فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أسرار الكنيسة الرومانية وديانة المسيح عليه السلام

        الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه   أراد الله سبحانه لي أن اطلع في الشهور الماضية على عدة كتب تختص بالديانة المسيحية، خاصة التركيبة الكاثوليكية الرومانية، التي تُعتبر أكبر فرق النصرانية من حيث عدد تابعيها الذي يصل إلى بليون شخص. ثم الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية وأتباعها حوالي 230 مليونا من الضالين، ثم الكنيسة الإنجليزية وأتباعها حوالي 85 مليونا، ثم الكنيسة الأثيوبية وهي فرقة ضئيلة لا تزيد عن ربع المليون، كلهم في أثيوبيا.   وقد صببت اهتمامي بالكيان الأضخم وهي تلك المؤسسة العملاقة، دولة المدينة المسماة الفاتيكان، محط رحال الكاثوليك في العالم، وما رأيت إلا عجباً!   الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، أقدم مؤسسة على الأرض اليوم، وأكثرها أتباعا، هي مؤسسة سياسية/تجارية/ربحية، لا تقوم في تركيبتها وقوانينها بأي دينٍ، إلا اسم دين المسيح لا غير. فهي المؤسسة التي خلطت بين الدين والسياسة بشكلٍ منحرفٍ مسيء معيب، تميّز بالنهج الملكي القهري لقرون عدة، ثم الملكية العصبية، حيث التعصب لاسم المسيح، دون تعاليمه. فلهذه المؤسسة الكنسية الرومانية أوجه عدة تتعامل بها مع المجتمع العالمي، أعانها على تلك الأوجه دورها التاريخي وموقعها الاجتماعي وسنرى تفاصيل ذلك فيما يلي إن شاء الله.   وسأسرد حقائق محددة عن الكنيسة لعلها تلقي الضوء على ما نود بيانه:   1. الوحي، أو الروح القدس، لم يكن يتنزل على النبي عيسى وحده، بل كان عيسى أقل حظا في تلقي الوحي من تلامذته الأربعة، متى Matthew ويوحنا John، وبولس PaulومرقصMark . وكلهم من الحواريين إلا بولس الذي بدل دينه اليهودي، وتحول للنصرانية بعد رفع المسيح. ثم قدّم قصة عن أنه رأى المسيح ظاهرا له يحدثه، وهو في طريقه إلى دمشق! واختلفت الروايات، بالطبع عمن كانوا معه، أسمعوا ورأوا، أم سمعوا ولم يفهموا، او رأوا ولم يفهموا! 2. ويعتبر بيتر (بطرس)، هو أبو الكنيسة الرومانية، وأول بابا معتمد لديهم، حيث قالوا إن المسيح قد اختاره بعد أن شكّ في قصته ثلاث مرات، تاب بعدها! 3. فالحواريون، صحبة المسيح، هم الذين تلقوا الوحي، وأملت عليهم الروح المقدسة الأناجيل، بكلمات مختلفة، بعض الوقائع المضطربة، وهي تحمل ذكرياتهم عن أيام المسيح. حتى أن بولس، استدرك بقوله إن الأناجيل لم تملها الروح المقدسة، بل هي من وضع البشر، وذلك ليبرر نقصه عن قدر الآخرين، إذ ليس له مع المسيح ذكرى! فكذب رواياتهم ليلحق بهم في الدرجة. 4. والغريب أن المسيح ذاته ليس له مكتوب واحد، إلا كلمات قالها وحياً، هي ما يسميه القرآن "الانجيل"، ولم يكن مدوناً. فلماذا يبعث الله سبحانه أربعة رسلٍ يكتبون الوحي، بعد رفع النبي الأصليّ؟ وكيف يكون توثيق تلك القصص المتضاربة بينها؟ 5. ثم إن عقيدة التثليث لم تذكر في أي من الآثار المسيحية المدونة، حتى أقرتها الإمبراطورية الرومانية في مجمع نيقية عام 325 م. ولم تكن معروفة مشهورة قبل ذلك. فكيف يكون عمود الدين، وهو عقيدة التثليث كما تقول الكنيسة الكاثوليكية اليوم، غير معروف لدى المؤمنين بها مدة قرون ثلاثة؟! 