فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      رسالة مفتوحة لمجاهدي سنّة اليمن – أين يضعكم بيانكم عن نصر الإخوة الحرورية!؟

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      أدعو الله سبحانه أن تصلكم هذا الرسالة وأنتم في خير حال يرضها الله سبحانه. وإنّا والله لنضع أمثالكم في حدقات الأعين وفلذات القلوب، بما قدمتهم في سبيل الله، تقبله الله منكم، إنه وليّ ذلك.

      أمّا سبب رسالتي، فهو صدور ذلك البيان الموسوم "بيان عن التحالف الصليبيّ"، والذي أصابني بحزن شديد، لما جاء فيه من مدح وتكريم لجماعة الدولة، التي عرف القاصي والداني أفعالها وتوجهاتها، مما يجعل مدحها باباً لشرعية أفعالها، وطريقا لاتباعها على ما هي عليه، والله المستعان. فإنّ بيانكم، والحق يقال، لم يبلغ حتى مبلغ بيان جماعة من الدعاة والمشايخ الذي خرج منذ أيام، تحت اسم مشابه لبيانكم هذا، فقد ذكروا، على أقل تقدير، عدم موافقتهم لمذهب الفصيل المعتدي، ولا تصرفاتهم وممارساتهم!

      والأمر ليس أمر الخلاف على تسمية ذاك الفصيل، لكن على حقيقة تصرفاته وتوجهاته ووسائله وخططه. وفي يقيني، كباحث في الفرق، هم حرورية غلاة، كما بيّنت في كثير من مقالاتي حولهم. وقد شاركني في هذا الرأي مشايخ الفضل د هاني السباعي وأبو قتادة الفلسطيني وغيرهم، ممن لا يشق لهم غبار في هذا الباب. كما أصدرنا بيانا مشتركا مع فضيلة الشيخ د السباعيّ عن توصيفهم الشرعيّ[1]، لم نسمع من أحد من المشايخ ردّا عليه! أما من رأي أنهم من الغلاة، وقصّر عن تسميتهم بما هم أهل له، سياسة أو اعتقادا أو لغير ذلك من الأسباب، كالشيخ المقدسي، فيما ظهر من حديثه دون ما بطن، فهذا لا يقوم عليه خلاف بيننا وبينه، إلا قليلاً، ولعل له أسبابه!

      على كل حال، أظن أن ما جاء في هذا البيان خطأ كبير، سيعود على أهل السنة جميعا بضرر يتعدى النفع الذي جرّ تصوره من ورائه. ومما لا يخفى على مثلكم أن المفسدة والمصلحة إن تعارضتا، قُدم درأ المفسدة إن علت عليها في قياس النفع والضرر.

      والاضرار من وراء مثل هذا التوجه في الحديث عديدة، منها إنه يزعزع الثقة في مصداقية مذهب أهل السنة، وفي صحة ما نقول للتفرقة بين الوسطية الشرعية والغلو. فإن البيان لم يشر ولو بكلمة لما عليه هؤلاء من غلو وبغي، بله حرورية، ولا ردّ على جرائمهم كأنها لم تحدث! بل كأن دم من قَتلوا ماء، ودمهم هم المعصوم دون غيرهم. وهذا فيه ما فيه من ظلم وتجن وقلب للحقائق ومناصرة للغلو والجريمة ما فيه.

      وإننا نجد ريح غلو واضحة، وانحياز بيّن في اليد التي خطت هذا البيان، في جملة مثل "تحت دعوى أنهم حرورية، وهم ليسوا كذلك"، يشعر القارئ أنها وضعت هناك قصدا واعتسافاً، دفاعا ضد أهل السنة، لا ضد التحالف الصليبيّ! ولا ندرى عمن كتب هذا البيان، لكنه بلا شك خطر قائم بذاته في جسد الجماعة بالجزيرة.

      ثم منها إنه يرسخ الثقة في قول من قال ليس من ضرر "كبير" وراء الانتساب لهذا التنظيم، بل هم "إخواننا" وليسوا حرورية. ولا يخفى على مثلكم أن التمحك بكلمة عليّ رضى الله عنه "إخواننا بغوا عليها" في هذا الموضع ساقط دلالة ومناطا، فإن مناط قول عليّ كان بعد أن قاتله وقتلهم، وسأل عن التذفيف على جرحاهم، لا إبّان قتلهم للمسلمين، وتمسكهم بالمذهب التكفيريّ! وهؤلاء لا يشبهون الحرورية إلا في اتفاقهم معهم في أصل البدعة الكليّ وهو "التكفير بما ليس بمكفّر يقيني" ثم قتل المسلمين بناء عليه. وهو أصل بدعة خوارج عليّ رضى الله عنه، إذ لم يكفروه بكبيرة ولا ذنب، بل قلبوا الإيمان كفرا. لكنهم كان الحرورية الأول، أهل صدق وجهاد، حتى أخذ أهل الحديث عنهم بلا تحفظٍ بخلاف بقية أهل البدع. أمّا جماعة السامرائي، فهم يكذبون تديّناً، كما يعلم القاصي والداني، ويكفيك خطابات المبهت العدناني في حقّ الظواهريّ حفظه الله. كذلك

      ثم منها إنه يقيم عليكم حجة بينكم وبين منتسبيكم، إذ لأي سبب لا تبايعوهم إذن؟ بل لأي سبب لا يبايعهم د الظواهريّ؟ إن لم يكونوا أهل بدعة، وكان فيهم غلو، فهذا لا يمنع من مبايعتهم! وفي هذا ما فيه من تناقض في موقفكم، خاصة وقد جددتم بيعتكم للشيخ الظواهري!

