فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      القاعدة الذهبية في معاملة أصحاب البدعة البعثية الحرورية

      الحمد لله الذي لا يحمد سواه، المحمود على كل حال، وبكل لسان ومقال، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد

      فإننا نواصل حديثنا عن أهل البدعة المداهنين والمتسردبين في حنايا عقول حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، فهذا جهادنا لا نتركه حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا.  فإن شاء الله لن نملّ حتى يملّوا!

      قررنا من قبل القاعدة الذهبية في تحرير مناط الحرورية، والتي تقبلها الكلّ وساروا عليها، ولم يتمكن واحد من أهل البدعة الردّ عليها، وهي إنه "إن كان تكفير دون قتال فهو الغلو، وإن كان هناك قتال دون تكفير فهو البغي، فإن اجتمع التكفير ثم القتال فهي الحرورية". ومختصرها، هي إنها التكفير بما ليس بمكفرٍ، كما بيّنا في مقالاتنا الأولى عن تنظيم السامرائي وعقيدته.

      والمشكلة التي تواجه الحركة الإسلامية السنية اليوم متعددة الأطراف، منها ما هو مسؤولية أبنائها، ومنها ما هو مسؤولية أعدائها في الداخل أولاً، ثم في الخارج ثانياً. وكما ذكرت، فإن لكلّ مشكلة منها جذور، تتعلق بالبيئة المحيطة وقدرة الناظرين فيها، وتعقيد قواعدها، وخفاء باطلها.

      ومن أهم تلك المشكلات مشكلة التقييم، للفكرة أو للفرد أو للجماعة أو التنظيم. ويجد الناظر أنّ تلك المشكلة تقوم مقابل الفكر السنيّ السنيّ كله، بل والكيان السنيّ برمته، في تحدٍ أظنه من الأقوى تاريخياً، ليس لقوة القائمين عليه المدثرين ببدعته، قدر ما هو ضعف الفكر السني وكيانه قبل كل شئ.

      والنظر الصحيح، في الفكر السنيّ، لابد أن ينبني عليه تقييم صحيح، حسب القاعدة الذهبية العظيمة التي قررها ابن تيمية، ووافقت العقل والنقل والمنطق، وفضحت شبه المرجئة، وهي أنّ "القدرة التامة والإرادة الجازمة لابد أن ينشأ عنهما عمل". فعدم العمل، أو الخلل فيه، يعنى بالضرورة تخلف قدر من القدرة أو قدرٍ من الإرادة. وتخلف الإرادة ينشأ من أمرين، قلة الإخلاص، أو قلة العلم. فإن فرضنا تحقق الإخلاص، عند البعض، وجب افتراض تخلف العلم، ومن ثمّ القدرة على صحة التقييم والنظر والتحليل.

      والتقييم الصحيح، في النظر السنيّ، لابد أن ينبني عليه معاملة صحيحة، وقد قرر السلف كيفية معاملة أهل البدعة بشكل عام، والخوارج الحرورية بشكلٍ خاص من حيث نزل فيهم الحديث ولم يأت في غيرهم حديث ثابت. فالانحراف عن كيفية هذه المعاملة انحراف عن السنة، وعن منهج السلف، وعن طريق الهدى والاستقامة والنصر، لا دخل له بورع أو تنطع. بل الورع هو اتباع السنة وهدي الصحابة والسلف لا غيره. وغيره هو البدعة عينها، سواء ادعى فاعل ذلك السنة أم لا.

      واتباع السنة في قتل الخوارج بلا تردد ("قتل عاد"& "فإن في قتلهم أجر"& "طوبى لمن قتلهم وقتلوه")  لابد منه من أوجه عديدة، أولها إنها بيان القرآن وهي الحكمة. ومنها إنها هدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، ومنها إنها هي التي تجلى السنن الكونية وتضعها في مواضعها، فإن الكثير من الخلق يرون السنة النبوية ويحترمونها، لكن لا يضعوها في موضعها اللائق من الاعتبار، من حيث ارتباطها بسنن الله الكونية، ومن حيث هي الفعل الإنساني الوحيد الذي تجلّت فيه هذه السنن للبشر وظهر اتصالهما وكيفية لقائهما، وهو بعدٌ يجب ألا يغيب عن نظر الناظر، فبه تكون السنة مبينة للجانب التشريعيّ وموجهة للجانب الكوني في آن واحد.

      لذلك فإننا حين نتحدث عن قتال الخوارج وقتلهم لا نعنى الجانب التشريعي من ناحية الطاعة وحدها، وهي مقتضى العبودية، بل نعنى كذلك اتباع سنن الكون التي وضعها الله للنصر، وهو مقتضى الربوبية. وعليك بربطها بقتال النصيرية والعلمانية السيسية وكل قوى الشر، فهل يمكن لأحدٍ أن يُغفل البعد الكونيّ الربانيّ في استلزام النصر والبقاء لهذا القتال؟ بل هو الأصل في تقرير جهاد الصائل ودفعه في بلادنا. وإنما خفيَ في حالة الحرورية البعثية لشبهة المناط وتحريره، وعجز العوام وأشباههم من متسكعي العلم وصعاليكه عن إدراك حقائقه تارة، وعن الرغبة في استغلال ظروفه تارة أخرى.

      ومن هنا، فقد وجب أن يقاتل أهل السنة الحرورية البعثية العوادية، وأن يتخلصوا من السم الناقع الذي يقدمه لهم شيطان الورع البارد في شكل تنطعٍ وورع، فهو مخدر عقديّ لا يؤدى إلى إلى القضاء على مقاومة السنة بشقيها، التشريعي والكونيّ، وإلى الخروج عن الطاعة وخسارة النصر معا.

      د طارق عبد الحليم

      2 مايو 2015 -  3 رجب 1436