فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      العلاقات التركية – الإخوانية/الإسلامية

      الحمد لله والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه من والاه

      لعبت تركيا دوراُ هاماً في المرحلة السياسية السابقة، خاصة منذ حدوث التحول الهائل في التوجّه السلولي بالجزيرة العربية والخليج الإماراتي المؤامراتي، والذي صاحب ارتفاع شأن الملحد السيسي في مصر. وتمثّل هذا الدور في احتضان اللاجئين المسلمين أو "الإسلاميين" إن اعتبرنا قيادات ما يسمى "الجماعة الإسلامية" أو قيادات "إخوانية" من "الإسلاميين" السنة. وقد بدأ صعود هذا الدور بعد أن أخرجت قطر غالب تلك القيادات من أراضيها، لمحاولة رأب الصدع من المملكة السلولية، والتي لم تقبل بهم ككبش فداء.

      واحتضان الحكومة التركية لتلك القيادات، ليس من قبيل إسلامية الحكومة، وفلا يتصورّ هذا إلا مغفل ذاهل عن حقيقة أن تلك الحكومة علمانية وطنية تركية صِرفة، يعلنونها بألسنتهم في كلّ حين وبكلّ طريق. إنما ذلك الأمر كلّه من قبيل لعبة السياسة البحتة، نكاية في السيسي والسلوليين، الذين أعلنوا عداءهم السافر للإسلام، واتخذوا الإخوان، وهم أقل الناس تمسكاً بثوابته، وقبولاً للحلول الديموقراطية الموهومة، وقرارت المؤتمرات الدولية المزعومة والمجتمع الدولي العميل.

      وهذا التصرف، احتواء المعارضة نكاية واستغلالا لها ضد العدو السياسي ليس جديداً على مسرح السياسة العالمية عامة أو العربية خاصة. وهل نسينا احتضان الأردن للاجئين السوريين من مجازر السفاح أبي السفاح، حافظ الأسد في بداية الثمانينيات، بعد سنوات قليلة من "أيلول الأسود"، الذي شرّد فيه عميل الانجليز الملك حسين، الفلسطينيين بلا رحمة؟! ثم هل نسينا احتضان المملكة السلولية عناصر الإخوان نكاية في عبد الناصر، ملحد مصر، في الخمسينيات والستينيات، خاصة بعد حرب اليمن، بعد أن لعب عبد الناصر بالإخوان، قبل ستين عاماً، نفس لعبة السيسي في 2013! ثم عادت اليوم لتعلنها حرباً لا هوادة فيها عليهم، وبالطبع على "أهل السنة" من الإسلاميين الحق، والتي لم تتوقف عداوتهم لهم يوماً!؟ والأمثلة على ذلك كثيرة، عشناها كباراً راشدين، بيّنة لمن يتابع السياسة العربية/الإسلامية في القرن الماضي.

      الحكومة التركية اليوم، كما أشرت في مقالي "السياسة الأمريكية" منذ يومين، ستعيد حساباتها بناءً على التغير المُتوقع في السياسة الأمريكية، والذي لن يكون في صالحها، من حيث أعلن بايدن الليبرالي العتيد، عداءه للأتراك، لهويتهم المسلمة، رغم إنهم ينتمون كلياً لحزب الناتو، ويوالون الغرب ويعتقدون العلمانية، بتصرفٍ يتناسب مع بعض الشعائر الإسلامية. وهو أمرٌ غير مقبول في الفكر الغربيّ الماكروني/الأمريكي /الأوروبي الحديث. فليس أقل من التصرف السلولي لابن سلمان وابن زايد، وهو التصهين التام الكامل في كافة جوانب الحياة، ولا أقل.

      هذا من جانب الحكومة التركية. أمّا من جانب الإخوان، فهم، كما كانوا، وسيظلوا، منتفعين متسلقين، لا ولاء لهم أصلاً. والجانب الوحيد الذي تعلقوا به منذ انقلاب الخميني الخبيث الكافر بالله، في 1979، هو إيران المجوس واتخذوه شعراً ومثالاً لهم ولأبناء جماعتهم، سواء في مصر أو سوريا أو حماس فلسطين. فأن يظل لهم ولاء مرتبط بمصالحهم مع إيران المجوس، حتى وهم على الأراضي التركية، لا عجب فيه ولا غرابة. الإخوان يلعبون على أي وترٍ يرون فيه مصلحة، بغض النظر عن كونها شرعية أو غير شرعية، فالمصلحة لديهم مقصودة لذاتها، لا تراع فيها الوسائل، كما أصّل لهم منظروهم وعلى رأسهم القرضاوي ثم الأخبث الريسوني. ومن ثم فمن الممكن أن تنقلب عليهم تركيا لهذا السبب، خاصة، والمملكة السلولية ومعها قطر سيضع الخلاف في طورٍ جديد، يقلل من أهمية الدور التركي في قطر، بلا شكّ، بمباركة بايدن. ومن ثم، يقلّ أو ينعدم الدعم القطريّ لهم في تركيا، وهو مصدر رزقهم، وأتحدث عن قادتهم وقادة الجماعة الإسلامية الذين لا ضمير لهم ولا دين، لا الأتباع المساكين المغفلين المشردين، المطحونين هنا وهناك، وتحت أي نظام، وإن استحقوا ما أجرى الله عليهم لضيق أفقهم وثقتهم فيمن لا يثق به إلا خائب!

      وإيران تلعب، وستلعب دور حامية الإسلام "الرافضي الكافر" بلا شك، الحوثي في اليمن، الإثني عشري في فارس إيران والعراق، النصيريّ في الشام، والحزب اللاتيّ في لبنان. وستدعم إيران حماس بالكلمات لا أكثر، كما هو دأبها، الكذب والتقية، إذ لديها مشاكل لا تُحصى سواءً على المستو الداخلي السياسي، أو الاقتصادي، نتيجة الحظر الأمريكي العنيف عليها، والذي ترجو أن تصل لتخفيفه مع بداية حكم بايدن، لتنبه لتخريب الشرق الإسلاميّ أكثر وأكثر.

      هذه نظرة عامة على أحداث السياسة الحالية، كما تكشّفت عنها الأسابيع القليلة الماضية. وكلها ليست في صالح الإسلام السنيّ، سواءً بفعل إيران المجوس أو الإخوان أو الأتراك أو السلولية الإماراتية المشتركة أو قطر تميم.

      هي السياسة ... كذب ونفاق وخداع، لعنها الله ... لكن فهم اتجاهاتها على وجه صحيح لابد منه، لتحديد بوصلة المسلم، ومع انخراطه في أعمالٍ يظنها لله وهي أبعد ما تكون عن الإسلام.

      والله غالب على أمره

      د طارق عبد الحليم

      4 ديسمبر 2020 – 18 ربيع ثان 1442