فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      خواطر عن خيوط المؤامرة الكبرى

      في ثناياه رد على مقال فلاح المسلميّ

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه وبعد

      لم يعد ممكنا، بل ليس بصحيح ابتداء، أن ينظر المهتم بشؤون الأمة الإسلامية اليوم إلى الأحداث الواقعة بشكل يجَزّئها إلى أحداث منفصلة متباعدة، حدث أن وقعت في نفس الحقبة من الزمان. بل، كما سنرى، إن هذه الأحداث كلها، وإن لم يكن مخطط لها بشكلٍ يوميّ أو في حدود زمنية ضيقة، هي جزء من مخطط عام تام التفاصيل والأهداف الاستراتيجية، يحمله العدو على مراحل، منذ 1798، دون أن يُظهر علاقة وثيقة بينها، متدسسا متحسساً طريقه كالأفعي المترصدة.

      المؤامرة بعيدة المدى، ضاربة في عمق قرنين من الزمان، نُسجت خيوطها، ونُفّذت خطواتها، خطوة خطوة، حتى وصلت إلى ما نحن فيه اليوم، وهي، كما هو ظاهر، نتيجة لن يسعد بها أحدٌ من المسلمين، على وجه الإطلاق والعموم.

      ولا بأس أن نتحدث قليلاً، باختصار قدر المستطاع، عن بداية غزل تلك الخيوط المحكمة، وخطواتها التي سارت فيها، قبل أن تصل إلينا، في زمننا هذا.

      1)     ماذا حدث؟

      بدأت الخطة في أواخر القرن الثامن عشر، مع الحملة الفرنسية على مصر والشام، ثم على الجزائر. فكانت أولاً عسكرية، متلبسة بزي حضاريّ ما استطاعت. ثم بعد انهزامها، بدأت خيوط التخريب الفكري الثقافي، في مصر ولبنان، بادئا ذي بدء، من خلال تقنين الشريعة، والصحف والإرساليات والبعثات التعليمية، التي كان ظاهرها العلم وباطنها الاحتلال. ثم جاء أوان التدخل العسكريّ مرة أخرى عام 1888، حين احتلت بريطانيا مصر، وقطعتها عن الخلافة العثمانية المتهالكة. ثم جاءت الحرب العالمية الأولى، فقضت على خلافة المسلمين برمتها، وحوّلت تركيا إلى دولة علمانية صرفة، واحتلت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا مناطق مختلفة من العالم الإسلامي العربيّ. وعادت تُكمل خطتها الثقافية والاجتماعية، وهدمها لثوابت الدين، باسم التحرر والليبرالية والعلمانية وغير ذلك من شعارات جوفاء، في دورتها الثالثة.

      وقد بنت تلك الدول المستعمِرة، قاعدة راسخة من الفساد، ومنظومة خربة من الحكام، وجيوش مخترقة لا ولاء لها إلا لمن يدفع رواتبها، ويعينها على طغيانها. هنالك لم يعد هناك غرضٌ للاستعمار العسكريّ، إذ أصبحت تلك الدول كلها مستعمرة داخلياً، دون أن تدرى شعوبها شيئاً مما يجرى.

      ثم جاءت الحرب العالمية الثانية، ومن بعد قيام الكيان الصهيوني، الذي كان ركنا أساسا في الخطة المحكمة برمتها، أشرفت عليها بريطانيا لصالح الصهاينة، منذ وعد بلفور عام 1898. وضاعت فلسطين كلها.  وكانت فرصة لتدخل الخطة مرحلتها الثقافية والفكرية والاجتماعية، مرة ثانية، في مواجهة الإسلام، عن طريق نشر الفساد والفسق، وقمع الدعاة وقتلهم واعتقالهم، على أيدي المحتلين الجدد من حكامنا. وكانت طرق التعامل مع كل بلد محتل تختلف حسب طبيعة البلد وثقافة شعبه. فتعاملت بريطانيا مع الخليج من منطلق أن أبناءه بدوٌ جهلة، وأنّ رؤوسهم من عائلة عبد العزيز لا يهتمون إلا بما يجلب لهم المال، من الثروة النفطية التي فتحت براميلها تحت أقدامهم.

      ثم جاء دور الاحتلال الداخليّ، واستنزاف ثروات العرب، واستعبادهم ثقافيا وفكرياً، ومسخ هويتهم ليصبحوا كائنا مشوهاً لا أصل له. وصار النصيرية أصحاب الكلمة في الشام، والقبط قوة في مصر، أوقفها الهالك السادات لمّا تعارضت مع وجوده، وتسرعت في تنفيذ بنود الخطة. لكنه في المقابل أتم خطة بني صهيون ووقع كامب ديفيد اللعينة وخان القيادات العسكرية في 1973، التي كان منها من حارب شريفاً لتحرير وطنه.

