فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الفترة الإنتقالية في مصر.. إلى أين تتّجِه؟

      يتحدث الجيش عن مرحلة إنتقالية، ويتحدث الثوار، ومن ورائهم الشعب، على مرحلة إنتقالية، لكن ترى هل هي نفس المرحلة التي يقصدها الجيش؟ اللهم لا

      المرحلة الإنتقالية التي يقصدها الجيش، والتي يفرضها على أرض الواقع، هي مرحلة يقصد بها:

      1. تخدير الشعب وإبعاده عن روح الثورة بعامل الوقت، وتدريبه على قبول الأمر الواقع.
      2. تحذير قيادات الشباب من الثوار، ليكفّوا عن الدَعوة إلى التظَاهرِ لإكمال مسيرة الثورة وتحقيق مطالبها.
      3. السَماح لرؤوس الأموال أن تتسرّب، قدر الإمكان، إلى خارج مصر من ناحية، وتعتيمها وإخفائها خارج مصر من جهة أخرى.
      4.  التمكن من إيجاد سيناريو يمكنُ من خلاله التلاعب في الإنتخابات القادمة للرئاسة والحكومة.
      5. إعطاء فرصة لرؤوس الفساد في جهاز أمن الدولة والصحافة والحزب الوطنيّ وغيرها من بؤر التقيّح في الأجهزة الرسمية أن تعيد ترتيب أوراقها.
      6. الإحتفاظ بملامِح عامة في الحكم لتفرِضَ نفسها فيما بعد، خاصة في مجال السياسة الخارجية عن طريق أحمد أبو الغيط، والسِياسة الداخلية عن طريق محمود وجدى، منها قانون الطوارئ، وحسين طنطاوى على رأس وزارة الدفاع، وهو من عجائب الأمور، إذ هو أميرٌ على أحمد شفيق في رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو مأمور لأحمد شفيق في مجلس الوزراء!
      7. إحْكام مَركز الجيش ودوره الذي يُحب أن يلعبه في الحكم، بعد الإنتخابات.

      أما المرحلة الإنتقالية التي يقصِدها الثُوار فهي تعنى أمراً آخر، يكاد يكون متناقضاً كلّ التناقضِ مع ما تعنيه للجيشِ. من ذلك:

      1. تكوين مَجلسٌ رئاسيّ مدنيّ يدير البلاد لحين الإنتخابات الحرة.
      2. تعيين حُكُومة مُؤقّتة من وجوه مرضية لدى الشعب، لإدارَة البلاد حتى بعد الإنتخابات، يتمُ عن طريقها تنظيف التقيّحات المنتشرة في كافة مؤسّسات الدولة.
      3. إلغاء حالة الخوف المُزمِن الذي يدْعمه قانون الطوارئ، وإسْتمرارية أجهزة أمن الدولة والمباحث العامة في دورها.
      4. تعديل الدستور، أو تبديله ليواكب متطلبات الشعب في حياة حرة كريمة.
      5. إطلاقُ حُرية تكوين الأحزاب بلا قيدٍ أو شرط. والعجيب ما صرحت به قيادة العسكر حديثاً من أنها لا تسمح بقيام أحزابٍ على أسس دينية! فيا ترى من الذي أعْطى الحقّ للجيشِ أن يُصدِر قَراراتٍ حَيوية يُلزمُ بها الشَعب في مَجال هو القلبُ من روح الديموقراطية؟

      المنظور إذن، مختلفٌ جدّ الإختلاف، بل هو متناقضٌ جدّ التناقض. والظاهر الذي لم يعد يختلفُ فيه إثنان هو أنّ الجَيش قد إختَار نظام مبارك على متطلبات الشعب الأساسية، وأنه قاب قوسين أو أدنى من تحقيق مأربه بالقضاء على الثورة فعلاً، وإن أشاد بها قولاً.

      وشباب الثورة يعلمون هذا علم اليقين، وهم، لا اشك في هذا، في حيرةٍ من أمرهم اليوم، أيقدمون على الخروج على حكم العسكر، وفي هذه الحالة يجب أن يكونوا على إستعداد لتقديم المزيد من الضحايا، حتى يبلغ الهدي محله، فهناك حدّ أعلى يمكن للثورة السِلمية تحقيقه، وهناك حدّ ادني للضحايا في الثورة الناجحة يجب تقديمه. أو أن يقنع بما كان، ويتمتع بفرحة الخلاص من وجه مبارك اللئيم، حتى حين يأتي بديله. ولا خيارٌ ثالثُ بينهما!

      ولسنا في مقام من يملى على الشباب فعلاً أو أن يميز لهم خياراً، لما نعلم من نضجهم الذي قدموا عليه دلائل لا نردّ، لكن الأمر أمر نصح وتشاور. فطالما وصلت الثورة إلى هذا الحدّ، فخسارتها في التراجع الآن افدح من ايّ خسارة قد تواجهها في حالة الإستمرار، إذ سيقع إذن أضعاف عدد الضحايا لكن في الخفاء أولاً ثم في العلن آخراً

      والله الهادى في هذه الفتنة الظلماء التي تدع الحليم حيران.