فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      يا شباب الصحوة: جئتُم أهلاَ وحَلَلْتم سَهلاَ

      يا شباب الصّحوةِ االإسْلاميّة المُبَاركَة: جئتمُ أهْلاَ وحلَلْتم سهلاً، في ديارِكُم مصر الكِنَانة. فقد كنتم عنها غَائبين، بل كنتم عنها مُغيّبين. عَِِمِلَت قوى الشرك والظلام، والعُبودية والقهر، والفَساد والعهر، على أن تضع الأغلال في أعناقكم، لم يعرف هؤلاء المأفونين أن الله قد أمر برفع الإصر والأغلال عنها حين أنزل نبيّ الرحْمَة والمَلحَْمة صلى الله عليه وسلم "وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلْأَغْلَـٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ" الأعراف 157.

       معركتكم اليوم هي مَعركة الإسلام، هي الدعوة إلى الهدى والرشاد، هي الحَربُ على الشِركِ والفَسَاد. هي إقرار دين الله في الأرض، فقد أقصاه الكارهون والمارقون عقودا طوالاً، خسر فيها الناس الكثير، ولم يخسر فيها دين الله شيئاً.

      والآن ها قد عدتم لتبدؤا رحلة الدعوة في النور لا في الظلام، وفي العلن لا في السرّ، وهو ما لم يهيؤ لأحد من جيلكم أو من جيل آبائكم، كما يعلمون وتعلمون. وهو أمر له تبعاته كما لكلِ جديد تبعة، وحسبنا من ذلك تبعات الرسالات المتتاليات، والتي حملت الجديد لأقوامها، كلّ حسب زمنه وظرفه، مع إتحاد المأرب.

      وقد دأبت فيما كتبت، في الفترة التي سبقت أحداث 25 يناير، على مراجعة ما تطاير مؤخراً في سماء الدعوة من مصطلحاتٍ، أقل ما يمكن ان يقال عنها أنها مُخلّطة مُوهِمةٌ مُريبة، تحْمِل على الإضْطراب والهَدم منها على الإيضَاح والبِناء، مثل الوسطية والتجديد والمواطنة والمدنية، مما فاضَت به مَقالات وسُطّرت فيه كتبٌ، إدعى أصحابها أنهم وقعوا على ما لم  يقع عليه سلفهم وجاؤا لأهلهم بنبإ يقين!

      لكنّ الواجب الآن أن نراجع أنفسنا ونعتبر بتجربة من سبق في مِضمار الثورة، أو محاولتها. وقد خاض جيلنا، جيل الستينيات والسبعينيات، تجرُبة أسميها "إنفراجة حرية"، لا حرية، بعد أن أطلق السادات يد المسلمين ليقفوا في وجه الشيوعية لصالح الرأسِمالية التي عَشقها السادات طول عمره.

      هذا ما يجب على شيوخ التجربة أن يقدموه لهذه الصحوة، كيف تسير، ما منطلقاتها؟

      المنطلق التوحيديّ أمر متفق عليه، وإنما الأمر أمرَ الحركة بين الناس، وكيفية عرض الإسلام. وهو ما يجب أن تتفكر فيه حركة الصحوة وتتدبر، ثم تتدبر، حتى لا تتكرر أخطاء الحركة في السبعينيات، والتي أشرت الي بعضها في مقالي "مراجعات .. جيل السبعينيات"(1).

      وأضرب مثلاً، بعد تراكم عقودٍ من البحث والنظر فيما يمكن أن تستفيده الأجيال القادمة، بمصطلح "الإسلامية"، والتي رافق كلّ عَمَلٍ قام به مسلمون من اهل السنة والجماعة منذ السبعينيات، إذ لم يكن فيما قبلها يُطلق على جماعات دعوية، بإستثناء جماعة المودودي في باكستان، إلا في الإستخدام المحدود لهذه الصفة. وقد دُفِع المسلمون إلى مثل هذا الإستعمال للتمييز بينهم وبين من لا يعمل في مجال الدعوة، ثم أصبحت ترمُز إلى حالة إنفصالية كَرّسَت موقفاً عدائياً بين العاملين في الدعوة وبين العوام من المسلمين، وهو ما ساعد على تحقيق هدف العدو الحَاكم، وهو الفصل بين العاميّ والداعية. وقد إنعكس ذلك في المخَاوف التي عبّر عنها البعض بأنه "يقبل الإسلام، لكنه يخشى الإسلاميين". أفلا يجب الآن أن نعيد النظر في الواجهة التي نتقدم بها كدعاة إلى الإسلام، فنكون أمامهم "مسلمون" يدعون إلى الإسلام الذي هو دينهم جميعاً، لا إسلاميون "مجهولي الهدف"، كما روّج لذلك كفار الأنظمة.   

      إذن، كما أننا نراجع مصطلحات أنصاف العلمانيين، من التوسط والتجديد والمواطنة والإصلاح وغيرها، يجب أنْ تتَحَسّس الحركة طَريقها وترسِم خطواتها وتَعْقِل مَراحلها ليكون لها النصر المؤزر إن شاء الله.        

      http://www.tariqabdelhaleem.com/new/Artical-441