6. ثم نأتي إلى المؤسسة الكنسية الهائلة. فهي، كما ذكرنا أضخم مؤسسة في عالمنا، وأكثرها فروعا، لا يوازيها أمازون ولا ميكروسوفت ولا غيرهما. ويبلغ دخلها السنوي أكثر من ثلاثة بلايين دولاراَ، تنفق منها حوالي 10% على الفقراء، بينما تستثمر بقية المال لإغناء الكنيسة، ولرفاهة البابا والكرادلة وكبار مناصب المؤسسة، الذين يحيون حياة الملوك والأمراء. ولها أملاك تُقدر بأكثر من بليون ونصف دولاراً. 7. وهم يقسّمون الأدوار حسب تنظيم خاص يصبغ الأجهزة بصبغة دينية، وهي مجرد ألاعيب يخادعون بها أتباعهم. فمثلا يسمون المجموعة المتحكمة في القرارت "البحر المقدس" أو The Holy See! ويسمون المجموعة المشرفة على الأموال The Curia، وكلها للتغطية تعلى الطبيعة الاستثمارية لتلك الموسسة.   والحديث عن أوجه الكنيسة الثلاثة حديث غريب، مضحك ومحزن معاً! وتلك الأوجه هي الوجه الدولي الحكومي الرسمي، والوجه الديني الظاهر الزائف، والوجه المؤسسي النفعي.   أولاً: الفاتيكان الدولة The State Face   الفاتيكان، التي هي جزء من أرض التلال السبعة Land of the Seven Hills، التي بنيت عليها روما القديمة، هي دولة قائمة بذاتها، كمدينة واحدة، مثلها مثل سنغافورة. ولتلك الدولة حكومة وسفراء ووزراء، كما لكل دولة في العالم، فهي من هذا الوجه سياسية بحتة، تعمل كما تعمل كافة الحكومات، وإن كان دورها محدوداً في بعض المجالات داخل الإطار الديني مثل وزارة التعليم، أو إدارة التعليم إن شئت، فهي تعمل على تطوير مناهج تعليم القسس وتأهيلهم، من الناحية الثيولوجية.   هذا ويجب أن نشير هنا إلى حقيقة أن هذه الدولة، التي تزعم إنها وجه التسامح والرحمة والمساواة، وأنها تتبع تعاليم المسيح، ليست، ولا يمكنها أن تكون، جزءا من منظمة حقوق الإنسان! نعم، لم، ولن توقع تلك الدولة على وثيقة حقوق الإنسان، إذ من قوانينها المُحكمة أنه داخل أسوارها، لا تعترف بأي دين آخر، أو بأي انسان يحمل معتقد يخالف الكاثوليكية الرومانية، كما طورها بول، واستقرت منذ القرن الرابع الميلاديّ. ولا يماثلها فس ذلك إلا الدولة الصهيونية المسماة إسرائيل.   هذا يعني أن أتباع كلا الدينين المحرفين، النصرانية واليهودية، هم من التزم بإقامة "دولة دينية" في شكلٍ سياسي، وخلط الدين بالسياسة في أوضح شكلٍ ممكن، الأمر الذي ينكرونه على المسلمين! ثم يخرجون يتصايحون "حقوق الإنسان"! "المساواة والتسامح" بين الأديان. نفاق عريض، عرض السموات والأرض!   ثم إن التاريخ لم يعرف مؤسسة أشد توحشا ودموية من تلك الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. فهم من عرّفوا البشرية بطرق التعذيب الوحشي، منذ قرون طويلة. ولم يخل زمن لم يكونوا فيه سببا في قتل وتعذيب وتشريد الآلاف من أتباعهم البيض. وما نراه اليوم من اكتشاف قبور أكثر من ألف طفل من سكان الأرض الأصليين الذين يسمونهم (Indigenous nation)، قتلتهم الكنيسة في المدارس التي كانت تشرف عليها إلى عهد قريب. وهذا عار لا تمسحه اعتذارات ولا تبريرات. بل هو عار على الرجل الأبيض الذي صدع أدمغتنا بالحديث عن العدل والمساواة، وهم جنسٌ لا يعرف رحمة ولا برا.   