فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      تذكرة بشأن الوضع السياسيّ الحاليّ في المنطقة العربية

      الحمد لله الذي لا يحمد سواه، المحمود على كل حال، وبكل لسان ومقال، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد

      حتى لا تغيب الحقائق الثابتة على أرض الواقع بشأن ما يجرى على ساحتنا العربية "المسلمة"، فإننا نذكر مرة أخرى، بل ونؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على ما يحدث من ترسيخ التقسيم الذي بات واضحاً لكلّ ذي عينين، وبقية من عقل. ونؤكد مرة أخرى، أنْ لا يجب أن تضيع هذه الحقائق الثابتة على الأرض في خضم الدعايات الحرورية أو الغربية الصليبية أو السلولية أو الصفوية الرافضية، فكلها متفق علي هذه الخطة، برضى أو بتمنع، لا يهم.

      هو المسلسل الذي تناولناه من قبل، قد تمت مرحلته الأولى بكلّ حذافيرها، وهو الذي رسمنا حدوده في عدة مقالات من قبل، منها على سبيل المثال "الشرق الأوسط الجديد .. في مرآه السياسة"[1]، المنشور 26 ذو الحجة 1435 الموافق 20 أكتوبر  - 2014. ويتلخص نظرنا في التالي:

      1. تسليم اليمن للرافضة الصفوية مقابل تسهيلات في المفاوضات النووية، وقبول إسقاط المالكيّ ليتهيأ وجود وجه جديد يقبل بالتقسيم.
      2. تكوين مناطق سيطرة، تنشأ في خضم عملية صراع مرسومة النتيجة، تعمل بسياسة الأمر الواقع، وإن احتاجت إلى ضبط حدودها وضمان عدم افتئات فصيل متصارع على الآخر، ثم تتحول إلى أربعة دويلات، هي الكردية في ضمال الشام والعراق، والحرورية في وسط الشام والعراق والنصيرية السورية في جنوب الشام وغربه، والرافضية الصفوية في جنوب العراق إلى وسطه. وتفصيلاً فإن هذه الدويلات هي:
      • دويلة رافضية في جنوب العراق، ولا مانع من محاولة تمددها قليلا لاستعادة بعض، لا كلّ، ما فقدت للحرورية. وهذا مقبول إيران الصوفوية داخل إطار الصفقة اليمنية والنووية.
      • دويلة "حرورية" لا يسمح لها بتمدد خارج الإطار الذي سيطرت عليه بالفعل، من أراضي الشام والعراق، ورفض تمددها، كما رأينا في فشلها الذريع في كوباني، التي سعت للإستيلاء عليها لضمان معبر إلى تركيا، قبل إنهاء حالة الصراع بين الجهات الأربعة وترسيم الحدود نهائيا. ولا بأس أن تسمي نفسها خلافة أو دولة أو غير ذلك، فتلك "سياسة داخلية للإستهلاك المحلي "الإسلامي" بين المسلمين. بل إن بعض الدول الأوروبية قد بدأت في تسميتها الدولة الإسلامية بالفعل! ولا أشك لحظة واحدة أن الاتفاق هذا جرى بين مسؤولي العوادية وبين أمريكا بطريق مباشر واضح لا خفاء فيه، وأن أمريكا قد سمحت بقتل الصحافيين بذريعة التدخل ليضمنوا هذه الحدود الجديدة، ويصوروا إنهم فاعلون كلّ ما يمكنهم لمنع وقوعه، لكن ليس في الإمكان أبدع مما كان، وأنه أمر فرض نفسه على الأرض، وسنعمل على الإبقاء عليه كما هو! كما حدث مع الدويلة الصهيونية. وقد ترك الغرب الصراع بين السنة والحرورية داخل تلك المنطقة لاستنفاذ قوى الطرفين، وإن كانت الأفضلية عنده هو انتصار الحرورية من حيث إنهم لا جدوى للتفاوض معهم على خيانة أو مراكز سلطة أو سيطرة. لذلك ترى الحرورية اليوم لا همّ لهم إلا وقف أي تقدم للسنة ولو في أراضي النصيرية كما حدث في حلب وحمص، ولا همّ لهم إلا قتلهم في كل مكان في الشام، فصارعهم مع النصيرية أو الروافض انتهى، اللهم إلا بعض مناوشات لذر الرماد في العيون.
