فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      لماذا تريد الحرورية قتلنا؟

      الحمد لله الذي لا يحمد سواه، المحمود على كل حال، وبكل لسان ومقال، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد

      فقد اتسع مؤخراً، نطاق المحرّضين على قتلنا من بين صفوف أتباع الداعشية العوادية، وزادت صور السكاكين وأصنافها وأطوال حدّها، بشكل يتناسب طرديا مع الهزائم التي يُمنى بها التنظيم على الأرض في العراق خاصة، وفقده لأماكن استراتيجية، كنا نود لو أنها بقيت في يد سنة العراق، ولم يسيطر عليها أنجاس المجوس الروافض. لكن قدّر الله وما شاء فعل.

      والحق أن هذا التحريض على القتل لم يكن له صدى في نفسي أكثر من تساؤلات تؤكد إجاباتها ما ذهبت اليه من انطباق وصف الحرورية على عقيدة هؤلاء البسطاء المساكين، وتؤكد حداثة أسنان وسفاهة أحلام تجاوزت ما عرف التاريخ من أصناف الحرورية وفرقها المختلفة.

      ونحن نطرح هذه التساؤلات على الحرورية، مدركين وآسفين أن ليس بينهم عالم نخاطبه، إلا السفهاء منهم، أصحاب السكاكين والمطاوى، خريجي السلخانات العالمية – قسم الذبح، فلعلهم يحيرونا جواباً:

      والتساؤل الرئيس هنا هو: ماذا ارتكبنا لنستحق وصف الردة ومن ثم القتل؟ فنحن:

      1. نقر بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه سلم نبيا ورسولاً وبالقرآن كتاباً لا نبي ولا كتاب بعدهما.
      2. نقيم الصلوات ونؤدى الزكوات ونحج ونعتمر ونحفظ القرآن ونرتله ونحفظ من حديث رسول الله صلى الله عليه سلم ما تيسر.
      3. لا نرتكب الفواحش الظاهرة ولا المعاصي الكبيرة، إلا اللمم الذي لا ينجو منه بشر إلا رسول الله صلى الله عليه سلم. وما أشاعت الدواعش من أقوال، عن ارتكابنا لفاحشة الزنا، فلا نقول إلا حسبنا الله نعم الوكيل، عليكم بأربعة شهود عيان، وإلا فهو الجلد لمن تلفظ بهذا، لكن الدواعش لا يعلمون! فالجهلُ موتٌ.
      4. صرفنا أربعين عاماً في تدوين وشرح وبيان أحكام الله سبحانه من خلال علوم الشرع كالفقه والأصول والفرق والعقائد، وأنتجنا أربعة عشر كتاباً مطبوعاً وما يزيد عن ألف مقال وبحث مطول في شتى فروع الشريعة، جعلها الله مقبولة خالصة لوجهه. وما شوش به صعلوك العوادية الحايك من سرقة كتابنا في الأصول إلا من فرط جهله، إذ لو عاد إلى كتاب أصول، ونعلم إنه لا قدرة لديه على ذلك، مثل "أصول السرخسي" لوجد نفس التقسيم الذي سار عليه أبو زهرة في كتابه عن أصول الفقه، فهل سرق أبو زهرة كتابه من السرخسي؟ أم سرقنا نحن كتابنا من السرخسي؟ أم إنه مذهب العلماء في هذا الفن أن يستخدموا اصطلاحاته المتفق عليها، خاصة في موضع تجميع وتيسير؟ لكن مرة أخرى، حسبنا الله ونعم الوكيل، والجهلُ موتٌ.
      5. لم نوال طاغية يوماً، بل خرجنا فارين من الطاغية لأننا أبينا السكوت، فطوردنا منذ عام 1981، ولو كنا هَمَلاً كما أنتم وأتباعكم لما طاردنا أحد، ولما خرجنا من المدينة خائفين نترقب منذ 35 عاماً، ولنا في ذلك أسوة بموسى عليه السلام حين خاف على حياته "ففرت منكم لمّا خفتكم" وخرج إلى أرض مدين، وهم أشد كفراً وعتوا من فرعون، لكن لم يكن بينهم خصومة، فأمن على نفسه. لكن مرة أخرى، الجهلُ موتٌ. والعجيب إننا نحن المطاردون نكتب بأسمائنا لا نتخفى وراء كُنى مضحكة، بينما الدواعش يتخفون وراء الكنى، كالبتار والمهيار والذباح والقباح، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهم في أرض الخلافة الموهومة ذات الأمن والأمان، التي يستنفرون اليها نساء المسلمين. فهم حروف لا حقيقة لها، ليس من وراها شخص يُسأل.
      6. لم نوال الغرب ولم نكتب في تصحيح مذهب ديموقراطية ولا غيرها من المذاهب الشركية، بل هاجمنا أصحاب الديموقراطية بما لا يضارعنا فيه أحد على وجه اليقين. بل وهاجمنا بوش والأسود الكلب أوباما وهاربر بالإسم بأشد ما يكون الهجوم، في لغتهم علناً، وتعرضنا بسب ذلك إلى ما لا يعلمه إلا الله.
      7. لم نرم أحدا من النساء بفاحشة، بل أطلقنا أوصافاً محددة على أصنافٍ محددة، بعموم وإطلاق، لا تخصيص وتعيين، من أن من خرجت من بيت وليّ أمرها، وحدها دون إذنه، فقد ارتكبت محرماً لا يبرره ما لم يتب عليه الله من "استنفار" إلا لدي الحرورية الذين يكفرون أهلها، فهي إما غرّة جاهلة مضحوك عليها، أو امرأة تريد هرباً من بيت زوجها دون أن تطلب طلاقاً أو خلعاً، أو ذواقة للرجال، ساقطة صاحبة مغامرة. وهؤلاء كلاب أهل النار اختاروا أن يصنّفوا الفارات اليهم من الصنفي الثاني الثالث، لا نحن من قررنا ذلك. وإن تعجب فاعجب لمتورع بارد من منتسبي السنة ينصحنا بأن نحذر من رمي الحرائر، على صفحات موقع له قيمته واحترامه، كنا نود ألا ينشر ترهات طويلب علم متنطع، لكن هذا زمن العجائب، والجهل موتٌ.
      8. لم نتهم أحداً بشذوذ ولا غيره كما يشيع المبطلون عن الأعجمي الذي قتل مؤخرا في عملية "انغماسية" كما قالوا. لكن الأمر قد اشتبه علينا حين وضعوا صورته، فقد كان، رحمه الله، في صورة أقرب للنساء بما لا يجادل فيه أحد، ولم يكن قد قتل ساعتها، ولم نعرف يشهد الله إن كان رجلا أو امرأة وقتها، وهو إذ مات، يبعثه الله على نيته، وندعو له بالخير.
      9. لم ننصر التحالف في أي عمل يقوم به، بل هاجمنا الصليبية والصهيونية والصفوية، ومسحنا بحكام العرب أرض المزابل، وبيّنا ردتهم بما يفعلون في شعوبهم وشريعتهم.

