فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      مسألة تطبيق الشريعة، بين الحق والباطل

      المشكلة الحقيقية وراء ما تعاني منه مصر، بل وعالمنا العربي كله، واحدة. وهي العدول عن الحكم بالشريعة، وردّ الشرع، مجتمعيا، والركون إلى القوانين الوضعية البشرية لتحكم بين الناس.

      أعلم ما سيقول الكثير ممن لم يتعمقوا في درس الشريعة ولا في درس التاريخ ولا القوانين الوضعية. إنما كلامهم وفكرهم نابع من مدخلات الواقع التي تمليها عليهم أبواق الإعلام بكافة صوره، والذي تضاعف أثره بعد انتشار وسائل التواصل.سيقولون: ما لكم تُدخلون الدين في كلّ شيء! الدين أمر خاص بالفرد يقيمه في حياته، أما اليوم، فنحن في عالم واقعيّ يعيش بضوابط ومعطيات وقوانين مختلفة، يجب علينا الخضوع لها، واحترامها، والعمل تحت مظلتها، لنكتسب حريتنا واستقلالنا!

      والمغالطة والخدعة والالتواء في هذا المنطق يكاد لا يحصيه أحدٌ من الدارسين للشريعة والتاريخ والقوانين الوضعية!

      فنحن هنا لا نتحدث بالعاطفة ولا بالهوى، ولا بالتمني والتشهي، بل بشواهد التاريخ ودلائل العقل ووقائع الماضي.

      وكاتب هذه السطور هو أستاذ حاصل على الدكتوراة في إدارة المشاريع من جامعة برمنجهام البريطانية. فهو دارس لطرق الإدارة ونظريات الاجتماع وللاقتصاد وكثير من علم النفس الجمعي، بحمد الله ومنته، عدا الدراسة التخصصية لعلوم الشريعة، كالأصول والفرق والعقيدة، دراسة أنتجت مجلدات من النتاج العلميّ، بلغ ثماني مجلدات ضخمة بحمد الله تعالى. خلاف ثلاثة أرباع قرن من العمر، وتجوال أكثر من أربعة وعشرين دولة، أضافت خبرة عملية تطبيقية، بفضل المولى عز وجلّ.

      ولم يدفعني لتدوين هذا إلا الرغبة في ألا يستخف قارئ بالكلام، من كثرة ما نرى اليوم من متطفلين ومتسلقين على جدران العلم، يلقون بآرائهم عفوا كأنهم يلقون خراج عقولهم كأنهم يلقون عَذِراتهم في المراحيض!

      فماذا عن تطبيق الشريعة

      حين نقول "تطبيق الشريعة في الحياة" فإننا نقصد أولا، أن تكون الشريعة هي المرجع الأول والأصلي والوحيد في أمور المجتمع، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بلا ثانٍ لها. وهذا، ببساطة، هو معنى "لا إله إلا الله". وأي انحراف عن هذا، بتلاعب في الكلمات، كأن يقال "المصذر الرئيس أو الأساس" هو مجرد شرك مُعلن لا مداورة فيه. وليس هنا محل شرح هذه الجملة فمحلها في كتب العقيدة.

      وحيث نقرر ذلك، فإننا ثانيا، نفرق بين حق التشريع الأصيل لله سبحانه، وبين التطبيق البشري الذي قد يخطأ ويصيب، قد يخرج عن الشرع في جزئية أو فرعية أو عمل "دون سنّه "تشريعا عاما". فالبشر خطاؤون. والهوى في كل نفس إلا من عصم الله. لذلك شُرعت الحدود والتعزيرات، وأحكام الجنايات والعقوبات صغيرها وكبيرها، وإلا فلم يكن هناك داع لها أصلا! فإن كان نظام الدولة قائم على هذا المبدأ، مبدأ سيادة التشريع، ثم وقعت مخالفات ومجازفات من الحاكم أو المسؤولين، فهذا لا يعني خروج الدولة على حكم الإسلام.

