فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      لماذا ترضى بالدنية يا إسماعيل هنية؟

      الإخوان هم الإخوان. كانوا الإخوان، وسيظلون الإخوان. أصحاب عقيدة ثابتة ومنهج حركة واحد.

      عقيدة تختصر التوحيد في النطق بكلمة الإخلاص، وتصنع من مفاهيم الولاء والبراء والتحاكم للشرع "عجة" شرعية، لا تطبيق لها ولا محل. اليسر شعارهم، حتى في مسائل الإيمان والكفر، التي ليس في عقيدتهم شيئا أصلا يكفر به مسلم أصلي. ومنهجهم الذي يتناسب مع عقيدتهم، هو الرضوخ للدنية وقبول ما تمن به اليد العليا بكل رضا وتسامح ومحبة للعدة اللدود، مهما استباح حرماتهم "سلمية". وهو منهج أخجل والله أن أقول أن العاهرة تأباه على نفسها، إذ لا تمارس فحشها مع عدو غادرٍ أبداً.

      لكن هم الإخوان. وهذا دينهم، وهذه عقيدتهم، وهذا منهاجهم، لن يتنازلوا عنها أبداً، رغم الفشل الذريع الذي منوا به في ثلاثة أرباع قرن كاملة، لم تحد بهم عن هواهم شبرا.

      المهم هنا، هو ما تمثله تلك الجماعة، خاصة فرعها حماس، الذي والى في المال والمساعدة الكلامية، ووقف في صف أشد أعداء الإسلام في عصرنا، وقبله، الروافض، كما بيّنا من قبل. واستخدم نصراً زائفا "ناصريا"، ادعاه بعد أن دك الكيان الصهيوني غزة، وقتل أكثر من مائتي وخمسين نفسا، وتدمير آلاف المنازل والبنى التحتية. وعلى ذلك يشكر هنية، الراضي بالدنية، إيران المجوس، ومتحدثه في لبنان يشكر بشار، وكفى! ثم يتعلل الخائبون لهم بقصص مثل موضوع عبد الله ابن حذافة رضي الله عنه، الضعيف، مغلوظ المناط، ألا ساء ما يزرون https://www.facebook.com/tabdelhaleem/posts/10157635873275938 .

      المشكلة التي ألجأتني للكتابة اليوم، على شدة المرض والتعب والحمد لله تعالى، هو تلك الفكرة الغريبة المسيطرة على أذهان حماس، وكثير من أتباعها، بل وكثير من المسلمين، وهي الظن بأن مشكلة غزة، ومعاناة أهلها او مشكلة فلسطين بما فيها الضفة، هي قلب المشاكل في العالم الإسلاميّ، وهي التي تستحق العناية والاهتمام قبل أي مأساة أخرى من عشرات المآسي في عالمنا الإسلامي. ولا أدري من أين أتت هذه الفكرة التي تُمثل الكيل بمكيالين، والحول في الأبصار والبصائر.

      نعم، نموت كمداً لما يحدث لأهلنا في غزة والضفة، وللاحتلال الصهيوني الغاصب لأرضنا في فلسطين، هذا مما لا يزايد علينا فيه أحد. لكن ...

      لكن أين ما حدث في غزة مقارنة بما حدث، ويحدث، يوميا في كشمير، وفي تركستان الشرقية، وفي أفريقيا الوسطى، وفي بورما، وفي اليمن، وفي سوريا، من قتلٍ وحرقٍ لمئات الآلاف، لا مئات، المسلمين، وتهجير الملايين، في تلك المناطق. أكثر من مائتي ألف يعيشون في معسكرات التهجير على حدود بنجلاديش في أسوأ أوضاع إنسانية يمكن للمرء تخيلها. حرق المسلمين في بورما وكشمير، لا يتوقف. الموت من الأمراض والمجاعات في اليمن، أكثر من عشرة ملايين سوري مهجرين على حدود الأتراك وفي دول العالم. وكلّ هؤلاء لا ينالون من اهتمام المسلمين عشر معشار ما يحدث لأهلنا في غزة.

      ولا ننسى الأموال التي تتدفق على حماس من كلّ صوب، قطر والدول الخليجية والمساعدات الدولية لمنظمات غزة الإنسانية. أين تلك الأموال يا هنية، يا راضي بالدنية؟ أينال هؤلاء المكلومين المقهورين من المسلمين في بقاع الأرض عشر معشارها، مالا ودعاية وإعلاماً؟ لا وألف لا. هذا والله حرام أراه، لا أشك فيه. اين المظاهرات التي خرجت في عواصم الدنيا تضج لما يحدث في كشمير والهند وتركستان وبورما واليمن وسوريا؟ بل الأعجب أن بشارا سيعاد انتخابه رئيساً بعد أسابيع!

      وأطن أني أعرف ما قد يكون سببا في هذا الحول الإسلامي. فالفلسطينيون منتشرون في بقاع الأرض، وهم من أصحاب المال والعلاقات بشكل عام. أما الكشميريون، والروهينجا والإيغور واليمنيون فلا بواكي لهم!

      يجب أن يكون مفهوما لدى تلك ال"حماس"، ولية إيران، أنها ومشكلاتها ليست في قلب المآسي من العالم الإسلامي، وأن ما حدث في غزة منذ أيام، هو صبر أهلها على القصف، ولا كرامة لحماس ولا غيرها.

      د طارق عبد الحليم

      29 مايو 2021- 17 شوال 1442