فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      النواقض العشر .. ردّ على ما قدّم أحمد سمير

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد

      قرأت ما دوّن الباحث في شأن النواقض العشر التي قدّمها شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب، وما رآه فيها من سطحية في المأخذ واختلاط في التأصيل وتنكب عن القواعد الكلية، مما أداه إلى كتابة سريعة لهذا النقد ليوقف سيل الانهيارات التي نشأت عنه، حتى ستفرغ لكتابة ما يهدم أقوال الشيخ بالتمام، وتعود الأمور في عالمنا الإسلامي إلى مجاريها.

      وقد كتبت تعليقا مبسطا، في ديسمبر 2، 2016، حين عرض عليّ أحد الأبناء هذا الكلام، قلت: "كلام بعضه حق أريد به باطل ... فالنواقض أمثر من أن تُعد، وصحيح، كما أشرت في كتابي حقيقة الإيمان منذ عام 79، إلى أن الآحناف أكثر من توسع في هذا الباب. لكن كتاب محمد بن عبد الوهاب لم يبدأ بقول "اعلم أنه ليس هناك إلا النواقض العشر"! وفرق هائل بين الصيغتين عند من فهم لسان العرب، فصيغة النواقض عشر تحتمل زيادة ونقصا، وصيغة لا ناقضا إلا العشر تقتضى الحصر.. ثم إن الكتيب وضع صورا مختلطة يمكن أن تكون كلها قواعد كلية، مثل الاهتداء بغير هديه صلى الله عليه وسلم، فهذا عام يشمل كافة كفر أو بدعة، وإن اختص في المصطلح بالسنة"اهـ.

      لكني اطلعت على ردّ أبي صهيب الحنبلي، وأعجبني ما جاء به، فأردت أن أتمّ ما قلت في هذا الصدد.

      فإن غاية ما يأخذ الناقد على شيخ الإسلام أنه أغفل صوراً كثيرة من التكفير لم يحسب حسابها فيما ذكر، لا جزئياً ولا كلياً. وهذا، وإن كان من الشهادات التي سيردها عليه كافة مرجئة العصر ومداخليه، فهو غير صحيح. فإنه كما بيّنا أن قصد الشيخ لم يكن للحصر، بل لما هو مما يحتاجه الوقت. فالحجة التي يقوم عليها النقد كله ساقطة بهذا المعنى. كما إنه إن أراد أن يقول أنّ ما جاء به الشيخ ليس بنواقض أصلاً، فعليه إثبات ذلك في أيّ منها، وهيهات.

      وما ذكره الحنبلي،وردّ عليه الناقد، من حيث أنه لا جامع يجمع تلك النواقض من حيث إنّ الجامع قد انتقض بعدم الاجماع بناء على الاختلاف في السحر، ثم يبرر بأن هذا 10% من القواعد، فكيف لا يختل الجامع إذا؟! وهذا، مع ضعف الاستدلال بالنسب، فإنه لا يلزم أن يكون الإجماع حاصلاً في الباقي، وهو عدد محصورٌ في تسعة، يسهل استقراء الاجماع فيها استقراءاً تاماً لا ناقصاً. ويتبيّن من ذلك صحة الإجماع فيها، وأن ذكره للسحر كان من باب أنه يراه، كمجتهد، من المكفرات، والمجتهد ملزم بالقول باجتهاده، ولا يقدح هذا في صحة ما بقي. فإن الناقد أراد أن يستخدم فكرة قريبة مما استخدمه الأصوليون في موضوع أنّ العام إذا خُصّص مرة لم يبق عاما قطعياً في بقية أفراده، فإنه، مع إثبات الاختلاف في هذه المسألة بين الأصوليين، فإن العموم الكليّ يبق في بقية ما اجتمعت عليه صفة العموم، وهي حالتنا تلك، وإلا فليس عاماً في الشريعة بإطلاق، فحتى إن خرج على المليّ الجامع أمرٌ فلا مانع من أن يبقى كليا جامعا في البقية.

      ثم إن الناقد قد خلط  كثيراً بين ما حاول الإمام ابن عبد الوهاب اختصاره لفائدة من حوله في زمنه، وبين اختلاف المناطات والفتاوى التي لا تقع تحت حصرٍ كما هو معروف في مسائل الفقه. ومسألة التكفير مسألة فقهية اولاً وأخيراً. فكلياتها محصورة، لكن جزئياتها غير محصورة على الإطلاق، فلا ندرى ما هي نقطة البحث التي يريد أن يثبتها الناقد حقيقة؟ إلا إن كان يسعى للإيحاء بأن شيخ الإسلام "أخطأ" ومن ثم، يجب أن يُترك تراثه كله جنباً، بما فيه مفهوم التوحيد وخلافه مما جدد فيه الشيخ.

      ثم لا أرى حقيقة أيّ نقطة تستأهل النظر فيما قال التاقد، إلا محاولته إثبات أن ما دوّن الشيخ في هذا الموضوع، ليس بشئ، وهو مردود عليه كما بيّنا.

      وعلى الناقد أن يأتي بعشر صورٍ أو مائة أوألف صورة من مناطات التكفير، التي يمكن أن تقع في دنيا المسلمين، وأن  يرينا أنّ منها ما هو مخالفٌ لأحد العشر نواقض التي ذكرها الشيخ، لا أنّ منها ما لا يقع تحتها، فهذا ما لم يدّعيه الشيخ إلا حسب هوى الناقد. فإن فعل، فهو الرجل البحاثة الفهّامة، وإلا ... فهو ... غير ذلك، ولا نزيد.

      د طارق عبد الحليم

      9 ديسمبر 2016 – 9 ذو القعدة 1438