قضية فلسطين هي قضية شرعية في أصلها، لا قضية وطنية، ولا قضية عربية. بل قضية إسلامية، تحميها معطيات الشريعة وحدها. فمن تعامل معها من منطلق قومي أو وطني بحت، فليس من ديننا في شيء.
ومن أراد أن يتخذ وسيلة غير مشروعة ليصل إلى غرض مشروع فهو مردود عليه، فالوسائل في ديننا لها حكم المقاصد!
الوسيلة الحرام، حرام، ولو أوصلت للمقصد الواجب!
فلا يحل الزنا لاستمرار العقب!
ولا يحل الربا لاكتساب الثروة!
والضرورة مفهوم هو في أعلى درجات الحاجة، أي أن المضطر محتاج للفعل احتياجا ملجئا لحدّ الاضطرار، حتى ينقذ نفسه أو ولده أو ماله أو عرضه من خطر آنٍ حالٍ ماحقٍ.
والضرورة تقدر بقدرها. بمعنى أن المضطر لفعل حرام، لا يجوز له التعدي في الاستعمال، إلا بما يحتاج، فلو اضطر لشرب خمر وجدها في الصحراء لم يجز له إلا بلّ ريقه، ولو وجد منه صناديقا!
-----------------
وبناء على هذا التقعيد، فلننظر إلى ما اقترفت حماس.
فأولا، استمرت في الحكم 17 عاما، لم تعلن فيه سيادة الشريعة في أرض غزة، أبداً، بل العكس، أعلنت إيمانها بالديموقراطية والبرلمانية الغربية، والقانون الدولي ووصاية الأمم المتحدة، ولم تعمل داخلياً على ضبط الانحدار الخلقي وانتشار بعض الفواحش.
واعتذروا لذلك بحرصهم على ألا تكون صورتهم أمام العالم "ارهابيون متطرفون"!
ويا حسرة على العباد! هل نفعهم هذا الاحتجاج وتلك الصورة التي حرصوا عليها !!
ثانيا: قالوا إن العرب قد خانوا وغدروا وطرحوا قضية فلسطين.
ونعم، كفر حكام العرب قاطبة لا نستثني منهم أحدا، وارتدوا ردة صريحة جليّة.
لكن ردتهم تلك، مع ردة جيوشهم ومؤسساتهم، لم تنعكس فقط على قضية فلسطين. فقضية فلسطين، أولا وأخيرا، ليست محور الكون ولا عمود الإسلام!
بل انعكست على كافة الرقعة العربية، وعلى شعوبها، بين ضياع ثروات وبيع أصول وخراب شباب وإلحاد أجيال .. والله المستعان!
فهل يبرر ذلك أن تلجأ حماس لعدو الأمة الأول والأصيل، الفرس المجوس الروافض، ليعينهم على قتال عدوهم، وتحرير أرضهم!؟
في الوقت الذي تقوم فيه الصفوية الرافضية الجديدة، بأخبث دور علني، في اجتياح لبنان واليمن والعراق والشام، وقتل مئات الآلاف من أهل السنة، وتغيير ديمغرافية البلاد، ونشر دينهم الخبيث، وتهجير المسلمين. فإذا بذكاء قادة حماس يهديهم إلى أن الجزرة التي يلوح لهم بها الروافض، فيها الفيتامينات التي ستقوي الجسد الفلسطيني لطرد الفيروس الصهيوـ& .. !! وأي ذكاء وألمعية هذه!
الوسيلة المحرمة لا تحل، إلا إن كانت وسيلة مؤقتة ومعروفة مضمونة للإنجاء من الموت الأكيد العاجل. فأين هذا في حالة حماس والروافض! فالخمر وسيلة إرواء العطش بلا جدال، بغض النظر عن تحريمها. والخنزير يطفئ الجوع رغم خبث لحمه بلا جدال.
لكن ما بال الروافض!
هؤلاء ليسوا وسيلة مضمونة لأي شيء إلا للأذى المحض، والمكر والخديعة والإضرار!
هم أعداء المسلمين منذ أربعة عشر قرنا، لم نر حتى من اليهو** عداء لنا مثلهم أبداً .. والتاريخ قائم يشهد.
الضرورة التي يتحججون بها غير قائمة، إذ هم، رغم البلاء والشقاء والطغيان، لا يزالون في قطاعهم كيان صغير محافظ على تماسكه، حتى يأذن الله بتغير الصورة العامة، وسقوط الدولة الرافضية فتنفتح سوريا عليهم بحكم اسلامي مثلا، أو أن تنجو مصر من كفر السيسي، أو أن تقع آل سلول من عرش الجزيرة، ويولد فيها رجال حق!
لكن أن يستعين المرء بعدوه الأول، غير المضمون أثرا ومفعولا، بل المضمون ضرره، لتحقيق أرب قومي وطني، مع قبول الحكم العلماني الديموقراطي والخضوع للوصاية الدولية والرأي العام العالمي كما يسمونه! فهذا لا تكون نتيجته إلا ما نرى من نتيجة، ويا أسوأها من نتيجة!
اغتيال القادة، تمزيق الأهالي، تدمير غزة ..
والروافض يطبلون ويزمرون لألعاب نارية يطلقها الخونة الحوثية وحسن زميرة في الشمال!
ثم أمر آخر يضاف هنا:
هب أن لهم أن يأخذوا السلام من إيران، فماهو سبب التوسع في استعمال المحرم؟
ما الداعي إلى تسمية هلكاهم "شهداء القدس" وأبطالا وإخوانا؟!
ما فائدة تهنئتهم بأعيادهم ومناسباتهم، ورؤوسائهم؟!
أليس في هذا نشر لمحرمات هم من يقوم عليها؟
أيحلُ لمن عطش في الصحراء، ووجد زجاجة خمرٍ أن يشرب حتى الثمالة، ثم، يحمل معه منها ليبيعه لغيره؟!
ما هذا الفقه الكفري الشريد عن الشريعة .؟!