      ثم، أنتم تُضربون بطائرات التحالف منذ سنين، فأين بيانهم الذي ذكروا فيه إنكم "إخوانهم" وإنهم يقفون معكم في صدّ تلك الهجمات؟ ثم ما نوع الصدّ الذي ستقفونه معهم وأنتم تُضربون أشد وأقسى مما يضربون؟

      ثم، لِمَ لَمْ يتعرض البيان لبقية الفصائل التي يستهدفها التحالف، وأكبرها ينتمي أساساً لتنظيمكم الأم؟

      ثم لم أر في هذا البيان فائدة واحدة، إلا دعوى إنه مجرد اتقاء للعدناني المبهت أن يرميكم بعدم الوقوف بجانب فصيله، واتقاء أن يقول عدد من منتسبيكم مثل هذا القول. ودعوى أخرى مبطلة أنّ بين صفوفكم من يواليهم، فتحرصون على وحدة صفّكم! أهكذا تكون المحافظة على وحدة الصف السني؟ بمتابعة البدعي، وادّعاء إنه ليس ببدعي علنا، وعدم الاشارة لبدعته أو التبري منها، بل واتخاذ أهلها إخوانا؟ هذا والله لونٌ جديد من المحافظة على الصفّ، لم نعهده من قبل! والله إن كان هذا هو سبب صدور البيان، فقد شقّوا صفكم بالفعل، وما هي إلا مسألة وقت حتى ينهوا وجودكم، فإنّ هؤلاء لا يقبلون مخالفا، أو آخر في صفوفهم، بل هي هتلرية فردية قاتلة مجرمة.

      والله لقد أهديتم في هذا البيان درة عقد للخوارج، هي التي عملوا عليها حين استعدوا الغرب للقيام بهذه الحملة. ألا ترى أخي الشيخ الحبيب أنهم أرادوا عدوان هذا التحالف وسعوا اليه بكل جهد، ليدفعوا بأهل السنة لهذا الموقف؟ ألا ترى إصرارهم على ذبح الصحافيين، ثم حين تلكأت إنجلترا، ذبحوا لها واحداً؟ والله إننا نلعب على الوتر الذي يعزفه لنا السامرائي، لا نفوّت منه مقاماً! وهم في هذا الاستعداء سبب مباشر لقتل من يُقتل من المسلمين أطفالاً ونساءً ورجالاً، لكنهم برجماتيون لا يرون إلا مصلحة كيانهم المسخ المعبود وصنمهم الدولة.

      سبحان الله، وأسأل: ما الذي وضعنا في هذا الموقف في المقام الأول؟ كيف وصل بنا الحال أن أصبحنا نعمل ألف حساب لكلمات العدنانيّ، وأن يقف مذهب السنة، يتودد لأصحاب الهوى والبدعة، حتى لا يفرطوا عقده، ويفرقوا جمعه؟ وجواب السؤال أقدمه اليك بلا تهيب: هو تهاون أهل السنة في ردّ الصاع صاعين، وبالذات موقف كبار مشايخ السنة، وما فيه من تردد وعدم تقديرٍ لخطورة ما نواجه، لا التحالف الصليبي أعنى، ولكن خطر التغلغل التكفيريّ الحروريّ. لولا هذا، لكانوا هم – الحرورية - من يجب أن يتقربوا لأهل السنة، وينشرون البيانات، يُظهرون بها إنهم إخواننا، وإنهم لا فرق بينهم وبيننا. لكني وجدتهم والله ماضون في طريقهم، لا يعتبرون لأهل السنة اعتباراً، ولا يعيرون ما يقولوا اهتماما، صغيراً ولا كبيراً. والله المستعان.

      وإني والله، كمتخصص بالتخطيط بشهادات من أكبر جامعات أوروبا، أشهد أنّ مخططيهم قد فاقوا في مهارتهم مخططي أهل السنة مجتمعين، ولا أحسب أنها عقلية السامرائي أو العدناني، بل عقليات مدربة في حزب البعث الشيطاني سنين عدداً.

      إخواني: لقد أسأنا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخطأنا في التقدير السياسيّ معا حين أصدرنا هذا البيان، وإني والله لكم ناصحٌ محبٌ أمين، قديم في الدعوة نصف قرن من الزمن. فلعلكم تجدون وسيلة تتداركون فيها ما حدث من خطأ وخلل، وأن تقوموا بحق الوفاء لأهالي من قتلوا على أيدي الحرورية، وحق نصرة الكتائب السنية العاملة في الساحة الشامية، قبل حق أخوة مزعومة لا علاقة لها بشرعٍ ولا بواقع. وأنتم إخواننا، منظور لكم ولأقوالكم وبياناتكم، من قِبَل مسلمي العالم كله، فالزلة هنا مضاعفة آلاف المرات، لا تقارن بزلة مثلي. وهو ما يجعل موقفكم في غاية الحساسية، وحساب كلماتكم بميزان الذهب لا الحديد.

      وأنا مدرك أنّ أحداً غيرى لم يأخذ عليكم هذه المآخذ علناً، لكنى والله أدين هنا كلّ من تلكأ بنصحكم إلا سرّاً، فقد خرج بيانكم علناً في الأخبار، لا يفيد فيه نصح بالإسرار. وقد تلكأت أياما عسى أن أجد تصحيحاً أ تبريراً فلم أسمع إلا صمتاً.

      بارك الله فيكم، وحفظكم ورعاكم، وجعلكم ناصرين للسنة، قامعين للبدعة، آمين

      د طارق عبد الحليم

      24 ذو الحجة 1435 – 18 أكتوبر 2014

      [1]  بيان حقيقة "تنظيم الدولة" بقيادة إبراهيم بن عواد - توصيف التنظيم وحقيقة عقائده http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72747