فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      في ذمة الله أخي الحبيب، ابن خالي محمد إيهاب البشري

      إنا لله وإنا اليه راجعون .. "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍۢ ﴿٢٦﴾ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلَـٰلِ وَٱلْإِكْرَامِ ﴿٢٧﴾" الرحمن.

      بعد صراع طويل مع المرض الخبيث، كتب الله نهاية الصراع، وانتقل محمد إيهاب حسين عبد العزيز سليم فراج البشري إلى رحمة الله ورضوانه بإذنه.

      لم يكن يخطر ببالي في تلك السنوات الطوال التي كتبها الله لي على الأرض، أنّي سأكتب نعيه، لا والله، لكن الأعمار بيد الله يوفيها إلى مداها، لا تنقص ولا تزيد.

      أخي وحبيبي إيهاب، ولدنا في عام واحد، ونشأنا أقرب ما نكون من الإخوة، بل كان أقرب لي من بعض إخوتي، يعلم الله. عشنا أياماً لا أنساها في العباسية في دار أبيه، خالي حسين عبد العزيز البشري، رحمه الله، نلعب ونمرح في شبابنا، نذهب سوياً في منتصف الخمسينيات إلى مكتبة كانت على شارع العباسية، نشترى كتب ونبدلّها، وثم نخزنها في خزانة قديمة من ايام الشيخ سليم البشري، احتفظ بها خالي رحمه الله. ثم لا أنسى ذكرياتنا في شبابنا أيام الثانوية، في أوائل الستينيات، وما كان أكثر منه تفاؤلاً ولا مرحاً ولا خفة ظلٍ من إيهاب، بقية ميراث أبيه وجدّه.

      ثم انهيت الثانوية قبله بعام واحد، ودخل كلية الهندسة بعدي بعام. يا لها من ذكريات لنا سوياً لا أنساها. ثم منّ الله عليّ بالعمل معه بعد أن أعان على توفير عمل لي في الكويت، بعد أن قضيت أعواماً في الأردن ، منذ خرجت من مصر هارباً من مبارك الطاغوت في عام 1982. ولا يذكر الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل.

      أذكر في عام 1967، حين عدنا مرة متأخرين جدا من فسحة مع أصدقاء، وكان والدي رحمه الله في انتظارنا في بيتنا بالعجوزة، ولمّا فتح لنا الباب، واطمئن إننا بخير، طردنا معا من البيت! وكان شديدا جداً رحمه الله، ولم يكن معنا أي مال نستأجر تاكسياً، فاضطررنا إلى السير من بيت العجوزة إلى بيت خالي في الروضه سيرا على الأقدام، فوصلنا وجه الصباح! وأذكر حين كنا رجالاً بعد الجامعة، في عام 1970، كنا نذهب سويا كل جمعة لحضور درس الشيخ محمد الغزاليّ في مسجد عمرو بن العاص، لا يفوتنا مرة.

      كيف أصف إيهاب رحمه الله؟ كان والله، يعلم الله لست مبالغاً، من أصفى الناس قلباً، وأحسنهم عشيراً، وأكرمهم يداً، وأطيبهم نفساً، وأعلاهم خلقاً. لا يَعتدى ولا يتعَدّى، بل يسمع ويغفر ويشفق ويرحم. ابتلاه الله في حياته بما لا يستحق ومن لا يستحق، لكنه صبر وأدى أمانته وحمل رسالته، من غير شكوى ولا ضجر. ما بخل على أحدٍ يوما، بل أنفق سراً وعلانية. وحافظ على صلاته، حتى رمقه الأخير.

      ليست هناك كلمات تعزيني ولا تسليني في إيهاب، إلا ما علمت من موت سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ثم موت والدي ووالدتي. ونحن على الدرب نسير إلى لقاء معه، ندعو الله أن يكون قريبا.

      رحمك الله يا إيهاب، وتغمدك في واسع رحمته.

      د محمد طارق عبد الحفيظ أحمد عبد الحليم

      7 فبراير 2015 – 19 ربيع ثان 1436

      الساعة 10:30 مساءً بتوقيت كندا، 3:30 صباحاً بتوقيت القاهرة