      10.  لم نقسم والله على ولاء لأحد في جنسية أو غيرها، فقد كان ذلك في أيامنا منذ ثلاثين عاما اختياريا، وهذا ما لا يعلمه أفراخ الحرورية ممن ولدوا أول أمس! رغم إننا نحترم عهداً أقمنا بموجبه، دون قسمٍ، بين بشر من البشر، لا نعتدي عليهم ولا يعتدوا علينا، فإن حفظ العهد من شيمة المسلم، لا الخيانة التي تربى عليها حرورية العصر، ممن يخطف عمال الإغاثة لحفنة دولارات! أخزاهم الله.

      إذن، بمَ نكفر ونرتد ونستحق القتل بكل تلك السكاكين المرهفة التي تشيب لهولها سوالف الأبطال؟ بأي معصية أو ذنبٍ استحل هؤلاء الجزارون دماءنا، كما استحلوا من قبل دماء أكابر مجاهدي الشام ظلما وجرما؟

      نعم، هذا هو السبب، فيما يلي:

      1. إننا، بعد أن صرفنا خمسة أشهر في محاولة النصح والتقريب، كما هو ثابت من بياننا مع الشيخ المفضال د هاني السباعي بتاريخ 22 يناير 2014، بعنوان "دعوة للصلح والصفح بين المجاهدين في الشام"[1]، اضطررنا أن نبيّن عوار مذهبهم ونفضح دينهم ونردهم إلى ما وصفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا زلنا نكرر أنّ من لم يدرك أن هؤلاء هم الحرورية، بل أسوأ من الحرورية القدماء، فهو إما جاهل بالفرق، أو غائب عن أحداث الواقع، أو متخوفٌ من رد فعل انتقاميّ، بشكلٍ شخصيِّ.
      2. إننا لم نبايع "الخليفة" العواديّ، وأنّى لا أن نبايع وهماً حرورياً، ونحن قد صرفنا العمر في محاربة البدعة وفضح رؤوسها.
      3. إننا قد هاجمنا "خليفتهم" ومتحدثه طه حمام فلاحة، وهم والله قد جعلوا الاسلام مسخرة الدنيا، وقضوا على فرصته السانحة بجهلهم وغيّهم وشهواتهم في السلطة.

      فهل يا ترى كفرنا برفض بيعة "الخليفة"، أم بالفرار إلى أرض كفر من وجه الطغيان، وعدم العودة إلى أرض حرورية لا معالم لها؟ أم كفرنا لتهجمنا على الخليفة وعلى طه حمام؟ أي من هذه الأفعال الشنيعة ردة عند الحرورية؟

      1. رفض البيعة لعدم قيام صحتها في نظرنا الشرعي
      2. الهجوم على من نراه صاحب بدعة هي الأسوأ في تاريخا المعاصر
      3. الإقامة في أرض كفر، مع العلم أنه لا دار إسلام على وجه الأرض اليوم، على رغم ما يشيعه الدواعش عن أرضهم التي هي مقتطفات مقتطعات من الشام والعراق، عليها حواجز لا يقوم بها أمن ولا تسمى دولة إلا في عقل طه حمام.

      على كل حال، هذا دليل إضافي على حرورية هؤلاء المبتدعة، الذين، والحمد لله، لم يخصّونا بالردة، بل عمّموها على سائر مخالفيهم، ممن كانت قياداتهم يحملون أحذيتهم تيمّنا بعلمهم من قبل فتنة المسيخ السامرائي.

      فهؤلاء إذن سبّابون لعّانون، سفهاء أحلام مهاطيل، ساقطي العدالة والكرامة، لا تُقبل شهادة أحدهم في ورقة فجلٍ، بله دم مسلم موحّد.

      د طارق عبد الحليم

      17 مارس 2015 – 27 جمادى أولى 1436

      [1]  http://tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72497