      وقامت أنظمة جديدة في المنطقة، صغيرة واهية تابعة ذليلة، أشباح وظلال للأسياد في الغرب، مثل دول الخليج برمتها. ثم نظام القذافي البهلوان الهالك في ليبيا، واستمر المغرب العربي في ظلّ حكامه، فالجزائر وتونس يحكمهم علمانيون لا دين لهم، والمغرب تعيش في مسلسل "أمير المؤمنين" كأن الزمن سبقهم بعشرة قرون!

      ولم يبق في العالم إلا قطبين رئيسين، القطب الأمريكي، والقطب السوفييني. لكن مخطط أمريكا كان أوسع في الشرق الأوسط، فكان لابد لها أن تتخلص من الاتحاد السوفييتي، فدبرت ثورات في عدد من بلدان الإتحاد، في عهد ريجان وتدبيره، ثم أسقطت برلين، وأسقطت قبلها الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، بدعم جزئي لعدوها اللدود "القاعدة" من خلال السعودية. وسقط الاتحاد السوفييتي، واحتلت أمريكا عرش الدنيا.

      لكن مخطط الشرق الأوسط، كان ولا يزال سائراً في طريقه، لتعلقه بأمن الكيان الصهيوني خاصة، فكان أن وصلنا في ظل تلك الخيوط المتشابكة، والقيود المتراكبة، إلى التسعينيات من القرن الماضي. وكانت بداية جديدة كل الجدة في مسلسل محاولة القضاء على هذه الأمة. وهي الحقبة الحالية التي أقدّر أنها ستغطي ثلاثة أو أربعة عقود، بادئة دورها منذ بداية التسعينيات.

      2)     ماذا يحدث؟

      وجاءت التسعينيات من القرن الماضي برياح عاتية، أتى بها الغرب، وافتعلوها بإقناع الأحمق الهالك صدام حسين بغزو الكويت، مما أطلق أيديهم في المنطقة كلها بحرية كاملة، بدءا باسترجاع الكويت لعائلة الصباح، الذين أصبحوا بذلك أتم عبودية للسيد الأمريكي، وترسيخ الوجود العسكريّ في قواعد دائمة في قلب منطقة الخليج. وفرح آل سعود أولاً بالمنقذين الأمريكيين حتى أتاهم اليقين، ووصلتهم ورقة الطلاق من المخادع الأمريكي، بعد ذلك بربع قرن، في هيئة الجاستا، عقب استغناء أمريكا عن مصدر الطاقة السعوديّ.

      ثم جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، لتعطي المبرر الكامل للغزو الأخير، الذي دمّر العراق ومكّن الروافض منها، ووسّع النفوذ المجوسي الصفويّ، ثم قضى على دولة طالبان في أفغانستان، ليتخلص منها ومن القاعدة. فكانت بالنسبة لهم عمليات تنظيف وتطهير بعد انهاء الوجود السوفييتي، وقمع كلّ مقاومة محتملة تهدد سيادتهم في هذه الرقعة من العالم. ووصموا تلك الحركات التي تبغي تحرر بلادها بوصمة "الإرهاب".

      ولمّا كانت الضغوط هائلة على الشعوب المسلمة، إذ أحاطت بها من كل مكان، فقراً وذلاً ومهانة، وفسقا وفساداً، اشتعلت نيران ما أسموه "الربيع العربي"، الذي سرعان ما استغتله أمريكا، كعادتها في ركوب الأحداث وإعادة توجيه أهدافها، فضربت تلك الثورات في مقتل، وأطاحت، عبر عملائها من المدنيين في تونس، والعسكريين في مصر، بمن كانت له أية صلة بتلك الثورات. واتخذت من ثورة الشعب السوري ضد الحكم النصيري ذريعة لإشعال منطقة حرب جديدة، تواجه فيها النفوذ الروسي من ناحية، والنمو الإسلامي السني من ناحية أخرى. فضربت ثورة الشام ببعضها، من خلال الأيديولوجيات المتناقضة بين علمانية وقومية وإسلامية، ثم سكتت عن الكيان الحروري، داعش، لتضرب باسمه السنة، وتضرب السنة به، حتى انتهى دوره. لكن روسيا لم تنس ثأرها، حيث رأت أن النفوذ الإيراني يتوسع بجهالة الثور الأمريكي وغروره، فدخلت الشام لتساند النصيرية، وتحتل الساحل وتسلب النفط والغاز من المياه السورية.

