فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      تعليق على الحلقة الثانية من سلسلة الربيع الإسلامي - للشيخ الحكيم د أيمن الظواهري

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، آله وصحبه، وبعد

      مقدمات ضرورية، يجب على كلّ معلق إعتبارها حين يتناول كلمات مفكر أو عالم أو مجاهد، فما بالك بمن يعلق على كلمات عالم مجاهد مفكر معاً، الشيخ د أيمن الظواهري. ثم لا يجب أن يفترض أحدٌ الكمال في قائل أو قول، إذ انتهى عصره منذ رحيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من دنيا الناس هذه، بل هو حق وباطل يزيدان وينقصان. ثم يجب إعتبار ظرف المتحدث، وواقعه، وتوفر المعلومات لديه، ثم فكره الخاص النابع من تجربته وغناها وثرائها، ومن تربيته ونفسيته وبيئته التي نشأ فيها. كلها عوامل يجب اعتبارها حتى يكون المعلق منصفاً ما أمكن، فإن التعليق على القول هو قراءة العقل، وفيه ما فيه من الصعوبة.

      (1)

      فالملاحظات التي استشففناها من الحلقة هي كالتالي، وسأركز على شطر الشام فيها، فهو الغالب على كلّ حال.:

      1. أن الشيخ الحكيم قد هاجم تنظيم البغدادي، وسار على منهاجه في الحلقة الأولى من تعريته ونسفه، بلا اعتبار نسب زائف ولا لفظ تكريم، كما فعل في بيانه المشهور منذ عدة شهور. بل بدأ الحلقة بالهجوم على البغدادي وتزييف خلافته، لتكون أساسا للحديث بعد. وهذا يعكس وصول معلومات أكثر دقة عن تصرفات المسخ العوادي في الساحة الشامية والعالمية.
      2. أن وجهة نظر الشيخ تقوم على النظر ابتداء وانتهاءً إلى القوى العالمية التي يراها تحرك الأمور كلها في منطقتنا، وأنها "الأخطر" والأولى بالصد والتكتل، مهما بلغت قوة الخلافات "الداخلية". فصدّ الهجمة الصليبية الواضحة على الإسلام في كافة البلاد والمستويات، هي، كما يراها، ما يمكن أن يفتت البراعم الجهادية التي يرى إنها ستؤتى أكُلها قريبا في الشام، وتتمدد إلى كلّ مكان في بلادنا الاسلامية. ومن ثم، لا يجب أن يقف شئٌ في سبيل صدها.
      3. وبناء على ذلك، فإنّ أي أمرٍ آخر على الساحة، أو أيّ خلافٍ، يجب أن يأتي ثانويا بالنسبة لهذا الأصل المحرر. فمع إسقاط خلافة الزور العوادية، وبطلان بيعته، وإثبات خيانته، لا حرج من القتال إلى جانب كيانه ضد الصليبيين، إن وقع هذا القتال.
      4. ثم يقوم على هذا التحليل عدم رفض للكيان كله، بل نصحح فعله إن صح، ونزيفه إن كان زائفاً.
      5. كذلك، ومن هذا المنطلق، فلا داعٍ لإطلاق وصف "الحرورية" عليهم، إذ يأتي معه بتبعات لا يمكن تلافيها أو تجنبها، كقتلهم قتل عاد. وهو، كما يرى الشيخ الظواهري، ضرر على الوقوف ضد الصليبيين، لا رأفة بهم بالضرورة.
      6. ومن هذا المنطلق، أطلق الشيخ مبادرته بتوحيد الصف، "هذه مبادرةٌ أطرحُها على فئاتِ المجاهدين في العراقِ والشامِ سعيًا في توحيدِ صفِهم ضد عدوِهم المتوحدِ ضدهم. حتى وإن رفضها البعضُ، أو استخف بها، أو زعم أنه ليس في حاجةٍ إليها." اهـ

      (2)

      هذا والله تعالى أعلم، ما طرحه الشيخ المجاهد، وما اعتبره في حلقته الثانية، وياتي هنا تعليقنا على ما قال، مع العلم بأننا لسنا ننتمي إلى القاعدة ولا غيرها تنظيميا، ولا نريد التبرير المخالف للحق، كما نراه من الدليل الشرعي ومن الواقع المعاش، والله وليّ التوفيق.