      ثم نقرر ثالثا، أن الشريعة ليست كلها مستخرجة من نصوص الكتاب والسنة، فالنصوص محدودة والوقائع غير محدودة. بل هناك طريقان آخران، أولهما استخراج القواعد الكلية من النصوص الثابتة، ليُحمل عليها، وهو باب عظيم في الاجتهاد، والثاني الاجتهاد بوسائله التي ثبتت في الشرع، لا حسب الهوى، مثل القياس والاستصحاب والمصلحة المرسلة وغيرها مما هو ثابت في علم الأصول.

      فإذا ذهبنا إلى الواقع، فإننا نرى أن النظم الوضعية البشرية، طوال عصور الوعي البشري، لم تُنتج نظاما ثابتا متكاملاً، يقود إلى التوازن الاجتماعي والاقتصادي والاجتماعي ويحقق العدل والرخاء جميعا، فهو إما رخاء بلا عدل، كحال الدول الغربية المستعمرة، والإمبراطوريات على مدى التاريخ، أو عدل (صوري) بلا رخاء، كما تدعي الدول الشيوعية كالصين، أو لا عدل ولا رخاء كما في الدول العربية الديكتاتورية، سواء الملكية أو الجمهورية، الجاحدة لشرع الله تعالى.

      ولا أحتاج لكثرة أدلة على خراب النظام الاقتصادي الربوي فقد دوَّن فيه كبار أبحاثا وألقوا محاضرات تبين أن هذا النظام اليهودي المنشأ هو سبب خراب الدول والأفراد معا.

      ثم ننظر إلى النهج الليبرالي الاجتماعي، فماذا نرى؟! النسوية، التي حطمت الأسرة في الغرب، وتكاد تسطو عليها في الشرق؟ الحرية الشخصية التي لا سقف لها، مما جعل الأبناء يحتقرون الآباء والمعلمين، ونشر الخمور والمخدرات وجعل أولاد الزنا نصف المجتمع؟ أم الديموقراطية التي ضمنت، بشكلها الخادع، السيطرة التامة على الأغلبية المُوجّهة بالإعلام الداخل تدخل تحت جناح الفئة القليلة المسيطرة من وراء الكواليس، بعد أن اتفقت على وجهين يخرجان بهما على الناس، للاختيار!!!؟

      أما عن الرخاء، في تلك البلاد، فقد بني على نهب شعوب الأرض، بالاستعمار والاستحمار!

      فهل هذه هي الحضارة التي نبتغيها؟ وهل هذا هو الواقع الذي نعيشه، وهل هذا ما نطالب ونحرص على اتباعه؟!

      ولا يزال العقل البشري يتقلب بين معطيات كلها يؤدي إلى خراب ما، ولم يصل بعد، إلا للانحدار بعد أكثر من خمسة قرون منذ عصر "التنوير" كما يسمونه!

      فإذا نظرنا إل الشريعة، التي هي ليست نظرية فلسفية مخزونة على الرفوف، وجدنا هيكلا متكامل الجوانب، يكمل بعضه بعضا، ويعاضد الجزء فيه الكلّ. فالاقتصاد مبني على رفض الربا، وعلى دعم المشاركة والمرابحة. والاجتماع مبني على مبدأ تقسيم العمل في الكيان الأسري، بقيادة الزوج، ومساواة الحقوق والواجبات بين الرجل والمرآة، كلّ في مجال عمله، دون خلط. والبشر كلهم سواء في عين المسلمين، لا أفضلية لأبيض على أسود، ولا لملون على أصفر ولا لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقرب إلى الله بتنفيذ أوامره. والأبناء مطالبون باحترام أهليهم وكبرائهم ومعلميهم. والعدل قائم فيه مرتبط بصحة العقيدة، ومحروس بالحدود والتعزيرات. والسياسة فيه قائمة على مبادئ العدل والحكمة واحترام الإنسان، حقا لا ادعاءً، وعلى توازن مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع، دون طغيان أحدهما على الآخر.

