فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      حول بيان فصيل 'جند الأقصى' .. ومسائل أخرى

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:

      بشأن بيان جند الأقصى الأخير، فإنه لا يصح الانسحاب من جيش يحارب أعداء الله صراحة، كما قلنا عن كرهنا للتفرق والتشتت وإعادة إنتاج المُنتج وبيّنا من قبل، فهذا فيه من الضرر فوق ما فيه من المصلحة. ولو صدق ما في البيان، لاستشاروا فيه العلماء قبل إصداره، ثم إصداره مشفوعاً بتوقيعاتهم على ذلك. فإن الاكتفاء بتبجيل العلماء بالقول أمرٌ، ومخالفتهم لما ينصحون به، أو سؤالهم بعد الواقعة، أمر أشدّ وأنكد.

      والبيان في ذاته بيان جيد لا غضاضة فيه، من حيث ضرورة بيان المواقف والبعد عن التميع وتحديد الولاءات، ما لزم ذلك حسب المواقف المختلفة. كما نرى إن الموقف من قبول المعونة التركية الموهومة، والمعونات الخارجية الأخرى، موقفا ليس بعمليّ على الإطلاق، بل يفتح باباً لتسرب من ليسوا من أهل الثقة أو الإخلاص بين صفوف المجاهدين.

      لكن .. موضع ثلمة مدمرة في البيان، إلى حانب انسحابه من جيش الفتح، تجعله غير موف لحق الجهاد في الشام، ولا في إعانة الأمة على أعدائها. الاكتفاء بدفع صولة التنظيم الحروريّ. وهذا إنما يعكس جهلا شديداً بطبيعة هذا التنظيم، وغرضه على الأرض، ليس من الناحية الحرورية العقدية، ولكن من جهة هدم العملية الجهادية برمتها. وقد أعلنها كشاش التنظيم بلسانه، قطعه الله، فلا ندرى تحت أي منطق يقال نكتفي برد صيالهم؟ وقد أعلنوا حرباً علنية على كلّ جماعة، ومنها جماعتهم.

      كما إنه من غاية السذاجة أن يطلب أحد من تنظيم البعث الحروري "هدنة"! كيف ولسانهم نطق منذ يومين بتمزيق الألوية وتحطيم الجماعات وتفتيت التنظيمات. هذا أمرٌ لا يستقيم مع عقل أو منطق، لا شرعيّ ولا وضعيّ، بل هو فتح الباب على مصراعيه للممارسات البعثية التوحشية، ملبسة بزي إسلامي حروري أن تسيطر في نهاية الأمر، وهو ما يكون مصيبة كمصيبة النصيرية والروافض سواء بسواء.

      وما نعجب له هو  هذا التمزق الذي فيه جماعات السنة، وكأنهم يخالفون سنن الله، من تعدد ألوية النور وتوحد لواء الظلمات!

      انفصل قريباً "جيش الشام" عن النصرة والأحرار، تحت دعوى رغبة مقاتليه في حرب تنظيم الحرورية والجدّ في ذلك، مع بيانات تؤكد الحرص على "العلاقات الدولية" وبالذات المعونات التركية. ثم هذا جيش الأقصى ينسحب من الفتح بدعوى أنّ أحرار الشام يدفعونه إلى محاربة تنظيم الحرورية، والوقوف ضد "العلاقات الدولية"! فما الذي أوغر القادة المنشقين عن الأحرار بتركهم إن كانوا يدفعون الناس إلى قتال الحرورية؟ ألكل منطقة استراتيجية منفردة؟ ألا استراتيجية واحدة لكل فصيل على الأقل، لا نقول للإتجاه السني عامة؟

      نرى أنّ الساحة السنية قد انقسمت، وستظل، إلى اتجاهات متباينة:

      1. فصائل ترى عدم قتال الحرورية البعثية ابتداءً، وطلب الهدنة معهم، وترفض الدعم والعلاقات الدولية، وهو ما يدّعيه جيش الأقصى، وكذلك هو الموقف الرسميّ لجبهة النصرة، فما ندرى ما الفرق بينهما حقيقة؟ إلا أن تكون درجة مهادنة النصرة للحرورية أقل من درجتها عند الأقصي، أي بكلمات أخر، أن الأقصى أقرب للتوجه الحروري منه للنصرة!
      2. فصائل ترى قتال الحرورية البعثية ابتداءّ وعدم طلب الهدنة معهم، وتقبل الدعم والعلاقات الدولية، وهو ما يدعيه جيش الشام المشكّل حديثاً، والجبهة الإسلامية وجيش الإسلام (علوش).
      3. فصيل أحرار الشام، بعد الانشقاق الأخير، وهو ما لم يتحدد توجهه بعد في بيان عقب الانشقاق. وغالبا ما سيكون أقرب للنصرة من غيرها.

      ونلحظ هنا أنه لا فصائل ترى قتال الحرورية البعثية ابتداءّ وعدم طلب الهدنة معهم، ولا تقبل الدعم والعلاقات الدولية. وهو أمرٌ يدعو إلى التساءل وضرورة النظر فيما يعنيه.

      وما نراه في دلالة هذا الأمر هو أنّ قتال الحرورية البعثية ابتداءً يتطلب دعما ما، وهو ما يعتقده أصحاب الفريق (2) من حيث وعود الأتراك والخليجية، بدعمهم لقتال داعش، وهو ما لا نرى له أثراً حقيقة على الأرض. ثم إن الفريق (1) وهم النصرة وجيش الأقصى، لا يرى قتال داعش ابتداءً لسببين، قلة الموارد التي تسمح بقتال النصيرية والدواعش معا، ثم عدم تصور حقيقة التنظيم الحروري، نتيجة أقوال مضطربة ممن شذّ في توصيفهم، فتعلقوا بها ولم يركنوا لدليل، فقلدوا في هذا الأمر، وادعوا الأخذ برأي العلماء في أمور أخرى، حسب الحاجة.

      وهذا الوضع، سيكون وبالاً على الجميع، إن عاجلاً أو آجلاً. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد

      د طارق عبد الحليم

       11محرم 1437 – 24 أكتوبر 2015