فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      مقارعة الخصم في تعليقات الحصم .. على الحكيم

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد

      ما أن انتهينا من تعليقات المدعو الطرطوسي على خطاب الحكيم، وبيّنا تهافته وتهافتها، حتى خرج الأخ محمد الحصم، خصم القاعدة، الذي كتب من قبل نقدها متزاملا مع الجلاهمة[1] بطامة جديدة. والظاهر أنه هذه المرة قد تواكبت أفكاره مع الطرطوسي، حين لزم الجلاهمة الصمت .. لعلها حكمة هذه المرة!

      ومع تعاطفنا مع الأخ الحصم في استشهاد ابنه، كتب الله له الجنة مع الصديقين والصالحين، إلا أنّ هذا لا يمنعنا أن نبرز، بطريقتنا، نقاط الخلل العريض فيما تساءل فيه، تساؤلات هي في حقيقتها اتهامات وتشنيعات.

      تحدث الخصم الحصم في تويتات تُعد على أصابع اليد على تناقض الشيخ الحكيم! وهي كما يلي:

      قال الخصم: "لا زال الشيخ لا يفرق بين جهاد الطلب " الغزو" وجهاد الدفع "الضرورة" حيث يقره بشرط تطبيق الشريعة ، وشيخ الإسلام ابن تيمية يذكر أنه لا يشترط له شرط . لتقف البراميل أولا ثم نرى بعد ذلك قدرتنا وتمكننا منها ".

      ما شاء الله لا قوة إلا بالله .. خرج الخصم بما لم يعرف الشيخ الحكيم، الفرق بين جهاد الدفع وجهاد الطلب! والحكيم في معمعة الجهاد منذ الستينيات! ألا يخجل من يقول هذا بالله عليكم؟ ألا يتهم عقله وفهمه وتفسيره قبل أن يتهجم بسذاجة القط الصغير على أسد كبير؟ نعم، يا أخ حصم، يعرف الحكيم الفرق. ولولا بعد شقته وبطئ وصول المعلومات اليه، لما تجشمنا عناء الرد عنه على هذه الدعابة السخيفة، ولتركناه يهشها عن وجهه كما يُهش الذباب.

      الفرق الذي لم تستوعبه يا أخ حصم، هو أنّ الفقهاء حين قالوا هذا في جهاد الدفع، كانوا يعنون "بلداً مسلماً" مطبقاً للشرع، هاجمته قوى الكفر .. فحين إذن يكون لا شرط في الجهاد بولي أو بغير وليّ. أمّا أن يكون البلد المهاجم محكوما بنصيرية، وسيؤول حكمه لو استرسلنا فيما تدعو اليه إلى حكم علماني، فالأمر إذن يحتاج إلى فقه، يا حصم .. لا نقل عن ابن تيمية أو غيره. فقد جعلت مناط إيقاف الزحف الخارجي هو إيقاف البراميل، وهذا لا يصح لو أن سوريا بعدها ستظل في حكم إسلاميّ، فيصح المعاهدة والهدنة وغير ذلك مما هو معروف في كتب الفقه في مظانه. لكن الأمر ليس أمر فعل اعتداء على النفس، بل فعل اعتداء على الدين، هذا ما جهلته يا أخ حصم. فقدمت حفظ النفس على الدين مطلقا، دون مراعاة هذه النقطة. فيا حسرتاه على دراسة الأصول !!

      ثم يقول "أحسن إذ قال أن الوحدة لأهل الشام حياة أو موت ولكن تجاهل دعوةالفصائل للنصرة لفك ارتباطها وكأن فك الارتباط هو حياة أو موت"

      شكر الله إحسانك! لكن أليس للقصد عندك محل في الفكر يا أخ حصم؟ ألا تعرف قصد هذا الطلب من فصائل معينة؟ ألا تعرف ما سيؤول اليه الأمر؟

      إن كنت لا تدرى فتلك مصيبة ** أو كنت تدرى فالمصيبة أعظم

      كما قلنا لصاحبك الطرطوسي، فإن الحكيم "يستخدم لفظ "ثم" للتعقيب أي الترتيب، فما يذكره قبلها يترتب عليه ما بعدها .. في سلسلة .. فإن قال "لو فارقت القاعدة ثم زج بها في السجون" لأمكن أن يكون لفهمك السقيم باب ولو التحايل على اللفظ. لكنه رتب أموراً منطيقة تترى حوادثها تبعا، فإنه من المعلوم المسلم به أنّ هذا الطلب إملاءٌ غربي على الفصائل التي وافقت على مفاوضات العار في الرياض وجنيف، والتي لم تنتج إلا دمار حلب، .. فإن خلعت بيعتها، جاء الطلب المنطقي وهو الانضمام لمفاوضات العار، فإن حدث، فالموافقة على حكومة علمانية منصوص عليها في الرياض وجنيف، رضي بها أشباه المسلمين من المتفاوضين، فإن جاءت الديموقراطية، بزيها العربي لا الغربي، فالسجن مصير كل معارض سابق، نصرة وغيرها .. فما الداعي إذن لحل البيعة اليوم، إلا الهبوط على هذا الدَرَجَ الهاوي؟". الأمر لا يتوقف عند نقض بيعة إذن.. هو له ما وراءه إلا عند المتعامين أو الأطفالن ولا نحسبك من أيهما يا أخ حصم.

