فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      هل يبنى الجَيشُ حَاجزَ خَوفٍٍ جديدٍ؟

      تهديدات خافية في البيانات الأخيرة للعَسكر تطلب إيقاف التَظاهر والإعتصام، وتُحذّر يإستخدام الأحكام العرفية ضدّ من يفعل ذلك. وقد يكون في ذلك بعض الحقّ إذ إنّ الدولة – في المَرحلة الثانية من الثورة - تَحتاجُ إلى العَمل والإنتاج، والثورة لا تكون يوماً، بل جيلاً وأجيالاً. لكنّ هذا يكون إن شَعر أبناء الشَعب بالتوافقِ الحقيقيّ بين المَطلبِ الديموقراطيّ وبين أداء العسكر الذي إتسم إلى الآن بالتراخِي والتسْويف، بل بالمُداراة والمُجاملة للطَاغية ونائبه وأهله! هذا الموقف يؤدى إلى تَراخٍ مُضادٍ لدى أبناء الثورة في إنهاء الثورة على الأرض. بل ويَجعلُ حتى الأحسَاسَ بنهاية المَرحَلة الأولى من الثورة، بله بدءِ المَرْحلة الثانية، أمرٌ في غاية الصعوبة، بل ومناقضٌ لروح الثورة، وهي مخاوفٌ عبر عنها عدد من عُتاة المُحلّلين السِياسيين في العَالم، وعلى رأسِهم روبرت فيسك، البريطانيّ المُسْتقل، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، وهو غنيّ عن التعريف، حيث حمل مَقالَه الأخير في الإندبندنت عنوان "هل يُحْكِم الجَيش قبضَته على مِصر؟"، كما يصرّح كريس ماكجريل بنفس التخوّفات في تقريره للجارديان البريطانية.

      لسنا نريدُ أن يَستبدل الشَعب جِدار الخَوف الذي صََنَعه النِظام الفرعونيّ البائد، وغرْسِه في أنفس النَاس على كَره مِنهم، بجدارِ خوفٍ من الحكم العسكريّ وإستبدال الخوف من فردٍ أو أفرادٍ إلى الخوف من هيئة أو مجلس. هذا الأمر – إن حدث – يكون كارثة حَاقَت بشَعبِ مِصر، ولا نريد أنّ نزيد على ذلك الآن، إذ كرّرناه من قبل، ولانودّ أن تكون كلماتنا كإسطوانة مشروخة.

      ونحن نُرحِب أشدّ الترحيب، ونؤيد أشدّ التأييد بيان إئتلاف شباب ثورة 25 يناير الأخير، إذ قد غطى أهم النقاط التي يجب أن تتمّ على الفور، وعلى التراخى المحسوب، ولا يترُك الحَبل على غَارِبه في يدِ العسكر، إذ لم تكن الثورة ثورة عسكر، ولا إنقلاب عسكر، بل هي ثورة شعبٍ ضدّ نظامٍ سكت عليه العَسكر، بل وعضّدوه ثلاثة عقود كاملة.

      صَحيحٌ أنّ الشعب قد كَسَرَ حَاجزَ خوفٍ عظيمٍ، لكن يجب أن ننتبه إلى أنّ الخوف حالة نفسِية معقدة، استقرّت في نفوس الناس زَمناً جدّ طويلٍ. كما يجب أن لا ننسى أنّ الحَاجز قد كُسر – حين كُسِر - بشكلٍ جَماعيّ يسْتمدّ قوته من الجَمع، لكنْ حَاجز الخَوف على المَستوى الفُردي، أظن أنه يحتاجُ إلى زمنٍ أطْول، بل إلى ممارسة الحياة الحرّة لسنوات، حتى يَستردّ الفَرد، على مُستوى الفرد ذاته، دون الجَمع المِليونيّ. وليس في هذا إنقاص من قدر الفَرد المِصريّ، بل هيَ طَبيعة النَفس البَشرية التي هي في أصْلها قوة وصَلابة، لكنها تتحول إلى ضعف وهشاشة في اسرع وقتٍ، ولتتمثل برجلٍ من العامة، عُذِب في سِجنٍ بوليسيّ عدة سَاعات أو ايام، تجده يحتاج إلى شهور بل أعوامٍ لترتفع عنه آثار الوقعة نفسياً ويسترد نفسه كاملة كما كانت. هذا هو الإنسان المصريّ الذي نريد أن نصل إلى إعادة صياغته

      الأمر هنا أننا نريد إستباق الأحداث حتى لا نُداهم بحَدثٍ لم يكن مما تحَسّبنا له، أو إستعرضناه لنستعد له، من باب "حرّص ولا تُخوّن"!

      الصورة من الجارديان البريطانية