فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      يا دعاة التوحيد والوحدة ... بشأن دعوات الاصطفاف الثورى

      الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد

      تحدثنا في المقال السابق عن دعاة التراص والاصطفاف والتوحد الثورى .. دعاة الوهم والتمنى، دعاة الرايات العمية والخلطات العقدية. وبيّنا زيف هذا التوجه، بل حذرنا من نتائجه، فإن وقوعه شرّ من تخيله، وكما قال أبو العتاهية

      ربّ امرئ حتفُه فيما تمنّاه

      واليوم نتحدث إلى دعاة التوحيد والوحدة

      فيا دعاة التوحيد والوحدة، قد استمعتم إلى نداء ربكم، كله، لا مختارات منه، وضممتم جزئياته إلى كلياته، ووعيتم متشابهاته، وفصلتم عامه بخاصه، ومطبقه بمقيده، ومجمله ببيانه، فعرفت منهج ربكم.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، طريق ربكم واضح بيّن لا لبس فيه ولا غبش. وكيف لا، وهو الرحمن الرحيم، الذي "هو الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"التوبة 33.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، أنتم أولى بالدعوة لتوحيد الصف، وجمع الكلمة، بل أنتم أهل ذلك وأولياؤه. لكن صفكم هو صف المؤمنين، العاملين بدين الله، الراغبين صدقاً في إقامة دينه، لا في إقامة "دين"! جمع كلمتكم هو جمع على منهج الله، وفي طريق الله وسبيله، لا في سبيل أي طريق أو منهج آخر، مهما اختلط فيه الاسلام بغيره، كاختلاط اللحم بالعظم! فأنتم قادرون على تشفية اللحم لحماً وإلقاء العظم جانباً، بنور الله الذي هداكم.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، الأمر ليس أمر انتصار سريع يتحقق في حياة أحدنا، فلسنا أنبياء ولا مبشرين بدين جديد، معاذ الله، لكن نحن تقيم الحجة أولا، ونسعى للتغيير ثانياً، فعوا هذه الكلمة جيداً.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، يقول الواهمون المنحرفون "أنتم تتشرذمون وتتقوقعون"، فنقول لهم، لا والله، بل نحن بعزة الله الجمع وأنتم الشراذم. نحن الأصل وأنتم البهت .. قليلنا كثير، وكثيركم حقير، لأن الله هو مولانا، وهو رائدنا، لا نستحى من رفع اسم دينه، يقول الواهمون المنحرفون لنسكب تعاطف محافل الماسونية ونوادي الليونز والروتاري وخدامهم، وليتهم يرضون! قوقعتنا هي حضن القرآن وحصن السنة، وامتدادكم هو ردهات الأمم المتحدة على إفناء الإسلام، وإعانة السيسي وأمثاله.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، يقول الواهمون المنحرفون "أنتم لستم عمليين"! فنقول لهم، بل نحن العمليون ولا سوانا. نحن نرى التاريخ عبرا، والماضي درسا، ونعرف ما يريد بنا أعداؤنا. وعينا درس الحملة الفرنسية، ثم عصر محمد علىّ، ثم الاستشراق، ثم سقوط الخلافة، ثم الجامعة العربية العلمانية، ثم دعاوى القومية العربية، ثم الأمركة والتطبيع الصهيوني، ثم كارثة السلمية ومهادنة العسكر، ثم ... السيسي، وما أدراك ما السيسي! وَعيْنا كل هذا، وعرفنا منه ما إنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، التوحد على منهاج النبوة.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، العملية الحقة هي أنْ نعرف أن الحق يجب لزاما أن تحميه القوة، وبغير ذلك فهو الهوان والذل والانهزام. ونعلم إننا، بحكم وضعنا، ليس بأيدينا القوة المادية الآن، إلا قوة الله من ورائنا، وهي الركن الشديد. وأنتم تعتمدون على نصرة من هم ليسوا بمنتصرين أساساً، علمانيون وليبراليون على مذهب "من كل فيلم أغنية"!

      يا دعاة التوحيد والوحدة، إقامة الفكرة أولاً، ثم الدعوة إلى التوحد تحت هذه الراية، ومعرفة تفاصيلها على قدر عقول من تطرحونها عليه، والتمسك بها دون تلجلج، وعدم الالتفات إلى غيرها، مهما زين الشيطان غيرها، وأوهم بأن فيها مصالح وأهدافا يمكن أن تتحقق، وأنها واقعية وأنها عملية، وأنها هذه وذاك .. عضوا عليها بالنواجذ.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، هؤلاء المتأمركون دعاة التراص الموهوم، لا يعرفون أن الإسلام يجب ما قبله، من أحزاب وتجمعات وأحلاف. وأنّ المصيبة فيمن اتخدوا القرآن عضين، أي مفرقاً، والقرآن هنا يدخل تحت مفهومه الحكمة، وهي السنة، فيستشهدون بأحداث وأقوال جزئية منتثرة هنا وهناك، دون الجمع بين أطرافها، والنظر لها، أي الشريعة، كأنها انسان متكامل الهيئة، فليست العين إنسانا، ولا القدم إنسانا ولا الرأس إنسانا، وهي طريقة أهل البدع كما ذكر الشاطبيّ في اعتصامه.

      يا دعاة التوحيد والوحدة، نحن فخورون بعدم التوحد مع كل متردية ونطيحة، عاملون على ذلك، ومقبلون على من سار على وثيقتنا التي أكرمنا الله بتبنيها، وهي معنية بإقامة الدين أولاً، وإقامة الدين آخراً

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

      د طارق عبد الحليم

      1 مارس 2016 – 22 جمادي الأولى 1437