فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      خيانات بلون الدم

      تلك الخيانات التي تؤدي إلى إزهاق أرواح البشر الأبرياء دون وازع من ضمير فضلاً عن دين .. تلك الخيانات التي يرتكبها أصحابها حمقاً وسفاهة وعمالة للشيطان وحزبه .. تلك الخيانات التي تؤدي إلى جر الأمة إلى الذيل وإلى التبعية لأعداء الله .. الخيانات التي لا تجعل هناك كرامة لنفس أو حُرمة للدماء .. ومن تلك الخيانات خيانات العملاء المرتزقون الذين يجلسون على سدة الحكم يتحكمون في الناس ويحكمون فيهم وفق ياساقهم وأهوائهم القبيحة التي تملأ الأرض ظلم وجور ، والأمثلة على هذه الخيانة لا يمكن حصره ، وإن حصره البعض في مظهر معين فقد حجر واسع من الخيانات .. فأول الخيانات خيانة الله ورسوله بعدم تحكيم كتاب الله وإتباع شرعه ونهجه والحكم والتحاكم إلي قوانين وأعراف ما أنزل الله بها من سلطان .. هذه أكبر الخيانات وهي حجر الأساس بالنسبة لأي خيانة أخرى ، فلو تكلمنا عن التواطؤ مع أعداء الله فنقول أنها نابعة من تلك الخيانة أو منبثقة عنها .. ولو تكلمنا عن السكوت عن الدماء الطاهرة المهراقة في بلاد المسلمين فهي أيضاً تبع لتلك الخيانة .. وليس الحل إزاء تلك الخيانات أن نتكلم عنها فقط أو نصيح هنا وهناك بانفعال دون عمل مدروس ودون وعي وتفعيل لدور الأمة ، وحتى لا يكون عملنا في معزل عن الأمة .. إنّ ( من سنن التغيير التي أودعها الله - سبحانه وتعالى - في كتابه أو أجراها على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن الدعوات الصادقة إذا أريد لها النجاح لابد لها من قوى تؤيدها وتنصرها ، قوى من التكتل الجماهيري الذي يلتف حول هدف واضح محدد أو - بمصطلح ابن خلدون - لابد من ( العصبية ) التي تعني الالتحام والتعاضد والتناصر لتحقيق هدف معين ، وليس المعنى المذموم لكلمة ( عصبية ) ، وإذا كان التكتل سابقاً يعتمد على القبائل والعشائر ، فإنه في العصر الحديث يعتمد على جميع شرائح المجتمع ، الذين يلتفون حول علماء - فقهاء ، يعلمون بفقههم وتفكيرهم سنن التغيير وتحويل المجتمعات والتأثير فيها ، وخاصة ما نحن فيه من تعقيدات هذا العصر .[1]

      هذه القوة والمنعة هي التي افتقدها نبي الله لوط - عليه السلام - حين قال : " قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ " ( هود 80 ) ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : " رحم الله لوطاً كان يأوي إلى ركن شديد ، وما بعث إليه بعده نبياً إلا وهو في ثروة من قومه " .[2] ويقول الإمام الجويني : ( وما ابتعث الله نبياً في الأمم السالفة حتى أيده وعضَّده بسلطان ذي عدة ونجدة ، ومن الرسل – عليهم السلام - مَن اجتمعت لـه النبوة والأيد والقوة كداود وموسى وسليمان - صلوات الله عليهم أجمعين - )[3] .. وإذن فلابد من بعث ( الأمة ) لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى ..

      [1]-  من كتاب خواطر في الدعوة .

      [2]-  صحيح الجامع الصغير ، 3/176 وقال عنه حديث حسن .

      [3]- غِياث الأمم ، 182 .