فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      المَزيد من الدِمَاء... للوفاءِ بدَينِ الشُهداء

      حسبما تقرر في شَرعِ الله سُبحانه، من أنّ الأصْل في الأشياء الإباحة إلا في الدِماء والأعْراض والأموال، وما في حديث رَسول الله صلى الله عليه وسلم، أن "كُلّ المُسلم على المُسلم حَرام، دمُه ومَاله وعِرضه"، فقد قام نظامُ مبارك بالإعتداء الممنهج المستمر الوحشيّ على دماء وأموال أبناء الشعب المصريّ طوال ثلاثين عاماً، بالتَعاون مع قِيادات الجَيش من أنْصَار النِظام، وآخِرُها دِماء شُهداء الثورة الذين قُتلوا غدراً وغيلة، ولم يؤخَذ بحقّ دَمهم، ولو لقطرةٍ منها.

      النظام لا يزال في قوّته وسَيطرته على أجهزة الدّولة كَافة، مَتَمثّلة في رئاسة الجمهورية، والحُكومة، وفي أجْهزة أمن الدَولة والمباحث العامة، وفي جهاز المحافظين، وجهاز النائب العام، وأجهزة المؤسسات كافة. فالثورة لم تُنجح حتى الآن إلا في إقتطاع شرم الشيخ من الدولة المصرية، وجعلها محلَ إقامةٍ ومركزَ عملياتٍ دائمٍ لنفسِ النظام ، وعلى رأسه حسنى وعائلته. كلّ هذا بسبب عمالة قيادات الجيش،  التي تعمل ليلاّ ونهاراً مع أعمدة النظام لإعَادة سَيطرته على مقدّرات مِصر، تختلفُ الأسماء وربما بعض الوجوه، لكنّ المحرّكين هُمُ هُمُ!  وطبيعة النِظَام هيّ هيّ! ولا يزال الإعتقال مُستمراً بمعرفة أمنِ الدولة، ولا تزال مَسرحيات القبض على الوزَراء مُستمرة بمَعرفة النائبِ (النائم) العامِ، الذي لا يتحرّك حَركَةِ إلا بعد أن يتحرّك مليونان على الأقل للمُطَالبَة بها!

      ووالله إنها لمسخرة مبكية أن تظلّ هذه الأجهزة تعمل كما كانت، ساخرة بالثورة وشبابها، ومستهزئة بشعبِ مصر كلّه، ومتحدية لإرادة 80 مليوناً (إن طرحنا من حسابنا أتباع شنودة وأشرف ذكي!) رفضوها بلا استثناء. أليس هذا عيبٌ، بل أكبر العيب أن يُسكت عليه!

      قياداتُ الجَيشِ لا يُعنيها دمّ الشهداء. بل هم سكتوا على القتلة أثناء المجاذر، ثم تستّروا عليها بعد المجاذر.

      قياداتُ الجَيشِ لا يُعنيها مَطالب الشعب، إلا بقدر ما يَضغَط به الشَعبُ عليها، ولا خطوة أبعد من هذا.

      قياداتُ الجَيشِ لا يُعنيها عَودة النظامِ إلى ما كان عليه، بل هي شريكة كاملة في الحَركة التي تعمل على إعادته، وبنجاحٍ حتى هذه اللحظة.

      السؤال الآن: كيف يمكن أن تَستكمل الثورة مسيرتهان للوصُول إلى تحقيق أهدافها؟

      الإجابة، على قدر صعوبتها، بسيطةٌ مباشرة. الثوار يعرفونها، ومارسوها بنجاحً من قبل، في الأسابيع السابقة. إعتصامات مليونية تلازم شوارع مصر بلا إنقطاع، وحصار مبنى الإذاعة والتليفزيون ومبنى أمن الدولة في لاظوغلى، حيث يجرى تعذيب الناس إلى اليوم، حتى تصدر قرارات:

      • تشكيل مجلسٍ رئاسيّ مدنيّ مؤقتٍ، وهو ما رفضته قياداتُ الجَيشِ العميلة.
      • حلّ حكومة أحمد شفيق، وهو ما رفضته قياداتُ الجَيشِ العميلة، وتعيين رئيس وزراء إنتقاليّ يقوم بتعيين الصالح الشريف من ابناء الشعب لتولى الوزارة الإنتقالية، التي تقوم بدورها، كلٌ وزير في إختصاصِه، بإعادة تشكيل الهَيئات العامة وإجتزاز الفساد والفاسدين. ولا أعرف من اين جاء تعبير "تكنوقراط"، ولكن يبدو أنه قد أصبح لها وقعٌ يوحى بالأهمية على الأسماع، فبات يستعملها كل متكلمٍ. أمّا أنا، فلا أعرف تكنوقراط من زكنوقراط! أعرف أنّ الوزراء المعينين يجب أن يكونوا مؤهلين لطبيعة عملهم وأدائها بكفاءة وأمانه، تكنوقراطاً كانوا أو زكنوقراطاً.
      • وحلّ جهاز أمنِ الدولة والمباحث العامة، وإلغاء قانون الطوارئ على الفور، وهو ما رفضته قياداتُ الجَيشِ العميلة.

      يجب أن تتحرك الجماهير الآن كرهاً في النظام ورغبة في إزالته، كما تحركت من قبل كُرهاً في حسنى وعائلته ورغبة في إزالتهم.

      سَيسقطُ شهداءٌ جددٌ، وسيُهدرُ دمّ جديدٌ، لكنّ يجب أن يُدْركَ شبابُ الثورة الى الآن، أنّ الثورات تدفع أغلى مما دفعنا لتحصل على مستقبلٍ جديدٍ، لا ترقيع الماضي، وأنّالسَرطان قد ضرب في أنحاء الأمة إلى نُخاعها، وأنّ أنصافَ الحلول، والكيماوى لن يشفي مصر منه، بل هي سياسة الإستئصال، التي لا تبقى ولا تذر، تأخذ برقاب المُفسدين، وتقتلهم دون رحمة، إذ البديل هو أن يأخُذ المُفسدون برأس قيادات الثورة، وكلّ من تحدث بسوء عن النظام من الشعب بعَامة، وسَتعِتقلهم، وسَتُعذبهم، وسَتقتلهم بلا رَحمة، كما حدث في السنوات الثلاثين الماضية، وفيما حدث عبرة لمن لا يعتبر.