      • دويلة بشار النصيرية، التي جدد الغرب اهتمامه بالإبقاء عليها، بعد تعديله الأخير على سياسته العامة في المنطقة، إثر ما رآه من قوة للسنة في الشام، مما أداه إلى تخفيف الوطء على بشار، ورسم الخطة مع الحرورية لتنفيذ هذا الترسيم. وهو ما نراه من عدم وجود قتال حقيقي الآن بين الحرورية والنصيرية، وإنما كان الأمر أولاً لرسم الصورة التي ينتهى اليها الوضع على ما هو عليه، بعد أن وافق بشار على هذا المخطط مقابل الإبقاء عليه.
      • دويلة كردية قائمة بالفعل في الشمال، وقد ضرب التحالف بيد من حديد أي تمدد حروري إلى مناطقها سواء في شمال العراق أو شمال الشام، فسياسة فرض الأمر الواقع، تنتهى عند الحدود التي تم ترسيمها، لا شبر من ورائها.
      1. دخول دول الخليج، مجبرة داخل هذا التخطيط، وموافقتها عليه، بعد أن هددتها أمريكا إنها يمكن أن تفقد وحدتها، وأن تتمزق هي الأخرى، سواء على أيدي الروافض الصفوية أو على أيدي الحرورية. وهم يعلمون أن تلك النتيجة هي المرحلة التالية لهذا المخطط، والذي قد تبدأ في العقد القادم بعد أن يستتب الوضع القائم حالياً.
      2. الجهة الوحيدة التي لم تجلس على طاولة المفاوضات تلك، سواء لم تقبل بأي دور فيها كالنصرة والأحرار، أو حالت موقفا متوسطاً كالجبهة الإسلامية، هي قوى السنة سواء المنتمية للقاعدة أوغير منتمية. وذلك لأسباب منها أنّ ذلك يقف ضد كلّ مبدأ إسلامي كما يرونه، ومنها أن العدو اللدود الحقيقي هي القاعدة، كانت وستظل.
      3. كلّ دعاية، أو مناوشات، أو مواجهات وقتل هنا وهناك، بين تلك الكيانات الأربعة، هي تكتيكات للإستهلاك المحليّ للعامة ليس إلا. ومن ذلك بعبعة مسؤولي الحرورية عن غزو المملكة السلولية، أو الأردن، أو تلك الإصدارات العبيطة الموجهة لمخابيل الصبية من المسلمين، أو قصف التحالف الناعم الحنون لمراكز الحرورية. ومن شواهده صمت الخليج عن استيلاء الحوثيين على اليمن، وضرب الأمريكان العنيف للقاعدة وحدها هناك. وفي هذا الإطار تُفهم مسارعة الحرورية بالأمر بعملية المتجر الفرنسي عقب عملية القاعدة في تشارلي أبيدو، حتى لا يظهر إن المهاجم للغرب هي القاعدة على وجه الحقيقة، فجاءت تلك العملية التي لا معنى لها ولا طعم ولا لزوم، من قتل مدنيين لم يثبت تورطهم في أي شتمٍ أو سبّ!

      قوات التحالف إذن هي لحفظ السلام بين تلك الأطراف الأربعة المتفاهمة المتفقة على حدود مرسومة، ومنع سيلان لعاب أحدها على مناطق تقع تحت سيطرة الآخرين، لحفظ توازن حدود سايكس بيكو الجديدة.  

      والسنة اليوم، يجب أن يستوعبوا أنهم يواجهون القوات الحرورية أساساً، إذ هي الموكل لها في هذا الإتفاق، إن أرادت أن يكون لها دويلة مستقلة صغيرة تسميها دولة أو خلافة أو إمبراطورية أو ما شاءت، بأن تتخلص من أيّ مقاتلين من السنة في تلك المناطق.

      ذلك هو المخطط، الذي تمّ على أرض الواقع بالفعل. فعلي أهل السنة رسم خططهم بناء على هذا التصور. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

      د طارق عبد الحليم

      22 يناير 2015 – 2 ربيع ثان 1436


      [1]  http://tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72798