الناس اليوم منقسمون بين نظرين:
نظر يقول إن ما أقدمت عليه خماس، هو عمل بطولي بكل المقاييس، من حيث
أن الصمت على جرائم الاحتلال في العقود الثمانية، التي هي عمر الكيان، يجب أن تواجه بأي شكلٍ،
وأن مقاومة الفنادق لن تجدي نفعا،
وأن الثمن الذي يدفعه أهل غزة اليوم، وأهل الضفة بدرجة ما، هو ثمن عادل لنصرة القضية.
وهؤلاء يتحدثون عن النصر بمعنى:
إحياء القضية في العالم، وإحداث تغيير في وجهة نظر البعض في الغرب،
وتحقيق مشاكل في الداخل المحتل،
وإصابة الجيش المحتل بخسائر مادية وبشرية.
الانتقام لكل من استشهد بإذن ربه في السنوات الماضية كلها.
=========================
ونظر يقول إن العملية كلها خطأ استراتيجي فظيع، يجب محاسبة قيادة خماس عليه بالإعدام، من حيث
أن النتيجة والمحصلة لا تتناسبا مع عشر معشار التضحية المبذولة. فكيف يتناسب استشهاد خمسة وعشرون ألف شهيدٍ بإذن ربهم، ثلثهم من الأطفال، وهدم قطاع غزة وتسويته بالتراب، وتهجير مليوني غزويّ بلا مأوى ولا طعام ولا شراب ولا علاج، وحصارهم من كل جهة، دون أي أمل في أي تحرك لوقف استمرار هذا النهج من الإبادة، ووقوع الكثير من أنفاق المقاومة في يد العدو ومن ورائه احتياطي العالم كله من السلاح، حتى مع بقية المقاومة التي تتبادل النار مع العدو، كيف يتناسب هذا مع انتصارات معنوية، لم تؤدي لأي حركة على الأرض؟!
وواضح أن هؤلاء، أصحاب الرأي الثاني، يفهمون النصر وصحة القرار بالتقارب بين التضحية والنتيجة، لا بهذا التفاوت الهائل، وأن الخطأ الفادح وقع نتيجة تصديق المقاومة لوعود الروافض، الذين استغفلوهم وأوقعوهم في فخٍ يستفيد منه الروافض بانشغال الكيان عن محاولة ضربهم، التي كانت فرصه تتصاعد بشدة قبيل السابع من أكتوبر.
ويتساءل أصحاب الرأي الثاني، إن كنا نتحدث عن عدم تحقيق العدو لأي من أهدافه التي وضعها، فبنفس المقياس:
هل يمكن لقادة خماس أن يبينوا ماذا كان هدفهم في تلك العملية؟
ماذا أرادوا بها؟ هل أرادوا إشعال تلك المجزرة مثلا؟ هل توقعوا أن يبكي الكيان ويكتفي بضربة هنا أو هناك؟
هل كان ذلك خطأ استراتيجي هائل في تقدير العواقب؟
هل أضاعوا جهد سنين في بناية الأنفاق والتحصينات، بعملية متسرعة؟
ماذا كانت أهدافهم بالضبط، التي لم يعلن عنها بالمرة إلى اليوم؟
هل كانت مجرد الانتقام دون مبالاة بالنتيجة؟!
هل النصر المعنوي، الذي يتحدث عنه الفريق الأول كاف لتبرير العملية؟
وهل الصمت، وانتظار العون الحقيقي المادي، لا الرافضي الكاذب، كان أولى من هذا التوقيت؟
أم إن استمرار الصمت لا يقدم شيئا للقضية، وهذا التوقيت مثله مثل غيره؟
=============================
الأمر متروك لأصحاب النظر والعلم لإبداء الرأي الأصوب!
لكن، تعليقي الوحيد هنا هو أن خدعة الروافض (وهي مؤكدة لا شك فيها)، ووقوع المقاومة في شراكهم، هي العامل الأول والأصل في الحكم على الفعل هنا، دون شك.
اللهم انصر أهل غزة بحولك وقوتك، فقد تخلى عنهم القريب والبعيد، ولم يعد إلا الكلمات والصيحات والصراخات التي لا تغير واقعا على الأرض عون لهم، فأغثهم بغوثك واشملهم برحمتك، واختر لهم، إما الحياة الكريمة، وإما الشهادة وجوارك الكريم
د طارق عبد الحليم
18 يناير 2024 – 6 رجب 1445