      وها نحن نعيش في منتصف المرحلة الحاضرة، التي قَدّرتُ أنها ستكون حوالي أربعة عقود، بقي منه عقد ونصف، لنرى نهاية التخطيط الذين دام أكثر من قرنين، أعيد فيها تشكيل المنطقة العربية مرتين.

      3)     ماذا نتوقع؟

       في ضوء تلك الأحداث الرهيبة، التي مرت بنا عبر قرنين وربع من الزمن، واختصرناها في صفحتين من الورق، فإن هناك تصوران لما قد يحدث في العقد القادم، كما نتوقع:

      أولهما: أن تنجح المؤامرة الكبرى، وهو ما تدل عليه المؤشرات في الوقت الحاليّ، فتُقسم الشام بشكل ما، وتقع العراق في يد الرافضة دون مقاومة سنية باقية، وتقع اليمن في يد الحوثيين، وليبيا في يد حفتر، ومصر بالفعل في يد السيسي، وتونس في يد العلمانيين، وبقية المؤسسات الخاصة التي تسمى أنفسها دولا، وأعنى بها الممالك والإمارات، فهي إلى إعادة تقسيم، خاصة السعودية التي لن يتركوها بحالها اليوم، حتى لو سارت على منهجها الحالي في التصالح مع الكيان الصهيوني، وشراء مضايق تيران لأجله، وفتح قنصليات، ومنح مالية للانتخابات، كلها لن تشفع للسلولية ولن تبقى المملكة في وضعها الحاليّ. بل ستُقسم إلى نجد والحجاز والجنوب، وقد يحتل اليهود، بل غالبا ما سيحتل اليهود الشمال الشرقي في تبوك.

      وقد يقول قائل، يا الله، ما لك بهذا التشاؤم المخيف! هذا يعنى تدمير البنية العربية الإسلامية وتفتيتها بالكامل، وسحق شعوبها إلى رماد تذروه رياح الغرب؟

      قلت: نعم، وما أراك متفائلاً بنصرٍ ليس لدينا وسائله ولا إمكاناته، ولا الإخلاص المستدعى لعون الله سبحانه لتحصيله. شعوب أمّا ميتة الضمير، معدومة العقل، تعيش للمال، كشعوب الخليج. وشعوب مسحوقة مطحونة لا تكاد تجد لقمة عيش، حرفياً، تطعمها أولادها الجوعى، وهم بقية العرب. وحكام مرتدون ردة تفوق كفر أبي لهب وأبي جهل، حاقدون على الإسلام حقداً مريراً، لم يعد دفيناً، والسيسي وحكام الخليج ممن يعينونه مثال على ذلك. وقد ترك السيسي، أو على الأقل ظاهراً، المركب السعوديّ لمّا عرف أن أمريكا لم تعد تحتاج إلى خدمات كلابه من عائلة بن سعود، وأن أمر السعودية صائر إلى التفتت ودولتهم إلى الانحسار. ثم جيوش خائنة مؤجرة، تعمل بمنطق العصابات، تسرق وتنهب وتسيطر وتأخذ من الشعب كلّ غال ورخيص، بعد أن أصبحت جيوشا لا تصلح لقتال، ولا لخوض معارك، بل لبيع الأجهزة الكهربائية وسلع التموين، وأصناف الحلوى والكعك، وقهر مواطنيها واعتقاله وتعذيبهم.

      لكن ...

      ثانيهما: أو التصور البديل، على ضعفه. وهو كالتالي:

      أن يُدرك قادة الشام حرج الموقف الحالي وعمق المؤامرة وضربها في تاريخنا المعاصر. وأتحدث عن الشام بالذات لأسباب، منها أن القوة العسكرية المضادة للنظام أقوى منها في أي بلدٍ آخر، ثم إن تمرسهم بالحرب خمس سنوات أسبهم خبرة وتجربة. ولا ننسى ما ذكر نبينا المصطفى عن الشام بالذات.

      لكن العنصر الأساس في الشام هو تضارب المصالح الأمريكية والروسية في تلك البقعة، خاصة والعجوز هيلاري كلينتون على وشك استلام السلطة، وهي ليست على وفاق مع روسيا، وبوتين خاصة، بعد حكاية التجسس وفضح الروس لمحوها عددا هائلا من رسائلها الإلكترونية، وإعانته لخصمها الجمهوري وتقريظه له. من هنا فإن الشام هي نقطة تحول للمنطقة كلها، إمّا إلى إنفاذ التقسيم الجديد للمنطقة، أو انهيار المؤامرة الكبرى وفشلها، مؤقتا.