      ثم قال الحصم "والعجب أنه جعل الدعوة لفك الارتباط محاولة لصرف أنظار الأمة عن أعدائها الحقيقيين. ومع هذا التشكيك الواضح إلا أن فيه تناقضا واضحا مع كلامه السابق عندما قال إن إعلان اسم القاعدة يعطي أمريكا ونظام الأسد فرصة كانوا يتمننوها. وأن الشعب السوري سيقول ما بال هذا التنظيم يأتينا بالكوارث"! في ثلاثة تغريدات متتالية !! وقد حاولت فكّ طلاسمها معا، فلم أفلح! ولم أجد فيها جملة مفيدة يتمسك بها المرء ليفهم غرضها، بله الردّ عليها.

      ثم قال الحصم "قوله"ولا قفزنا ببيعة مجاهيل" أليست هذه طريقتكم؟ ألم تقر يادكتور أنكم قبلتم بيعتهم مع أنكم لا تعرفونهم لدرجة أنكم طلبتم منهم السير الذاتية؟!".

      وهذا من أسخف ما سمعت وأكثره سذاجة، بل لا يليق بطالب علم أن يقوله، بله من يسميه طلابه العالم والعلاّمة! الله أكبر..

      أتسوي بين المختلفين وتجمع بين الشتيتين، يا صاحب الأصول؟ هل موافقة القاعدة على من أشارت به هيأتها وقتها في دولة العراق ليقود البغدادي "تنظيماً موالياً" للقاعدة، ثقة منها في هؤلاء الذين تعاملت معهم ردحا من الزمن، وليسوا بمجاهيل لها، مثل بيعة عظمى يعقدها خارج عن الصف، ناقض لبيعته التي اعترف بها قبلاً، على أنه خليفة المسلمين في كلّ أنحاء الأرض، يُقتل من يخرج عليه، بما فيهم أمراؤه وشيوخه؟ أجُنّ الناس جميعاً؟ أيمكن التسوية بين هذين؟ أهؤلاء المجاهيل للعالم الإسلاميّ الذين نَصّبوا خليفة عليه، مثل مجاهيل عندك وعندي، معروفين عند تنظيمه، ليقود فرعاً له ؟ أستحي والله أن أسمى هذا الفكر باسمه!

      ثم يقول "وودت أن يبين لنا الدكتور السر في تمسكهم بالارتباط وما الفوائد التي سيحصلها الشعب منه؟".

      قد بيّناها لك، ومن لم يفقهها وحده فلا حاجة للحديث معه .. وهي المحافظة على مرجعية مساندة، حيث تساند تركيا وقطر جهات حسب أجندتها، والخليج وأمريكا جهات حسب أجنداتهم. أفيستوى هذه المرجعية بتلكم؟ ثم الأصل أن هناك بيعة، فعليك وأمثالك أن تبيّن ما يدعو لنقضها، فالأصل بقاؤها. وقد قال الحكيم، أنه في اللحظة التي تظهر الحاجة لترك الأمر للنصرة في خياراتها والانسحاب، ليس بطلب فصائل معروف ولاءاتها، فلن يكون تردد في هذا. فما الذي تأخذه على هذا؟ تريد تقديم مصلحة النفس على الدين، حسنا، قلها وأنهى الحديث!

      ثم يقول آخرا "وأكرر عجبي ان الشيخ لم يذكر رأس الشر إيران بل ذكر غيرها "!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!"

      هكذا والله بكل هذه العلامات من شدة التعجب، كأنه وقع على كنز سليمان!!!!!!!!!!!!!! فنجاريه فيها.

      وماذا في هذا يا أخ حصم؟ ماذا أدت اليه العبقرية الأصولية التحليلية من هذا؟ أيمكن أن يكون لأن طلب النفير أصلاً هو الموضوع الأساس؟ أيمكن أن يكون أنه لم يذكر دولا أخرى كذلك مع عدائها للتنظيم وللإسلام؟ أيمكن أن يكون لأنها هي العدو أصلاً فلا داع لذكرها كل مرّة؟ أيمكن أن يكون لأن التسجيل كله عشر دقائق أو نحو ذلك؟ أم تعتقدها مؤامرة خبيثة يديرها الحكيم، متعاوناً مع إيران، التي يدعو في التسجيل للنفير لقتالها، قتال الروافض الملاعين؟

      ما هذه العقليات؟ أين تركبت؟ وفيم تخصصت؟ ولماذا تحرج نفسها فيما لها عنه مندوحة .. الصمت يا حصم.

      د طارق عبد الحليم       2 شعبان 1437 – 9 مايو 2016


      [1]  انظر ردنا عليهما في مقال "حين يستأسد الخِرْنَقان .. على القاعدة" http://tariq-abdelhaleem.net/new/Artical-72950