فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الحديث عن القتال في أوكرانيا ضد الروس

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

      برزت في الواقع الحالي أسئلة كثيرة، تمثل حالات ومناطات مختلفة، عن شرعية القتال إلى جانب القوات الأوكرانية ضد الروس في أوكرانيا.

      والسؤال الأبرز في هذا الأمر، وإن كان في صيغة عامة لا تستوعب كافة المناطات المختلفة، هو جائز في شرعنا التوجه لأوكرانيا لمحاربة الروس من حيث إنهم معتدون على المسلمين في سوريا وفي الشيشان وأفغانستان وغيرها من قبل.

      كما ظهرت فتاوى متعددة[1] بشأن الرد على تلك الأسئلة،

      منها من أباح منها من أباح للقتال بجانب الجيش الأوكراني من باب نصر المظلوم!

      ومنا من أباح القتال بجانب قوات العميل الكافر قديروف الشيشاني، لأنهم من المسلمين!

      ومنها من منع القتال مع أيهما بأي شكل أو حال.

       ولا شك أن التفصيل هنا هو غرضنا، إذ الرد على السؤال العام قد أتى من عدد من المشايخ الأفاضل، وهو المنع بلا خلاف، فهي حرب لا ناقة للمسلمين فيها ولا جمل، والحرب تحت لواء كافر عمي مضاد لأصول التوحيد والولاء والبراء. وهو ما نراه بشكل عام.

      أما الحديث عن نصر المظلوم، فلا يصح، إذ نصر المظلوم حقٌ على ألا يتعارض مع مبدأ الولاء والبراء، أو مع مبدأ حفظ النفس المسلمة. فلو كان مظلوما من غير المسلمين، واستلزم نصره تعرض المسلم للقتل، أو دخوله في صورة ولاءٍ مع الكفار، امتنع المسلم عن النصرة، فدرجتها أقل في مراتب الحكم الشرعي عن قتل النفس المسلمة أو الولاء لغير المسلمين. أما إن كانت نصرة المظلوم ممكنة دون قتل المسلم أو الدخول تحت ولاء، فلا بأس من نصرته، بل تجب في تلك الحال من باب "إن الله يأمر بالعدل والإحسان".

      أما الحديث عن الحرب بجانب قديروف الشيشاني، بدعوى أنه مسلمٌ، فالرجل قد فارق الإسلام حين والى بوتين وصارت رايته تماثل راية إسرائيل وأمريكا بالتمام، ولا تغرننا لحيته ولا صلاته، فهما شاهد عليه يوم القيامة، وكفره لا يختلف فيه مسلمان عاقلان من أهل السنة.

      وأما الحديث عن القتال مع الأوكرانيين لإضعاف الروس، فهو نوع من تزييف الحقائق على الأرض، فإن حفنة من المسلمين لن تحقق ذلك الغرض. بل الأولى قتالهم وإضعافهم في سوريا أو ليبيا مثلاً، حيث يقوم دليل الدفاع عن الأرض والأهل، والدين أساسا، برهانا على صحة فرض القتال.

      لكن هناك خصوص من عام، لم أر من المشايخ من تعرض له، وهو مناط حقيقي واقع، أعرف بصفة شخصية من يتعرض له. وهو حال جمع المسلمين الأوكرانيين أو الذين يعيشون في أوكرانيا من أصول مختلفة.

      وهؤلاء: كما أرى، أنهم لا يجوز لهم الانضمام تحت لواء الجيش الأوكراني. لكن تقبّل السلاح منهم، وتكوين كتيبة مسلمة، لحماية منطقتهم، ولقتال الروس ودفعهم عنها وعن عائلاتهم ومساكنهم، جائز، بل أراه واجباً، فهو عين المعنيّ في الحديث "من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد" صححه الترمذي. فهذا مناط مغايرٌ لما سبق الحديث عنه، ويجب اعتباره وبيانه بوضوح. والشرط هنا ألا تكون الكتيبة تحت قيادة غير مسلمة، وإن قبلت في صفوفها غير المسلمين من أهل الناحية التي يعيشون فيها للتآزر. كما إنه يمكن للمسلمين من غير سكان أوكرانيا أن يلتحقوا بها للدفاع عن إخوانهم المسلمين وأهليهم هناك، لا الالتحاق بالجيش الأوكراني. ولعل في هذا مخرج لمن أراد الجولاني التركي تسليمه لتركيا لسجنه أو أعادته ابلاده لقتله.

      د طارق عبد الحليم

      2 مارس 2022 – 29 رجب 1443

       

       

      [1] أخرج الشيخ الدكتور هاني السباعي لقاءاً ماتعاً بيّن الكثير من تلك الأمور المتعلقة بهذا الأمر https://www.youtube.com/watch?v=5Y9LC8DaZRc