      هذا النظام الذي وصفنا، موجود قائم متاح، ليس خيالا ولا وهما ولا نظريات فارغة متفلسفة.

      فإذا نظرنا إلى الإمبراطورية الإسلامية تاريخيا، وجدنا أن تلك الدولة كانت في أوج قوة اندفاعها في عهد النبوة، على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام. وسارت بقوة تلك الدفعة الهائلة، ما لا يقل عن قرنين أو ثلاثة قرون، حتى ضمّت نصف العالم وقتئذ. وكانت تحترم وتشرع قوانينها كلها حسب النظام الرباني الشرعي. مع تجاوزات وهنات هنا وهناك.

      ثم ماذا حدث؟ بدأت الهنات والتجاوزات تتزايد وتتسع رقعتها، وبدأ انحراف التطبيق، لا التشريع، يتسع خرقه، مع تداول الدول المسلمة، علوا وهبوطا، يقترب في بعضها التطبيق مع الشرع، ويبتعد عنه في أحوال أخرى. لكن الهيكل العام لم يسقط أبدا بالإخلال بالمبدأ الأصيل، وهو اتباع الشريعة الغراء كميثاق ودستور وقانون.

      فمتى انهارت حضارة المسلمين، وسقطوا كلية في قاع الحمأة وتخلفوا عن البشرية جمعاء. يوم استبدل القانون الوضعي بالشرع الإسلامي، في القرن التاسع عشر وبداية العشرين عند سقوط الخلافة. منذ تابعنا الحضارة الغربية حذو القذة بالقذة. ومنذ ذلك الزمن، وتوالت المصائب والمحن تترى على بلادنا، دون توقف. وتكالب علينا الاستعمار كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها. وانهارت العملات، وخربت البلاد، وتخنثت الجيوش، وضاعت العهود، وقتل خلق كبير بلا داع، وضاعت ثروات وبيعت ممتلكات، والله المستعان.

      فهل ترى الفرق بيننا وبين الغرب الملحد؟

      شريعتنا متكاملة عملية حقيقية، طبقها الخلق قرونا، حسب قدرتهم، مع ما في البشر من آفات، يعالجها الشرع في أثناء السير. وقوانين الغرب وليدة، ناشئة على الدوام، لا يكتمل نضجها أبدا، بل يعتريها التغيير حسب العقل الحاكم، ولمصلحة جمع من الممولين المسيطرين من وراء الحجب. فهي شريعة وليدة أبدا!

      الأمر هنا، هو أن الشرع الإسلامي هو الأعلى والأعدل والأحكم والأدوم، عمليا، وتطبيقيا، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. فالأمر ليس مجرد أمر عقيدة يدافع عنها معتنقوها بعصبية لا عقل لها. بل الأمر هو أمر بحث واستقصاء لجدوى النظم كلها واكتمالها وقدرتها على اثبات في وجه المتغيرات دون أن تمسّ الأصول الراسخات.

      ✍️ الشرع فيه مصلحة الناس. 

      ✍️الشرع فيه مصلحة الناس.

      ✍️الشرع فيه حل مشكلة غلاء الأسعار

      ✍️الشرع فيه حل مشكلة الاعتقال والقتل

      ✍️الشرع فيه حل مصيبة السيسي وتوابعه وأمثاله

      ✍️الشرع فيه رد المظلوميات والحقوق لأصحابها

      ✍️الشرع فيه مواجهة الاستعمار الاقتصادي والفسق الاجتماعي

      ✍️الشرع فيه إقامة الأسرة المتماسكة واحترام الكبير وصيانة المرأة

      ✍️الشرع فيه بناء المصانع وتطوير التعليم واحترام نظم الإدارة

      لكن هذا "لقوم يعقلون"