قضية اليوم الكبرى .. قضية الإسلام!
نعم، واجب الوقت اليوم هو الحديث عن غزة وما يجري من تدميرها وقتل شعبها عن بكرة أبيهم، وتهجير من قد يبقى منهم..
لكن هذا الذي نكتبه اليوم، هو العمود الفقري لأزمة غزة، وغيرها من أزمات الرقعة الإسلامية حول العالم كله.
نحن استودعنا غزة لله العلي الرحيم. فلا أحسب أن أحدا يستطيع اليوم أن يفعل لأهلها شيئا إلا الدعاء. فقد خذلها من يتسمون بأسماء المسلمين، حكومات وشعوبا، كل بطريقته، والنتيجة واحدة، الخذلان!
أحسب أن أمر غزة يسير حسب السنن الإلهية التي لا تتخلف، حينيترك الناس الجهاد، ويقبلوا بالشكفر العام الشامل، يحكمهم. ولا يُقال أهل غزة يقاتل فريق منهم! فإن أمر السنن في حياة البشر أوسع وأعمق وأبعد أثرا وأشمل رقعة من "غزة"! بل يعود ذلك قرونا، ويتسع على مساحة العالم الإسلامي كله.
من الضروري أن ينتبه الناس إلى أن حكم ديارهم التي يعيشون فيها، ويقنعهم أحبارهم ورهبانهم، وكلاب دعاتهم، من الإخوان والمداخلة وأذناب السلاطين وغيرهم، إنها ديار إسلام! هي "ديار كفر" في كافة مذاهب المسلمين، شافعية وحنفية ومالكية وحنبلية. نعم، هي ديار كفر في التوصيف الفقهي لها.
فعلى المذاهب الأربعة كلها، لا توصف دار الإسلام إلا تلك التي تعلوها أحكام الشريعة، فإن علتها غيرها، فهي دار كفر أو دار حرب أو عهد حسب الحالة "راجع كتابنا ضوابط في السياسة الشرعية بالتفصيل ص23 وبعدها https://tariq-abdelhaleem.net/ar/post/73337". فالديار التي يعيش عليها المليار ونصف، المنتسبين للإسلام اليوم هي "ديار كفر" بإجماع علماء السلف والخلف، اللهم إلا ما جد في أفغانستان، لا غيرها!
الأمر هو أمر هجرٍ عام تام لأحكام الله تعالى، أعلنه المنتسبون للإسلام، أول ما أعلنوه، في تركيا الأتاتوركية العلمانية الكافرة، وحمل لواء ذلك الكفر أردوغان، في العشرين عاما الماضية حتى يومنا هذا.
وكان من نتيجة ذلك انهيار لديار الأسلام، واختفائها من على خريطة العالم، وحلول ديار الكفر المجزأة المقسمة بدلا عنها، هو ذهاب الشوكة، وضياع البوصلة وانهيار العقيدة، وغياب معنى التوحيد، من الولاء والبراء وحاكمية الشريعة العليا، حتى اعتبر الناس، غالبهم الأعم، أن الحكام مسلمون بالفعل، من أردوغان إلى السيسي وابن زايد وابن سلمان وغيرهم بلا استثناء! مخالفين لكل أركان التوحيد في دين الإسلام الذي نزل به الحبيب المصطفى ، لا ذلك الدين المشوه المعوج الذي روجت لهع الإخوان والمرجئة وصوفية تركيا وغيرها في بلاد المسلمين.
لكن، هل هذا يعني أن كل من يعيش في ديار الكفر كافراً؟!
معاذ الله .. هذا ما تقوله الخوارج وداعشا لعنهم الله.
بل يعيش في ديار الإسلام التي تحولت منذ سقوط الخلافة، إلى ديار كفر، مسلمون موحدون، وعوام مخلطون لا يُعرف لهم هوية، كفار مشركون من علمانيين وإعلاميين رسميين وجيوش وسياسيين ديموقراطيين وأصحاب أحزاب راضية بالحكم الوضعي، تؤمن "بالمشاركة لا المغالبة" أي "الشرك لا الجهاد" في ترجمتها العربية!
الواجب اليوم، إذ نحن في مواجهة صريحة مع حقيقة أوضاعنا الإسلامية، وفي اختبار وفتنة أرادها الله لتفتح عيون من يريد الله لهم النجاة في الأجيال القادمة، أن نبدأ في فهم صلب المشكلة وحقية المأساة وحجمها! فهي مأساة تحول الرقعة الإسلامية إلى رقعة كفرية يعيش عليها جمع من المسلمين، لا غير!
أراد الله كشف هذه الحقيقة، التي وضحت اليوم، على حساب أهل غزة، كأشد ما يكون الوضوح، في تصرفات السيسي وحكام الخليج وتركيا وغيرها من الممزقات الإسلامية، وهي الخيانة والبراء من المسلمين وولاء الكافرين، فعلا عند الغالب وقولا وفعلا عند البعض!
فعلى الدعاة اليوم، ترشيد العوام إلى الخطر الحقيقي الذي يواجهونه، خطر الدنيا الذي جعلهم جميعا كالحثالة المكنوسة الغثائية التي لا قيمة لها ولا اعتبار. وخطر الآخرة الذي سيدركههم حين يواجهون الحق الحق، لا ما يوهمه به دعاة الكذب والتدليس، أو ما تقنعه به أنفسهم الانبطاحية الخدّاعة الباحثة عن الراحة وادعة، وأساليب المقاطعة والصياح.
تلك هي مصيبة الساعة ومشكلة الساعة وواجب الساعة.
أما غزة، فلها الله وكفى!