فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      بين النظام السعودي .. والنظام التركي! هل يختلفان مثلا!؟

      • مجرد رأي
      • 416 قراءة
      • 0 تعليق
      • 11:36 - 03 سبتمبر, 2020
        يعود العداء التقليدي بين حكام الجزيرة العربية وبين العثمانيين الأتراك إلى ثلاثة قرون مضت، منذ أيام المواجهة بين المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب وبين الخلافة العثمانية المتهالكة، التي كانت تتبنى الكثير من البدع الصوفية، وإن كانت لا تزال ترفع راية الشريعة حقاً وتجمع أبناء الإسلام تحت رايتها.   وكان أن استعانت الخلافة، لضعفها وجهل ولاتها، بمثل العلماني محمد على الألباني، وثم بالجيش البريطانيّ، لسحق الدولة السعودية الأولى ثم الثانية، اللتين تبنتا فكر الإمام، ونافحتا عنه.. ثم جاء مؤسس الدولة السعودية الثالثة، الخائن العميل البريطاني عبد العزيز آل سعود، فأسس نظام الحكم السعودي في مملكته بجزيرة العرب، والتي صار أمرها لما سنبين.   أما الخلافة، فأمر سقوطها معروف، وما فعل كمال أتاتورك العلماني الملحد بالله، بالإسلام والمسلمين، والعربية في مركز الخلافة معروف، حتى بدأت بوادر تغيير على يد عدنان مندريس، تجاه تحول ديموقراطيّ، وتخفيف لبعداء لٌسلام، ورفع قدرة الاقتصاد التركيّ، وفي عهده انضمت تركيا لحزب الناتو، ثم عادت سيطرة الأتاتوركية بعد إعدامه، حتى فاز أردوغان وصارت تركيا إلى ما سنصفه بعد إن شاء الله.   حين ندقق النظر في حكم آل سعود، نرى حكاما، على رأسهم عبد العزيز، ثم سلسلة أولاده من بعده، حتى حفيده الأحمق الملحد ابن سلمان، نقول حكاماً تظاهروا بالإسلام، ونشروا شعائره، ونظموا الحج والعمرة، وأقاموا الجامعات والمعاهد الدينية، لكنهم عملوا في خفاء خبيث على تهميش دور المؤسسة الشرعية في الجزيرة و إضعافها، ونكث عهد جدهم الأكبر محمد بن سعود للإمام ابن عبد الوهاب بنشر التوحيد وتبنيه، وهو العهد الذي عليه وضع الإمام يده في يد ابن سعود من قبل. ثم صار تبني أحكاماً وضعية، خاصة في الاقتصاد، وولاءات سياسية، لا ترفع بالإسلام رأساً. واحتفظوا بألقاب موهمة، كخادم الحرمين، ودولة التوحيد وعلم يحمل السيف والشهادتين! مظاهر خادعة، تخفي حقيقة توجه علماني، أبان عن نفسه بالتمام بمجرد زوال طبقة أبناء الخائن ابن عبد العزيز، ومع تولى أول حفيد ملحدٍ له، فاعتقل العلماء المعارضين وقتلهم وتولى الصهاينة والصليبيين، وقاتل، مع معلمه ابن زايد شيطان العرب وبن صهيونها، كل ما هو إسلامي أو مسلم في أنحاء العالم كلّه.   لكن، القصد هنا، أن حكم السعوديين، حتى قبل الانقلاب الكفري الصريح مع ابن سلمان، كان نظاما يسعى للعلمانية جاهداً، ويوالى الغرب مخلصاً، ويعمل على تقويض الحركة الإسلامية، إلا حين يأمره السيد الغربي، كما في حرب الأفغان للروس، لا حبا في الإسلام، بل عداءً للروس، طِبْقا الرغبة الغربية!   فالحكم السعوديّ، في المحصلة، حكمٌ تحرّك من جهة اليمين التوحيديّ، تدريجياً، إلى أن وصل إلى نقطة إسلامٍ شكليّ يُعنى بالحج والعمرة وتدريس القرآن والشعائر، وهو تبني الإسلام الشعائري والهدي الظاهر. لكنه يتفلت من الشريعة، ويعاديها، ويوالى أعداءها.   ثم إذا ولينا النظر شطر الحكم التركيّ، رأينا حكماً علمانياً بقيادة أتاتورك، معادٍ للإسلام شكلا وموضوعاً، دمّر الخلافة وقضى على الدولة الإسلامية المركزية، ثم بدأن المعارضة الديموقراطية للفاشية الأتاتوركية، لا حبا في الشريعة وحكم الإسلام، بل كرها في الطغيان وحبا في الوطن التركيّ والرغبة في رفعته، وعلى هذا عمل مندريس وحزبه، ثم أردوغان اليوم. تبنى الحكم التركيّ إسلاماً يُعنى بالمظاهر، من منطلق ديموقراطيّ، فيشجع الحجاب ولا يمنعه، لكنه يدافع عن التعري من حيث هو حقُ ديموقراطي للإنسان! وكذلك في أمور كثيرة كالخمر والشذوذ والاقتصاد الربوي وموالاة الغرب، والتضحية بمبادئ إسلامية مستقرة لإكمال ملف الاتحاد الأوروبي، الذي ظهر أن أردوغان فشل فيه، حيث نجح مندريس قبله في ضم تركيا للناتو. وعلن أردوغان صراحة، دون مواربة ولا تردد ولا توقف، مراراً وتكراراً، إنه وحكومته علمانيون، يؤمنون بفصل الحكم والقانون عن الشريعة، التي هي من آثار الماضي، لكنه يحتفظ بالحق الفرديّ (الديموقراطيّ) في ممارسة الحياة بالشكل الذي يراه الفرد مناسبا له. فالمجتمع التركيّ، مجتمعٌ مفتوح يقبل التعددية الدينية والأيديولوجيات المخالفة، ويقنن لها ما يحفظها، وإن كان عدد من حكامه يحب الشعائر الإسلامية ويحترم القرآن ويعتنق إسلاماً شعائيا مظهريا لا شريعة فيه.   فالحكم التركيّ، في المحصلة، حكمٌ تحرك من فاشية علمانية معادية للإسلام، إلى علمانية ديموقراطية تقبل التعددية العقائدية والتصرفات الفردية المطلقة من القيد الإسلاميّ، وتدافع عنه وتحميه بالقانون والقوة، وتعلن ذلك، بالقول والعمل، في كلّ مناسبة. لكنها، في هذا الإطار، تشجع كذلك بناء المساجد ولا تمنع الحجاب، وتفتح المعاهد الدينية وتبدأ في تعليم العربية. وهو تبني الإسلام الشعائري والهدي الظاهر. لكنه حكم يتفلت من الشريعة، ويرفضها، ويوالى أعداءها في الغرب.   فأين الخلاف؟ وما هو الاختلاف بين النظامين؟! إلا إن جعلنا المقارنة بين حكم الأتراك اليوم، وبين ما جدّ على حكم آل سعود على يد ابن سلمان، الذي هو كفر محضٌ لا يقارن إلا بعهد أتاتورك نفسه. ومن هنا وقع الصراع بين النظامين. الأتاتوركية السعودية الفاشية المتطرفة، و الأتاتوركية التركية الديموقراطية المعتدلة. أما قبل ذلك، فلا قرث بين الحكم السعودي والتركيّ على الإطلاق.   د طارق عبد الحليم