الحمدُ لله الذي يَلجؤ اليه القوى والضعيف ويَسْأله الفضل الشَقيّ والسَعيد، الذي صَدق وَعدَه وهَزم الأحزاب وَحدَه.

ومبروك (لا أقول مبارك) على شعب مصر، والعرب جميعاً، هذا التغيير الهَائِل الذي أحرَزته الثورةُ المِصْرية في أقلِ من ثلاثة أسابيع. فَساد ثلاثين عاماً وطغيان ثلاثين عاماَ وقهر ثلاثين عاماً، سقط بسقوط رأس الطغيان، في سَاعة.

لكن، الحَذَرَ الحَذَرَ من كيد العَسْكَر. العَسْكَر، على مرّ التاريخ، وإمتداد الزمان والمكان، كانت لهم أجندة خاصة، قلّما بدّلوها لصالح الشعوب. وهو ما يجب أنّ يتذكره المصريون في هذه اللحظات الفارقة. الأمر ليس أمْر إحْسانُ ظَنٍ أو إساءتُه، فهذه المَعاني تصلح للتداول في المَسَائل الشَخصِية الفَردية، لا المَسَائل الإجتماعية العامة! المَسَائل العَامة الني تخُصّ الشُعوب لا تَعرِفُ إلا مَعانٍ مُجرّدة كالمُمْكن والمُحْتمل والمُسْتحيل والمقدور عليه، ومثل ذلك.

واقولها صَريحة: النِظَامُ لم يَسقط بعد، النِظامُ العَسكريّ المعتمد على القوة لا يزال قائماً. ولننظر معاً موقف العسكر حتى الآن:

1. المَجلس العَسكريّ القائم قد رافق مبارك في مسيرة فساده وإفساده على مدى ثلاثين عاماً، لم يثور عليه، بل لم يقل لا مرة واضحة، خيانة للشعب وحقوق أبنائه، بل شارك في نهب الأموال والإستمتاع بإمتيازات يعلم تماماً أنها رشوة غير مقنعة للحفاظ على الحكم، فولاؤه الكامل والتام لمبارك أًمس واليوم وغداً.
2. المَجلِس العَسْكريّ القائم سَمَح بإستمرار حُكومة اللواء أحمد شَفيق التي لا شَرْعِية لها، والتي عيّنها سَاقِط الأهْلية حَسبَ شَرعية الثورة.
3. المَجلس العَسْكريّ القائم لا يزال يحمِى رئيساً أجْبرته الثورة الشَعبية على التخلى عن مَنصِبه، وثبت فَساده، وعُرِفَت سَرقاته، بل لا يزال يتمتع بإمتيازات رئيس الجمهورية وكافّة هيئة تشْريفاته! أيّ إستهتار بالشْعب، وأي مَكرٍ يلعبه هؤلاء لإجْهاض هذه الثورة!
4. المَجلس العَسْكريّ القائم لا يزالُ يَحفَظُ قانون الطَوارئ، بل ولا تزال عملاء الأمن ومخبريه – حسب شهود العيان -  يجوبون ميدان التحرير يتحدثون للمتواجدين ويأخذون معهم صوراً تذكارية! بل وضرب رجال الجيش اليوم المتظاهرين كما فعل إخوانهم من الشرطة من قبل! ولا تزال الإعتقالات قائمةً حَسب قانون الطوارئ القائم.
5. رئيس المَجلِس العَسْكريّ القَائم تقوم بينه وبين مُبارك شَراكات عَمل وعلاقات مَالٍ بأرْقام لا يُستهان بها.
6. المَجلس العَسْكريّ القائم سَمَحَ بهُروب صَفوت الشِريف في ضَوء النهار!
7. المَجلس العَسْكريّ القائم يقول الآن أنه "سيقف في وجه الفوضى"! اي فوضى يتحدث عنها هؤلاء؟ هي أي تظَاهرة تطلُب منهم إقامة مَجلس رئاسيّ وإلغاء قانون الطوارئ.
8. المجلس العسكريّ القائم أعلن أنّ عمر سليمان سيتولى منصباً هاماً وترشيح عماد اديب للإعلام!

لايزال النِظامُ قائماً قوياً مُسَيطِراً من خلال هذا المَجلس العَسْكريّ القائِم، وإن غَابَ رأسُه عن المشهد.

فإحذروا التفرق عن مواقعكم قبل أن تُحَصّلوا أهْدافِكم كَامِلة. ولا تنسَوا دماء شُهدائِكم الأبرار، لا تضيعوها ولا تهرقوها سدى فهى في رقابكم، تشهد على أدائكم، يوم يقوم الأشهاد.