      وقد حاول البعض أن يقدم حلولاً تقوم على تصوراته وأيديولوجيته الشخصية، وأضرب مثالاً ما كتب الصحفي فلاح أديهم المسلمي[1]، فشرّق وغرّب، وأتى ببعض التحليلات للواقع، مبنية على فهمه الخاص للحركة السلفية، وهو فهم ينطلق من خلفية عقلانية (!)، حاول أم يلبسها ثوبا شرعيا تجديديا (!) تقرب من تصورات محمد عمارة وفهمي هويدي والجابري والغنوشي والترابي، ومن لفّ لفّهم.

      ومن شذوذات رؤية الكاتب تحديد "دعاة الخلافة" بالنبهاني والمسعريّ، وأنّ المسعري، الذي يهاجم السلفية ليل نهار، وحزب التحرير، الذي ينطلق من الرؤية الإعتزالية، هما الممثلان الشرعيان للتيار السلفيّ! وكلاهما يتواءم مع منهجه العقلاني، بدرجات متفاوتة.

      ولم يكن للكاتب من نظرة تحليلية صائبة إلا رؤيته للإخوان كأصحاب مشروع "يسعى لبناء دولة تدور في الفلك (الغربيّ) على غرار التجربة التركية". وهذا بالضبط ما يريده الإخوان كسقف لمطالبهم، لا أرضية لها، ثم أكمل في وصفهم بقوله "إنّ الإخوان نظرا لأنّ مشروعهم قد مضى عليه أكثر من تسعة عقود , وتعاقب عليه أربعة أجيال وهو في موقع المعارضة المضطهدة , ووصل إلى مرحلة اليأس من وضعه موضع التنفيذ فقد شكّل حالة نفسية لحامليه جعلهم غير مؤهلين لسياسة الدول وقيادتها إذ يتعاملون مع الآخرين بعقلية ونفسية التنظيم المضطهد بما يمثّله ذلك من شكّ وعدم ثقة وعدم مودّة …… فكيف إن أضيف لذلك ترسيخ مفهوم أنّهم هم جماعة المسلمين , وجميع التيارات الإسلامية التي تأسست بعدهم ما هي إلا جماعات ضرار، وإن كانت هذه نظرتهم للإسلاميين فما بلك بنظرتهم لغيرهم"، وأن كنت أرى أن الإخوان أليق بأن يكونوا في الصنف الثالث الذي وسمه بمشروع "تحسين شروط العبودية" خلافا لمشروعي "الخلافة"، و"الدولة العربية القومية" سابقي الذكر.

      لكن ، كمثال مطروح "للخروج من جهنم" كما أسماها الكاتب، نرى أنه نظرا يمضي في القةل بأن الوضع هذا قد أنتج " .. جيل من الشباب أغلقت أمامه جميع السبل , فهو جيل يائس بائس ناقم على الجميع , كافر بالجميع ؛ لأنّه يعيش واقعا مزريا من الفقر والبطالة , ويرى أنّه لا سبيل لبناء حياته , ولا وسيلة لتكوين نفسه , ولم تعدّ شعارات الوطنية , والأهازيج الحماسية , وفزّاعات (المنعطفات الحادّة ) ( والاستهداف ) ( والوطن البديل ) تعني له شيئا , ولم تعد قصص المشايخ وأحاديثهم عن القدرية الغيبية وأن ما يجري هو قضاء مبرم , وقدر نافذ تعني له شيئا , ثمّ هو ينظر إلى أُلهيات الشباب من الهيئات والتجمعات وشعارات "التنمية السياسية " وغيرها نظرة لامبالاة واحتقار ؛ لأنّه بحاجة إلى تعليم جامعي , وإلى عمل يعتاش منه , وإلى بناء بيت وزواج وتكوين أسرة , وكلّ هذه المطالب الملحّة عزيزة المنال على الغالبية العظمى ……… إنّه كمريض يتمنى الموت من شدّة الألم"، لذلك فهو يقبل بأيّ من المشروعات المطروحة، إسلامية أو ديموقراطية أو قومية، أو أي شئ، خلاف ما نحن فيه اليوم. وهذا، كما أشار هو توجه العوام، ولا يصح أن يُطرح من كاتب يُفترض إنه موجِّه للعوام، لا منقادا لتصوراتهم.

       ثم نعود إلى تصوراتنا التي لا تخضع لهوى ولا توجيه إلا من مصادر استقائنا ومرجعيتنا الشرعية التي تعتبر الواقع، وترى الحلول له في ضوء تلك المرجعيات.

      التوازن اليوم في الشام هو لصالح النظام/روسيا أكثر منه في صالح التحالف/ملحدي الأكراد/فصائل الموك وبقية العملاء العاملين تحت مظلة الغرب.