      1. أول ما يستلفت نظرنا هو ذلك التطابق التام بين ما يعرض الشيخ المجاهد من رأي في مسألة كيان البغداديّ وما يعرض الشيخ أبو محمد المقدسي، في الرأي الذي شذّ فيه عن بقية من ذكر الشيخ الحكيم من أسماء تعتز بها الحركة الإسلامية. وما أرى إلا أن هناك أثر مباشر من تواصل المقدسيّ مع الشيخ الظواهريّ، وهو ما حدث من قبل كثيرا كما تواصلا في موضوع المبادرة. وليس هذا يعنى عدم اقتناع الشيخ الظواهري بما صرّح به، فليست هذه صفته ولا نوعه، بل يعنى أنّ الأثر موجود لا تخطؤه العين.
      2. وقد يقول قائل، ولمَ لا يكون العكس، فأثّر شيخنا الحكيم الظواهري على الشيخ المقدسي؟ قلت، لأن الأثر الأكبر يأتي من جهة من يحمل معلومات أكثر في موضوعه، وهو ما يسميه علماء "التصرفات البشرية" في مجال علم الإدارة "القيادة بالمعلومات". ومن المفيد أنْ نبيّن أنّ علم "التصرفات الإنسانية والتنظيمية"[1] قد أوضح الفرق بين "القوة" Power، والتأثير Influence. فليس الأقوي تنظيميا له الأثر الأكبر ضرورة[2]، وأحد أنواع القوة هو ما يسمونه "القوة بالمعلومات"، حيث يمكن لمن هم أقل درجات أن ينالوا مكانة أعلى وقوة أكبر لإستحواذهم على معلومات هامة في موضوعهم لا يعرفها من هم أعلى منهم، وهو موضوع خارج عن نطاق تعليقنا، لم نذكر منه إلا ما يفيد هاهنا. ورغم أن الشيخ المقدسيّ لا يرتبط تنظيمياً بالقاعدة، كما نحسب، إلا إنه ولا شك أصبح من مصادر معلومات قادة القاعدة، لقربه من الساحة الشامية، وثقتهم به من ذي قبل. فنخلص من هذا برأي انّ هذا النظر الذي عرضه الشيخ د الظواهريّ يرجع، جزئياً، لأثر الشيخ المقدسي عليه، من جهة المعلومات التي ينقلها، ولعله استبدله بالشيخ أبو خالد السوريّ رحمه الله.
      3. فإن صح ما قلنا، فإن هذا الذي خرج به الشيخ الحكيم الظواهري، مبنيّ على معلومات "مشخْصنة" ممن له رأي شذّ به عن الجماعة. ومن الواجب أن تتعدد المصادر في تبيين هذا الأمر، لتصح الرؤية، والله تعالى أعلم
      4. أن الشيخ الحكيم قد ألقى مسؤولية ما يحدث في الشام على عاتق جماعة البغدادي وحدها، دون غيرها، بل استهزأ بقول طه فلاحة "لك الله أيتها الجولة المظلومة"!
      5. ثم إن المبادرة التي عرضها الشيخ الحكيم الظواهريّ، هي من قبيل الإعذار، لأنه يعرف، ويعرف الكلّ أن كيان البغداديّ لا يقبل مبادرات ممن يعتبرهم كفاراً مرتدين، وهو ما فعلوه مع مبادرة الشيخ المقدسي، ومن قبل مبادرة المقدسي، مبادرتي والشيخ الفاضل العامل د هاني السباعي، والتي طرحناها بتاريخ 22 يناير 2014، بعنوان  دعوة للصلح والصفح بين المجاهدين في الشام - دعوة للدولة وجبهة النصر وأحرار الشام وغيرها من كتائب[3]، وهي أول مبادرة بهذا الشأن، فلم نسمع لهم ردّاَ ولا ركزاَ. 
      6. والشيخ الحكيم، من موقعه ومكانه، وما فيه من صعوبات في تلقى المعلومات، لعله لم يدرك أنّ كيان الحرورية البغيض المجرم، لا يقبل تعاوناً مع أحد، بل هو خنجر موجّه إلى ظهر المجاهدينن في كلّ مكان وحين، لا يتورعون عن طعنهم، ولن يتغيّر موقفهم بمبادرة الشيخ الظواهري أو موقف الشيخ المقدسي العجيب، الذي أحمّله وحده مسؤولية هذا الموقف المتهالك من تلك الجماعة الحرورية، والتي قد يراه حكمة وهو نقمة، هداه الله.

      هذه تعليقاتي على حلقة الشيخ الحكيم المجاهد، الذي هو، رغم ما أراه من موقف لا أشك في إنه سيبدله لو وصلته المعلومات من جهة محايدة،  من يستحق قيادة هذه الأمة.

      د طارق عبد الحليم        13 سبتمبر 2015 – 30 ذي القعدة 1436


      [1] Organizational Behavior and Human Performance.

      [2]  “Organizational Behavior”, Bowditch, Bouno, and Willy, P49

      [3] http://tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72497