فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الوضع المأساوي في الساحة الإدلبية .. التخلية ثم التصفيةّ

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه

      كم تستشعر النفس من ألمٍ، ويضيق الصدر من كمدٍ، حين تدور عجلة الفكر بما حدث في الساحة الشامية، التي حوّلها الغرور وحب التسلط والحسد والخيانة إلى الساحة الإدلبية، لا غير..!

      لكن هذا ما كان، ولولا قضاء الله، لم يكن ..

      ما يحيّرني اليوم هو ما يحدث على الساحة الإدلبية، التي أصبحت كجزيرة لفلول المجاهدين من كافة من تبقى من الفصائل، تحيط بها أمواج بحرٍ زاخر  من عدوٍ صائل، على الناس، وعلى الفصائل!

      أين تلك الفصائل التي كانت تدّعى أنها القوة الضاربة الهائلة في ساحة الشام، وأنها هي التي اجتذبت الحاضنة الشعبية، وأنها هي التي تحارب الفصائل الخائنة، التي وافقت على الأستانا ومقرراتها؟ أين قادتها؟ أين جنودها؟

      نسمع كلّ يوم عن قصف وتهجير في ريف إدلب وحماة، ويتم تهجير الناس في صمت، ودون مقدمات، ودون مقاومة من الأشاوس أصحاب القوة الغالبة، الذين تحرروا من طغيان القاعدة، وهددوا وتوعدوا من يذكر اسمها، إذ هي سبب المصائب في كلّ مكان في العالم؟!

      ما الذي يحدث هناك؟ هل هو برنامج "تخلية" لتلك المناطق لتسليمها للنظام، جرى عليه اتفاق ما؟ هذا ما تدل عليه الظواهر بكلّ تأكيد! سواء باعتقال أو سحب سلاح أو منع المجاهدين من التوجه للجنوب لمواجهة الصائل الروسي الإيراني النصيريّ، حسب ما جاء في تلك الوثيقة المخزية البالية، التي خرج بها الجولاني، صاحب السطوة والفهلوة السياسية، بعدما مارس كل أشكال التلاعب والتحايل على ما أسموها لجنة.

      ما هذا الهزل الذي أوردوه في تلك الوثيقة الخائبة؟ أيضحك الجولاني على نفسه، أم على المجاهدين، أم على دينه وربه؟ أنرى النسخة المعدلة من البغدادي، طبعة 2017، من جديد؟

      كيف يدّعى الجولاني أنّ الأسلحة التي في أيدي جند "الهيئة" التي لم يعد أحد يعرف لها رأس من ذَنَبْ بل يسمونها هيئة المعابر، هي ملكها، والعالم كله يعرف كم تلقى من القاعدة بعد انشقاق البغدادي، لدعمه؟ وكم قبض السيد جولاني من اتفاق الفوعة؟

      ثم، إن قرأت بنود الإتفاية، وجدتها قيود فوق قيود على قيود، تسلسل "الطرف الثاني"، في كل جانب! فما مدى استعراض القوة والتهديد بالدم والقتال الذي تم في تلك الإجتماعات، وما مدى الغطرسة وجنون العظمة (بفتح الظاء وتسكينها!) الذي مورس علي "الطرف الثاني" فيها؟

      ثم، ما هي قصة ملايين الدولارات التي ترد للسيد جولاني من المعابر التي اتفق مع تركيا علي إدارتها، والتي لا مانع لديه من إسالة دم عشرة آلاف محارب من أجلها؟ كل من وقف في طريقه، بوثيقة أو بغير وثيقة؟

      ثم، ما معنى بيع السلاح، وخروجه من إدلب للدواعش أيام حصار القلمون، حين اتفق الجولاني وأبو ماريا على هذا الفعل المشين؟

      التاريخ لا يُمحى ، والأحداث لا تُنسى، فأين تذهبون؟

      أين حرب الصائلين؟ أين مقاومة المعتدين؟ لم التأخر عن دعم الجنوب، بل رفض دعمه، بل وضع شروط لوقف دعمه؟ ما هي طبيعة اتفاق "الهيئة" مع تركيا، وما هو مدى تفاعلها مع النظام والروس في تأمين الجنوب لتخليته من الناس وتصفيته من المجاهدين؟

      اللهم أنت شاهد على من خان أمانته، وقدسته الخرفان من حوله، فإن العاقبة لن تكون لمثل هؤلاء .. أبدا.

      هذا ما أرى والله تعالى أعلم

      د طارق عبد الحليم   

      6 يناير 2018 – 19 ربيع ثان 1439