      لكنّ هذا التطفيف لصالح النظام النصيري، بل النظام العالمي برمته، يمكن أنّ ينقلب لصالحنا في حالة:

      1. النظر لما يحدث في رقعتنا الإسلامية نظرة شمولية، تربط تلك الأحاث بعضها ببعض في ظلّ المنظومة الدولية دذات القطب الواحد، وتحت توجيه أمريكا، مع اعتبار المصالح المتضاربة بينها وبين الشرق الشيوعيّ، وما ينشأ عن ذلك من خلل في بعض التفاهمات والتوازنات، لا أكثر.
      2. إدراك قادة الفصائل الكبرى في الشام حجم الخراب الذي تتعرض له الأمة، وأبعاد المؤامرة الكبرى، والتعامل مع "المساعدات والدعم" الغربي من منطلق معرفة ما يسعون اليه من تحطيم هذه الأمة، بأيديهم وبأيدي من يقبل معونتهم.
      3. التخلص من أصحاب المشاريع المتميعة، التي لا تدرك كلية المؤامرة، وتعيش في وهم التصالح والتفاهم والتفاوض، مثل قدماء الإخوان، وأقطاب الاستسلام في الجماعات الأخرى، كالجماعة الإسلامية المصرية المنكوسة في تركيا، ومثلها في ليبيا.
      4. نبذ أصحاب المشاريع التوافقية الترقيعية العلمانية المحدثة، مثل من هم في الشام وفي المعارضة المصرية بالخارج.
      5. قبول من هم من أصحاب الرؤية الإسلامية العامة، ومن يلتزم بالشرع حكما، ولو اختلف في جزيئات رؤيته.
      6. تقسيم الهدف إلى أجزاء متتابعة، ليست متنافرة، تكتيكية لا استراتيجية، ليتم التعامل معها حسب القدرات المتاحة. وهذا لا يعني مرحلية منفلتة من القيود الشرعية، كما يراها البعض. فمثلا يقول بعضهم الديموقراطية هي مرحلية التغيير! فنقول، أبداً، لا يمكن أن تنطلق في سبيل الهدف بخطواتك الأولى في الاتجاه المعاكس. هذا تدليس وتضليل، غالبا متعمد ممن يتبناه.
      7. تبني عملية أحياء الأمة وإعادة إحساسها بهويتها، بشكل واسع عريض، يشرح أفضلية، بل وحدانية الحل لما نحن فيه، فالعمل ضمن منظومة مستقرة أصلاً، لن، أقول لن بجزم وتأكيد، يؤدي إلا إلى مزيد من الخراب. وكما نوه فلاح المسلمي، فإن الغرب الذي قيّد ألمانيا واليابان، منذ 1945، بقيود لم يتمكنا من رفعها رغم سطوتهما الصناعية، ليس بعاجز أن يفعل أكثر من ذلك مع شعوب الشرق الأوسط التي تعيش، بمقارنتها علميا وتكنولوجيا مع اليابان والمانيا، قبل عصر رجال الكهوف!
      8. اعتماد فكرة أننا قد وصلنا مرحلة آخر الدواء، في تعاملنا مع المنظومة الدولية. فقد قتل الغرب الأمريكي، وشرّد وهدّم ويتّم ونهب، في العقود الثلاثة وحدها، من المسلمين، ما لم يرتكبه المستعمر الغربي مجتمعا في ألف سنة مضت، مع بشاعة الحروب الصليبية وإجرام الاحتلال الإيطالي.
      9. الحلّ المختار، وهو ما غاب عن كافة من دعا لحلول، سواء عقلانية أو شيوعية، أو ديموقراطية، لن يكون إلا بما يتوافق مع روح أبناء هذه الرقعة من العالم، ومعتقداته الراسخة، الإسلام. هؤلاء الحمقى يقدمون حلولا يتوقعون أن يكون الناس أداة تنفيذها، والناس أصلاً لا ولن يؤمنوا بها، إن تعارضت مع الراسخ في وجدانهم. هذا معارض للفطرة والسنن. وكلما توافقت مع تلك الفطرة، كلما كان الهدف أقرب للتحقيق، وهي كذلك السنن.

      هذه نقاط للإعتبار في توجيه حركة هدم المنظومات العميلة في رقعتنا، ثم إعادة البناء وفقاً للحلّ المختار. وما أراه إلا مارّا بالإسلام، وتحت رايته.

      والله وليّ التوفيق

      د طارق عبد الحليم

      29 محرم 1438 – 29 أكتوبر 2016


      [1] http://arabnyheter.info/ar/archives/57842