذي تحمله في صدورها! أهانته لما كتمت الحق وتحالفت مع الشيطان! أهانته لما وضعت نفسها في خدمة الطغاة وليس في خدمة الأمة! لقد استخدمهم النظام في ضرب خيار الأمة الموحدين! وتسفيه ما يقومون به من أمور شرعية كان من المفترض أن يكونوا هم أول ما يقوم بهذا الواجب الشرعي ضد هؤلاء الطغاة! لقد خذلوا الأمة وخذلوا الثورة وكان في استطاعتهم أن يتقدموا صفوف الثوار والمطالبة برحيل الطاغية ومحاكته! كان في استطاعتهم أن يقولوا للشعب في أيام ثورته عودوا إلى ربكم حكموا شريعة الإسلام؛ ففيها الصلاح والفلاح في دنياكم وأخراكم! لكنهم للأسف الشديد لم يفعلوا ذلك ووقفوا في صف الطاغية ونظامه!  وحرمهم الله من هذا الأجر العظيم!
      كما لا ننسى الدور المخزي لمعظم شيوخ السلفيين الذين يفترض أنهم مستقلون عن المؤسسات الرسمية! إلا أنهم خذلوا الأمة وحرضوا شبابهم على عدم المشاركة في الثورة بزعم أنها فتنة! واستمرارهم في إلقاء بعض الشبهات الواهية الساقطة التي دحضتُها وفندتها في خطب ولقاءات لنا سابقة!! وكنا نتمنى أن نرى الآلاف من أتباع المدارس السلفية بين الثوار وفي مقدمتهم لكي يثبتوا لعوام المسلمين أنهم من خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر!! كمنا نتمنى أن يتقدموا الصفوف وينشروا العلوم الشرعية التي تعلموها بين الثوار!! لكنهم للأسف الشديد لم يفعلوا! وعزلوا أنفسهم عن الأمة وعن همومها! واكتفوا بالعزلة "جيتو" خاص بهم! من معسكرات صيفية وحفلات الولائم والعقائق! رغم احترامنا لهذه الأعمال الدعوية! إلا أنهم سلموا عقولهم لمشايخهم!  وحرموا أنفسهم الخير الكثير! فصرنا نخجل من صنيعهم! وصار هديهم الظاهر أقرب للتنفير والصد عن سبيل المؤمنين! مع أن هذا الهدي الظاهر المفترض أن يكون عنوان جذب وخير وهداية وأنموذج عملي لتعاليم رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم.
      لذلك فإنه لو كانت هناك دعوة لأهل الحل والعقد، وتم عقد جمعية موسعة للبحث في مصير الأمة!  تشمل علماء الشريعة المخلصين وأهل التخصص في شتى العلوم الأخرى كالاقتصادية والصناعية والعسكرية والزراعية والتجارية وكافة المناحي الحياتية؛ هؤلاء العلماء الذين لم تدنس سيرتهم بنظام الطاغية! مع التشديد على عدم دعوة شيخ الأزهر أحمد الطيب وبطانته، ومفتي الجمهورية علي جمعة وبطانته، ووزير الأوقاف حمدي زقزوق وبطانته! وكل من شارك بتأييد هذا النظام الخارج عن الشريعة الإسلامية! فيجب محاسبة هؤلاء الشيوخ على تقصيرهم وخذلانهم لأمتهم!  
       
      وصفوة القول
       
      كانت هذه زفرات مكلوم مهموم بأمر دينه أخرجتها في زحام فرحة الأمة بانتصار ثورة الشعب المصري..  كانت مجرد زفرات وعبرات وأمنيات لعل الله يبلغ كلماتي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!..