(1)
اختلط في أذهان الكثير من المتابعين لأزمة غزة الحبيبة، والمحللين على السواء، أمران:
أولهما، أمر استمرار المقاومة في التصدي لجيش الصها.ينة وإثخانهم، بطريقة فعالة جديرة بالإعجاب والمباركة.
والثاني: الكارثة الساحقة الماحقة والمذبحة الشنيعة التي يتعرض لها شعب غزة بشكل يومي لم يتوقف منذ 7 أكتوبر، بمعدل 300 شهيد بإذن ربه كل يوم، كل يوم!
أما الأمر الأول، فلا نشك في أنه يمكن أن يستمر لشهور قادمة إن شاء الله، بشكل أو بآخر، حتى لو تم تفريغ غزة كلها من أهلها.
أما الثاني، فهو الأمر الذي لا يمكن، ولا يُتصور أو يُعقل استمراره، بهذا الشكل. فإنه خارج استطاعة أهل غزة أن يتصدوا لما يجري. بل إن كلمة "التصدي" في حقهم لا تعني شيئا! فهو لا يتصدون حقا، هم يقتلون لا غير! هذه هي الحقيقة، إذ كيف يتصدون لقنابل وصواريخ تتساقط على رؤوسهم! ولا يجب أبدا الخلط بين هذا الأمر وبين عدد دبابات ميركافا التي يخربها المقاومون كل يوم!
إذن، مسألة تهجيرهم، أو أغلبهم إلى داخل مصر، هو أمرٌ، أظنه في هذه المرحلة، سيتم على وجه القطع، إذ ليس لهم مفر، أمام صواريخ تتساقط عليهم من السماء، وتجويع من المعبر المغلق في وجوههم على الأرض، إلا عبور المعبر. ولا ألومهم على هذا أبداً.
=====================
(2)
إن تصفية القضية الفلسطينية، لها وجهان:
الأول: التصفية المعنوية، بمعنى القضاء على الفكرة في حد ذاتها، وإخراجها من عقول وقلوب عشرات الملايين من المسلمين، ولا أقول بلايين، لأن الكثير منهم لا يهتمون بشيء من أمر دينهم أصلاً. فهذ الغرض لن يتم بحال من الأحوال، خاصة الجيل الفلسطيني والعربي الحالي الذي عاش أو شهد ما يحدث في غزة والضفة.
الثاني، هو التصفية المادية المؤقتة، فهذه في أكبر ظني هي ما ستحدث في وقتنا هذا في العام القادم، 2024، عن طريق الخيانة العظمى لابن اليهو.دية السيسي وعبد اللات ملك الأردن، قزمي العرب، ورأس دويلة الخيمة الواحدة إبليس (لوسيفار) العرب ابن زايد، وسفيه العرب ابن سلمان. وبترتيب أمريكا، الشيطان الأكبر، ومعها بقية حكومات الغرب الصهيو.نية.
وهذه التصفية تعني أنقاص الكثافة الفلسطينية إلى النصف، على أرض فلسطين، مع تحطيم البقية اجتماعيا وثقافيا، واتخاذهم عبيدا أو أقل من العبيد.
====================
(3)
هذه خلاصة ما يجري أمام أعيننا، بلا كثير تحليل أو استشراف. أما ما عدا ذلك، مما يقدمه المحللون، فكريا أو عسكريا، فهو ضباب لا فائدة فيه إلا التشويش غير المقصود حينا، والمقصود أحيانا، على حقيقة الصورة على أرض الواقع.
أمر "الانتصار" بمعنى تحرير فلسطين، هو حقيقة ستقع بلا محالة، لكن الله سبحانه له سنن لا تُحابي أحدا، كما بيّن لها في القرآن، حين ظن بنو إسرائيل أن لهم خاصية عند الله تعالى، فأنكر عليهم لعظم ذنوبهم.
والمسلمون كذلك اليوم، ليس لهم خاصية عند الله تعالى. كما ورد "عن حذيفة في قوله: " ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون "، قال: نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل، إن كانت لكم كل حُلْوة، ولهم كل مُرَّة!! ولتسلُكُنَّ طريقَهم قِدَى الشِّراك"الطبري.
فالمسلمون قد تركوا سنام الإسلام، وتورطوا بل وأوغلوا في الحرام، وكثر فيهم الخبث بل عمّ وطمّ، وقبلوا بالدون، واستحبوا الدنيا على الآخرة، ورضوا بالطواغيت، وأنكروا على المصلحين فيهم، وغلف الجبن قلوبهم، وضاعت فيهم الرجولة والمروءة والكرامة. فحق عليهم أن يُستبدلوا، ويكون "الانتصار" على أيدي غيرهم، بلا محالة.
طارق عبد الحليم
30 ديسمبر 2023 - 17 جمادي الثاني 1445