ثانيا: الفاتيكان الوجه الثيولوجي The Religious Face   وهذا الوجه، هو الأكثر لمعاناً لتلك المؤسسة العتيقة الخطيرة، والتي تقع في القلب من العالم الغربي، وهو الوجه الأقبح والأشد فتكاً ونفاقاً.   الحقيقة التي لا ينكرها أحد، هي أن كل تلك الطقوس والمراسيم والملابس والرتب والمقامات والابتهالات والشعائر العجيبة، بل كل تلك التقديسات التي يسبغونها على من أسموهم بالقديسين، ليس منها ما كان من فعل المسيح، بل ولا من فعل أي من الحواريين، على الإطلاق، حتى ما اشتهرت به تلك الديانة المحرّفة المصنوعة! هي كلها من تركيب رجال تلك المؤسسة. هناك مؤسسات داخلية خاصة بذلك الوجه الكنسي، يختلف مع التقسيم الحكومي، لكنه يتحكم فيه. فهناك ما يسمونه الكلية السرية The secret college، وهم أصحاب القول من الكرادلة. وهناك ما يسمونه البحر المقدس The Holy Sea، وهو رمز لأتباع الكنيسة الرومانية في التلال السبعة، والبابا هو رأسه، وهناك ما يسمونها ال "كيوريا" The Curie وهي أتباع الديانة الكاثوليكية.   كذلك، ليس في تعاليم المسيح كرادلة ولا أرك بيشوب ولا بيشوب، فهي مناصب قُصد بها أن يتحكم بعضهم في رقاب بعض.   وكان من قرارات الكلية السرية The secret college في القرن السادس عشر منع القسيسين من الزواج Celibacy! حتى أن بيتر Peter، أقدم قديسيهم وأعلاهم قدراً، كان متزوجاً في حياة المسيح.   وفي القرن التاسع عشر، بالتحديد عام 1870، قرر أعضاء تلك الهيئة السرية جعل "البابا" معصوماً Infallible، إذ لم يكن كلامه معصوما من قبل. وأصبح بذلك، منذ ذلك العام، "الأب المقدس" Holy Father، وظل المسيح الإله على الأرض (تعالى الله على ما يقولون علوا كبيرا)، وكلمته لا مردّ لها. وهذا ما لم تتبعه بقية المؤسسات الكنسية التي ذكرنا. وبالطبع، أتبع ذلك شعائر محددة، بالنسبة لاختيار ظل الإله التالي حين وفاة البابا المقدس الحاضر، في مجلس من مسني الكرادلة يسمونه الكونكليف Conclave، يجتمع في الكنيسة السستينية، وتغلق عليهم الأبواب، ولا يخرجون إلا إن اختاروا بأغلبية الثلثين "ظل الإله" الجديد! حينها يحرقون بطاقات الاقتراع في مدخنة وعينة يخرج منها دخان أبيض، فيهلل الخلق من بهائم الأتباع لهذا الفرج الإلهي!   بالله عليكم، ما هذا الهراء؟   شعائر ما أنزل الله بها من سلطان، وضعت لتلهي أصحاب العقول الخربة الضعيفة، التي تتعلق بالمشهود، وتحب الغريب من التقاليد، تذكرنا بكفار الروافض الخبلاء، وبكفار الصوفية البلهاء، مع الفارق في المستوى! كلها صناعة بشرية، يعرفونها ولا ينكرونها.   ثالثاً: الوجه المؤسساتي الاستثماري The Corporate Face   والكنيسة الفاتيكانية هي من أغني المؤسسات في العالم، بما يتكدس لديها من ذهب وأموال وممتلكات، مخزونة مخبوءة، لا يعرف حقيقتها إلا القليل في أعلى مناصب الكنيسة. وهذه الأموال تُنفق على حياة رافهة رغدة لا مثيل لها لمن يدّعون التبتل والزهد!   ولا أريد هنا التوغل في الحديث عن كل وجه بتفاصيله، فلكل وجه متخصصون يعلمون منه أكثر مما أقدم للقارئ اليوم. لكن الغرض هنا هو الكشف عن الزيف والخيانة والوحشية والخروج عن الإنسانية التي هي تركة تلك المؤسسة الملعونة للبشرية.   د طارق عبد الحليم 21 ذو القعدة 1442 – 1 يوليو 2021