فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أمر النجاشي وإسلامه

      ????ردّ موجزٌ على سؤال أحد الأبناء عن أمر النجاشي وإسلامه، وما يدعيه مرجئة العصر الحديث من أن الحاكم له أن يحكم بغير الشريعة إن عجز عن تطبيقها!!!

      ---------------------------------

      ✍️الأصل هنا هو

      1: أن الهجرتين إلى الحبشة وقعتا في مكة، السنة الخامسة، وبعدها، وقبل الإسراء والمعراج. أي قبل أي شرائع من الله تعالى، حتى الصلاة لم تكن قد قُرضت.

      2. أن النجاشي أيامها وهو أصحمة، كان قد أسلم وحده مع جمع صغير ممن حوله، وكانت الغالبية القاهرة من النصارى، فكان الأمر مستحيلا أن يطبق أي شيء من الأحكام التي تخالف دين القوم. وهو عكس الحال اليوم، حيث الحاكم ومن حوله من الكفرة، والغالبية من الشعب هي المسلمة! 

      3. لم تكن وسائل التواصل متاحة في ذاك العصر، فوصول تفاصيل الأحكام المدينة لم يكن باليسر الذي يتخيله البعض.

      4. وهو الأهم: أن "النجاشي" هو لقب ملك الحبشة زمانها، يتلقب به كل من يتولى المُلك. ونجاشي الهجرة "أصحمة" لم يبق في الحكم حتى مات، بل غيَّره قومه، فلم يكن هو من أرسل إليه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم رسالة يدعوه إلى التوحيد، مع الرسائل التي ارسلها لكافة الملوك سنة سبع من الهجرة. والدليل في صحيح مسلم ، قال ابن القيم في زاد المعاد : وقد جاء ذلك مبيناً في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى النجاشي وليس بالذي صلى عليه" زاد المعاد" جـ3 ص 60 ، 61.

      5. أن إسلام النجاشي أصحمة في زمن الهجرة الأولى ليس بثابت، بل هو في رواية ابن اسحاق عن جعفر ابن محمد، لعله في أول الهجرة. وهو في معناه مواطئ لحديث أم سلمة عن لقاء النجاشي أصحمة بمندوب قريش عمرو بن العاص ومندوب الحبيب المصطفى، جعفر بن أبي طالب (بعد غزوة بدر، لاحظ!) وليس زمن الهجرة من مكة، وهذا الحديث ليس فيه أية إشارة لإسلام النجاشي! بل فيه أنه قال : فبَكى -واللهِ- النَّجاشيُّ، حتى أخضَلَ لِحيَتَه، وبكَتْ أساقِفَتُه حتى أخضَلوا مَصاحفَهم، ثُمَّ قال: إنَّ هذا الكَلامَ ليَخرُجُ مِن المِشكاةِ التي جاء بها موسى، انطَلِقوا راشدينَ، لا واللهِ، لا أرُدُّهم عليكم، ولا أنعَمُكم عَينًا. فخرَجا مِن عندِه" صحيح أخرجه أحمد والبيهقي وأي نعيم وابن خزيمة.

      ????وكما هو واضح، ليس فيه إلا أن النجاشي وأساقفته كلهم بكوا، وقالوا هذا وإنجيلنا من مشكاة واحدة، وأن النجاشي لن يُسلم المهاجرين لوفد قريش. فليس فيه إشارة لإسلامه وقتها. وتجده في "القرطبي" جـ6/255 كما رواه ابي داود.

      هذا حتى زمن غزوة بدر.

      6. ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي مرتين، وفي الثانية منهما يقول النجاشي في رده على الحبيب المصطفى، لما دعاه عمرو بن أبي ضمرة للحفاظ على عهده بحماية المهاجرين :

      ".. وبعث بالكتاب مع عمرو بن أمية الضمري ، فقال ابن اسحق إن عمراً قال له: يا أصحمة إن علي القول وعليك الاستماع ، إنك كأنك في الرقة علينا ، وكأنا في الثقة بك منك ، لأنا لم نظن بك خيراً قط إلا نلناه ، ولم نخفك على شئ قط إلا أمناه ، وقد أخذنا الحجة عليك من فيك ، الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد ، وقاض لا يجور ، وفي ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل ، وإلا فأنت في هذا النبي الأمي ، كاليهود في عيسى ابن مريم . وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم رسله إلى الناس ، فرجاك لما لم يرجهم له ، وأمنك على ما أخافهم عليه ، بخير سالف وأجر ينتظر ، فقال النجاشي: أشهد بالله أنه النبي الأمي الذي ينتظره أهل الكتاب ، وأن بشارة موسى براكب الحمار ، كبشارة عيسى براكب الجمل ، وأن العيان ليس بأشفى من الخبر ."

      ويقول في رده على الرسول صلى الله عليه وسلم: "أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله ، فيما ذكرت من أمر عيسي ، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت تفروقاً( ) ، إنه كما ذكرت وقد عرفنا ما بعث به إلينا ، وقد عرفنا ابن عمك وأصحابك ، فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقاً وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين. زاد المعاد ج3 ص

      6 وهذا في زمن الخندق ..

      ????إذن فالثابت من إسلام النجاشي أنه حدث بين زمن بدر وزمن الخندق. لا عند الهجرة الأولى مثل ما يتوهم من يعتمد على لفظ قصة ابن اسحاق عن جعفر بن محمد، دون تثبت. 7. أن النجاشي وقتها، كان قد منع إرسال الجزية إلى هرقل كما هو ثابت في كتابه صلى الله عليه وسلم إلى ملك عمان: "ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي؟ قلت: بلى. قال: بأي شئ علمت ذلك؟ قلت: كان النجاشي يخرج له خرجاً ، فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم قال: لا والله لو سألني درهماً واحداً ما أعطيته. فبلغ هرقل قوله فقال له النياق أخوه: أتدع عبدك لا يخرج لك خرجاً ويدين بدين غيرك ديناً محدثاً به. قال هرقل: رجل رغب في دين فاختاره لنفسه ، ما أصنع به ، والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع" زاد المعاد ج3 ص62.

      فالواجب في هذا الأمر التثبت من الشخصيات ومن زمن الوقائع .. راجع كتاب العبد الفقير "حقيقة الإيمان" الفصل الثالث ردود على شبهات مرجئة العصر الحديث.

      7. ثم ما وجه المقارنة بين النجاشي وبين مرتدي الحكام اليوم!؟ هم يمنعون الشريعة عمداً ويحاربون دعاتها ويسجنوهم ويقتلوهم، ولا يرحبون بهم ويمنعون عنهم الأذى كما فعل النجاشي، سواء كلن مسلما أو كافراً !! ثم من قال إنهم غير قادرين على تطبيق الشريعة، سبحان الله، وما يمنعهم ومعهم الجيوش والعتاد والمال، وتسليم أقوامهم لهم؟

      ????هذا والله كفر بواح، لمن استمر في اتخاذ تلك الأعذار لتصحيح مذاهب هؤلاء المرتدين!

      طارق عبد الحليم

      14 سبتمبر 2025 22 ربيع أول 1447