فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      طلب البيان من فصائل الشام

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وعلى آله وصحبه وبعد

      اضطراب شديد في الروئ والتصورات، ومن ثم الأفعال والتصرفات، يجتاح ساحة الشام اليوم، نتيجة الخيارات المطرحة من قبل الغرب والتحالف التركي القطريّ الخليجي، ومن قبل فصائل لها رأي مخالف تمام المخالفة لتصرات وتصرفات هؤلاء. ومحور هذا الاضطراب هو الشكل الجديد المرضيّ للدولة السورية بعد بشار.

      ومن ثم فإنه يجب على الفصائل الكبرى، وهي الفتح والأحرار والجيش الحر وجيش الرياض والأقصى، على الأقل، أن يبينوا، لأتباعهم ومستشاريهم، ومن في الساحة:

      1. ما هو الشكل المرضي الذي تقبلونه كدولة وحكومة، في المرحلة القادمة؟
      2. ما هي الخطوط الحمراء التي لا يمكن لكم تعديها بحال من الأحوال؟

      ولقائل أن يقول: هذه أمور سياسية لا يصح البوح بها، إذ هي أوراق على طاولة التفاوضات! قلنا، هذا نوع من التدليس، فإنه قد صدر من كلّ تلك الفصائل كلمات وبيانات، فيها إشارات لما ذكرنا، لكنها مضطربة غير منضبطة ولا مجمعة، يعرفها العدو المفاوض بتفاصيلها، سواءً من حكومات الدعم، التي تسيّر بعض الفصائل، أو من تصرفات بعض الفصائل التي لا ارتباط لها بالخارج. فالحق، أن هذا التعتيم، من نصيب الأنصار والناقدين لا غير. لكنّ ضرب أخماس في أسداس، ليس طريقا يمنح الشعب الذي ضحى وقدم ما لم يقدمه أحد، ولا من أراد نصحاً على بينة، يفيد في هذا الأمر.

      وسأطرق أمرين في السطور التالية:

      1. أشكال الدولة المرتقبة:

      وهذه الأشكال لا تتخطى ما يلي:

      1. دولة إسلامية، تتبني دستورا إسلاميا، يضع الشريعة، أصولا وفروعا، كمصدر وحيد لاستقاء الأحكام في البلاد، ومنها تستخرج القوانين اللازمة للتطبيق، وتلغي أي قانون يعاكس هذا الإلزام. ولا يلزم من هذا أن يكون التطبيق لكل أحكام الشريعة آنيا، لكن ينظر فيه المجتهدون لتحديد مراحل تطبيقه والانتقال من المرحلة الجاهلية الصرفة القائمة إلى مجتمع إسلاميّ متكامل. وتكون الوسائل الحكومية وشكل الحكومة هو طريق الشورى القائمة على أهل الحلّ والعقد، لا على أساس الديموقراطية الانتخابية التي تعطي كل فرد في الشعب رأي متساو.
      2. دولة إسلامية شكلا، تتخذ الإسلام دينا رسميا، وتتبنى دستورا ينص على أنّ الشريعة مصدر "هام" من مصادر التشريع، وأن القوانين لا تخرج عن مبادئها العامة، كالعدل والمساواة والحرية، إلى جانب مصادر أخرى من تجارب الدول والأمم، وما تراه الأغلبية صالحا لها. وهذه الدولة تتخذ الوسائل الحكومية وشكل الحكومة من الشكل الديموقراطي البرلماني، على أنه نفسه هو الشورى الإسلامية كما أفتى بذلك بعض "العلماء" و"الخطباء" المسلمون. فهي ديموقراطية إسلامية كما يسمونها.
      3. دولة تؤمن بأن هوية الشعب هي الإسلام، لمن الدةلة ديموقراطية برلمانية صرفة، تؤمن بأن التشريع يخضع لإرادة الشعب، التي هي "إرادة الله!"، وأنّ مصادر التشريع متعددة، من بينها الشريعة والقوانين الوضعية الغربية، بما يناسب الشعب، وأن التصويت يجب أن يكون على كلّ قانون، بغض النظر عن موافقته لأي شريعة، فما أقره الشعب، بغالبية العدد المتساوي في التصويت، نفذ.

      وأي شكل آخر من أشكال الدولة أو الحكومة، إنما هو فرع مما ذكرنا، إلا ما يكون من ائتلاف الضال أنس العبدة وعصابته، الذي لا يعتبر حتى ذكر هوية الشعب الإسلامية خياراً، بل يتركها مفتوحة بهوية الشعب السوري. وأمثال هؤلاء من المارقين من الدين لا مجال للحديث عنهم هنا، إلا إن كان لهم صلات ببعض الفصائل التي ذكرنا.

      1. والموضوع الثاني الذي أود أن أطرقه هنا، هو تلك الهيئة الموقرة "رابطة علماء أهل الشام"، السؤال هنا هل هي تمثل كافة الفصائل على الساحة، بحيث إن ما يصدر عن عضو من أعضائها هو رأي الفصائل كلها؟ فمثلا، حين يخرج هاروش بقول أو رأي، في موضوع التعاون مع الجيش التركي، فهل هذا هو رأي جبهة الفتح مثلا، أم الأحرار، أم غيرهما؟ من يمثل هاروش ورابطته؟ سؤال يحق للشعب السوريّ، وللمهتمين بالشأن السوري في الداخل والخارج أن يعرفوا إجابته، إذ إن هذه الرابطة ليس لها موقع من الإعراب حقيقة، إلا إن اتحدت الفصائل أولا، ثم انبثقت تلك الرابطة منها، أمّا بشكلها الحالي، فلا أدرى، ومعي الكثير في هذا الأمر، إي غرض تخدم!

      وما تطرقي لهذا الأمر، وطلبي للإيضاح، إلا لأني أعتبر الشام بلدي، وأهلها أهلى، وصالحها صالح أمتي المسلمة، بلا تعصب ولا قومية.

      وأعلم أن هناك من سيقول: أهل مكة أدرى بشعابها! وإلى جانب القومية البغيضة المرفوضة، شكلا وموضوعا، أقول، نعم، ولكن ألم يكونوا أدري بشعابها يوم وقع عليهم سرطان الدواعش فكنا ممن صده عنهم وبيّن حقيقتهم ومذهبهم وطريقة التعامل معهم؟ حين كان البعض لا يزال يدرس في الأزهر!؟

      الأزمة أزمتنا كمسلمين، كأمة مسلمة، ولا مجال لنصر إلا بهذه الرؤية الشاملة ...

      د طارق عبد الحليم

      13 ذي الحجة 1437 – 15 سبتمبر 2016