فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أهيّ مَدنيّة لا عَسْكرية؟ .. أم مدنيّة لا دينية؟

      لا زلت في حِيرة من أمُرى حين أسْمَع مُصْطلح "المدنيّة" يتردّد هُنا وهُناك على ألسِنة العَديد، وعلى شَاشَات التليفِزيون من أنّ "جَمَاهير الثورة تُطالبُ بحِرية تكوين الأحزاب على أُسُسٍ مَدَنِية"؟ ما الذي تعنيه هذه الكَلِمَة؟ ما المَقصود منها؟

      هل المَدنيّة التي يعنيها الثوار تعنى أن يَرجعَ الجَيش إلى ثكَناته، ويؤسّس مَجلساً للحكم من مدنييّن دستوريين، تكون مهمته تكوين حكومة تصْريف أعمال نظيفة لا تمُت للنظام البَائد بصِلة، ثمّ يليها حلّ المَجَالس المُزيّفة، والتهيئة لإنتخاباتٍ جديدة؟

      أم المقصود بالمَدَنية أنها الّلادينية، وهو إسْتعمال خَاطئٌ لُغوياً أولاً، إذ مقابل الدينية هو الّلادِينية، لا المَدنية، ومقابل المَدَنية هو الهَمَجِية لُغَة ً أو العَسْكَرية إستعْمَالاً.

      الأمر، كما ذكرت في عَديدٍ من المقالات التي نشرتها عن مفاهيم التجديد والوسطية وغيرهما، أنّ تميِيع تلك المُصْطَلحات هو تمييعٌ مَقصودٌ لكَسب أنصارٍ ممن لا يتعمق المعنى الذي يحمله اللفظ، أو يفرّق بين مدلولات المراد بالألفاظ.

      الواجب أن لا ينسى شباب هذه الثورة أنّ نفسً المفهوم الديموقراطيّ يحتّم علينا أن نحترم دين الأغلبية المسلمة، وأن يعرف أنّ الله سبحانه سَيسْأل كلّ فردٍ من الناس عن إسهامه في ثورةٍ لم ترفع إسمه سبحانه في شعاراتها، ولا ضمّنت شريعته سبحانه في طلباتها، خضوعاً لمعطيات إجتماعية علمانية تمثل أقليّة، تريد أن تفرض أيديولوجيتها على الأغلبية. يجب أن يعلم أؤلئك الشباب الثائر أنهم موقوفون عند ربهم، وأنهم، بهذه الخطوات الجليلة التي إتخذوها، رفعوا سقف مسؤليتهم أمام الله سبحانه، فإن نسوه نسيهم، وإن رفعوا دينه وأيدوا شرعه أيدهم " َـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ "محمد 7.

      الإسلام يَعلو على كلّ ما عداه. الإسلام هو المَدنية والحَضارة بمعناهما الواسِع الأعمّ. الإسلام هو الذي يضمن حقوق الأقليات لا العلمانية المبطنة بتعبير المدنية. صلاتكم في التحرير، ودعاؤكم من القلوب، حين عز من يجيب إلا الله، هو ما جعل حلمكم حقيقة وخيالكم تحقيقا. فلا تديروا ظهوركم اليوم لربكم وإلهكم، فإن النصر هو نصر الله، وإن الكلمة هي كلمته.

      ها أنتم قد مَنَحْتم لَقَب الشهداء على من سَقطوا في المَيدان، فهم قتلوا إذن في سَبيل الله لا في سبيل العلمانية اللادينية. وها أنتم قد مُنَحْتم فرصة العمر لتموتوا في سبيل الله، أو لتحيوا بإحياء كلمته "وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورًۭا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ "النور 40.

      لا تفتنوا عن دينكم تحت أي شعارٍ، ولا تنخلعوا من هويتكم خلف أي إدعاء، فقد والله رأيتم آيات الله تعمل أمامكم، وتحرّكَكم وتنصُركم، وليس الغضُّ عنها إلا خسارة الدنيا والآخرة "وَإِن تَتَوَلَّوْا۟ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓا۟ أَمْثَـٰلَكُم"محمد 26.