المُصِيبَةُ الَّتِي تُعَانِي مِنْهَا غَزَّةُ، وَالَّتِي نَتِيجَتُهَا القَتْلُ وَالمَوْتُ جُوعًا وَالتَّدْمِيرُ الكَامِلُ وَإِنْهَاءُ شَعْبٍ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِ، لَيْسَتْ فِي تَصَرُّفِ بَنِي صَهْيُونَ، فَإِنَّ لِهَؤُلَاءِ دَوْرًا مَرْسُومًا وَتَارِيخًا مَعْرُوفًا فِي مُهِمَّةِ القَضَاءِ عَلَى البَشَرِيَّةِ جَمِيعًا، بِكُلِّ وَسِيلَةٍ مُتَاحَةٍ، وَعَلَى رَأْسِ أَعْدَائِهِمُ، المُسْلِمُونَ، وَخَاصَّةً أَهْلُ فِلَسْطِين.
بَلِ المُصِيبَةُ فِي تَصَرُّفِ مَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَ المُسْلِمِينَ فِي بِلَادِهِمْ، وَأَمْرَ الفِلَسْطِينِيِّينَ فِي غَزَّةَ خَاصَّةً وَفِي الضِّفَّةِ.
انْظُرُوا، رَحِمَكُمُ اللَّهُ، إِلَى تَصَرُّفِ "حَمَاس"، حَرَكَةِ يَاسِين، تُفَاوِضُ يَهُودًا كَأَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى فَرْضِ أَيِّ شَيْءٍ، عَلَى الإِطْلَاقِ، عَلَى دَوْلَةِ الكِيَان! تَرْفُضُ مُقْتَرَحَاتٍ، أَوْ تُقَدِّمُ تَعْدِيلَاتٍ، لِأَيِّ سَبَبٍ تَرَاهُ، سَوَاءً لِمَصْلَحَةِ أَهْلِ غَزَّةَ الَّذِينَ دَمَّرَتْهُم بِالكَامِلِ بِتَصَرُّفِهَا الأَرْعَنِ فِي ٧ أُكْتُوبَر، أَوْ لِمَصْلَحَتِهَا كَحَرَكَةٍ تُرِيدُ بَقَاءَ دَوْرٍ لَهَا تَظَلُّ حَيَّةً، لا نَدْرِي لِأَيِّ غَرَضٍ أَوْ سَبَبٍ بَعْدَ دِمَارِ القِطَاع!
مَاذَا يَعْنِي عَدَمُ التَّوْقِيعِ عَلَى مُقْتَرَحَاتٍ كَانَ مِنَ المُمْكِنِ أَنْ تُنْقِذَ عَشَرَاتِ الأُلُوفِ مِنْ مَوْتٍ مُذِلٍّ، مُنْذُ شُهُورٍ عَدِيدَةٍ!؟ أَلِحَمَاسِ قُوَّةٌ لِتُطَالِبَ بِأَيِّ شَيْءٍ؟ سِلَاحُهَا عِدَّةُ رَهَائِنَ وَجُثَثٌ قَالَتْ يَهُود...
أَيَكُونُ عَاقِلًا رَاشِدًا مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ مِثْلَ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ هِيَ "مَصْلَحَةٌ وَمُقَاوَمَةٌ وَبُطُولَةٌ وَعَدَمُ اسْتِسْلَامٍ"!؟
لَا وَرَبِّ الكَعْبَةِ، بَلْ قَوَّادِي حَمَاس، وَمَنْ يَرَاهُمْ عَلَى حَقٍّ فِيمَا فَعَلُوا، وَفِيمَا لَا يَزَالُونَ يَفْعَلُونَ، كَارِثَةٌ عَلَى أُمَّةِ المُسْلِمِينَ فِي غَزَّة!
يَا غَازِيَ السُّوءِ: أَيُّ شُرُوطٍ كَانَتْ سَيِّئَةً وَجَعَلْتُمُ الاِحْتِلَالَ يُقَدِّمُ أَفْضَلَ مِنْهَا؟!!
أَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ إِيقَافِ قَتْلِ الأَبْرِيَاءِ يَوْمًا وَاحِدًا؟
لَا، بَلْ يَمُوتُ كُلُّ يَوْمٍ عَشَرَاتٌ، رَغْمَ مَا يُسَمُّونَهُ "المُفَاوَضَات"!
أَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ إِطْعَامِ أَهْلِ غَزَّةَ الأَبْرِيَاءِ، الَّذِينَ يَرَوْنَ أَطْفَالَهُمْ وَهُمْ يَمُوتُونَ كُلَّ سَاعَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا حَالُهُمْ قَبْلَ أَشْهُرٍ قَلِيلَةٍ؟
لَا، بَلِ ازْدَادَ الجُوعُ وَالمَوْتُ جُوعًا كُلَّ يَوْمٍ، رَغْمَ مَا يُسَمُّونَهُ "المُفَاوَضَات"!
أَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ إِخْرَاجِ يَهُودٍ مِنْ غَزَّةَ؟!
لَا، بَلْ يَهُودٌ تَزِيدُ مِنْ مَسَاحَةِ سَيْطَرَتِهَا كُلَّ يَوْمٍ، وَلَا تُعَانِي إِلَّا مِنْ هَلَاكِ جُنْدِيٍّ هُنَا أَوِ اثْنَيْنِ هُنَاكَ، رَغْمَ مَا يُسَمُّونَهُ "المُفَاوَضَات"!
أَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ "تَحْرِيرِ القُدْسِ"، أَوْ "رَفْعِ الحِصَارِ"، أَوْ "بِنَاءِ مِينَاءٍ وَمَطَارٍ"!؟
لَا، بَلْ فَقَدُوا غَزَّةَ كُلَّهَا، وَصَارَ الحِصَارُ دَائِمًا، بِسَبَبِ اسْتِحْمَارِ كِلَابِهِمُ الهَلْكَى كَالسِّنْوَارِ وَهَنِيَّةَ وَالضَّيْفِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الخَيَابَى، رَغْمَ مَا يُسَمُّونَهُ "المُفَاوَضَات"!
مَاذَا جَنَى الفِلَسْطِينِيُّونَ مِنْ كُلِّ هَذَا؟ إِلَّا تَقْرِيظَ بَعْضِ مَخَابِيلِ النَّتِ وَتَأْيِيدَ مَوَاجِيعِ الرَّوَافِضِ فِي الجَزِيرَةِ؟!
لَا شَيْءَ عَلَى الإِطْلَاقِ، إِلَّا المَوْتَ وَالخَرَابَ وَانْتِهَاءَ مُقَاوَمَةٍ مَرِيضَةٍ ذَلِيلَةٍ، عِلْمَانِيَّةٍ رَافِضِيَّةِ الهَوَى... وَالحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى.
لَكِنْ، كَمَا قال تَعَالَى:
"فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ" [المائدة]
نَعَم، مَنْ يُعْرِضُ عَنْ شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى سَبْعَةَ عَشَرَ عَامًا مِنَ الحُكْمِ، وَيَتَحَدَّثُ بِالوَطَنِيَّةِ العِلْمَانِيَّةِ، وَيَجْعَلُ فِلَسْطِين الأَرْضَ هِيَ الدِّينَ وَالإِسْلَامَ، وَيُنَكِّلُ بِالمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يُعَارِضُونَهُ، وَيُوَالِي وَيَمْدَحُ أَهْلَ الشِّرْكِ مِنَ الفُرْسِ الرَّوَافِضِ وَيَجْعَلُ هَلْكاهُمْ، مِنْ قَاتِلِي المُسْلِمِينَ السُّنَّةِ مِثْلِ نَصْرِ اللَّاتِ زُمَيْرَةَ وَسُلَيْمَانِي وَغَيْرِهِمْ، شُهَدَاءَ، لَهُوَ مِنَ المُرْتَدِّينَ الَّذِينَ خَاطَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَةِ المَائِدَةِ.
لَكِنْ، هَذَا قَدَرُ المُسْلِمِينَ فِي عَصْرِ الذُّلِّ وَالصِّغَارِ، لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَسْتَبْدِلَ أَهْلَهُ وَيَأْتِيَ بِخَيْرٍ مِنْهُمْ... آمِينَ.
طارق عبد الحليم
28-7-2025
2-2-1447
حمد غازي