فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      الطوفان القادم على آل سعود - وما بعد الطوفان!

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد

      سبحان القائل العليم "أَلَمْ يَرَوْا۟ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍۢ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًۭا وَجَعَلْنَا ٱلْأَنْهَـٰرَ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَـٰهُم بِذُنُوبِهِمْ"الأنعام 6، والقائل الحكيم "وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَـٰثًۭا وَرِءْيًۭا"مريم74  . والقائل الرحيم "وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًۢا"مريم 98. سبحانه جلّ وعلا.

      "وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ" الأنعام 33. نعم، يروا الآيات فلا ينتبهوا لها، بل يعرضوا عنها، كفر الإعراض، لا كفر التكذيب ولا كفر الجهل ولا كفر الجحود. بل مجرد الإعراض. كأنها أنزلت لغيرهم، أو أنها تصف أحوالا لا دخل لهم بها، وتحذر من سنن لا تنطبق عليهم. لا والله بل قال تعالى "لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَـٰبًۭا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ"الأنبياء 10. بل هم خاضعون للسنن ولكنهم لا يعقلون.

      هؤلاء هم آل سعود. هذا واقعهم الأليم. فعلوا كل ما منع الله وحرم، بغية استمرار ملكهم. وَالوا الصليبية، وفتحوا لها أبواب جزيرة العرب. عادوا كل ما هو من الإسلام الصحيح في شيء. وضعوا خدودهم تحت نعال أمريكا، تطأها متى شاءت. ضحوا بمصالح أمتهم، من أجل سيارات فارهة وقصور ونساء وشراب وسلطة، ثم قالوا نحن سدنة بيت الله وخدامه! سبحان الله وهل كان أفضل من كفار قريش سدنة لبيت الله وخدمته؟ لكن "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَآجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَـٰهَدَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِ"التوبة 19. وليتهم اكتفوا بسقاية البيت وعمارة المسجد الحرام، وكفّوا عن أذى المسلمين، لكنهم عادوا كلّ أولياء الله، وسجنوا دعاته، وأعانوا كلّ كفار أثيم كالسيسي، وأووا ونصروا علي زين العابدين، وضحوا بكل غال، بما سيكلفهم عرشهم آجلاً، ليتخلصوا من الإخوان، أصحاب السلمية! قذف الله في قلوبهم الرعب فلا يؤمنون "وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" آل عمران 21.

      لكن، ما لنا ولهذا الحديث، فهو موعظة لغير سامع، وصدق شوقي

      لقد أنلتك أذنا غير واعيةٍ       ورب مستمعٍ والقلبُ في صممِ

      والواقع اليوم أن هذا العرش أصبح قاب قوسين أو أدنى من السقوط.

      تراكمت أخطاء وعثرات متوسديه، وطال خصامهم للأمة، وعداؤهم لدين الله، حتى انسدّ عليهم طريق الرجعة، سياسة.

      الوضع الآن أن أمريكا قد رأت حليفها الجديد، إيران، وقد سار بخطى قوية نحو الحصول على التكنولوجيا النووية، كما رأت أنّ كل مصالحها مع العرب مقضيّة بلا ثمن وبغير صِداق. فآثرت أن تشكّل العالم العربيّ تشكيلاً جديداً يعطى الروافض جزءاَ ليس بالهين من حلمهم في إحاطة جزيرة العرب من كلّ جانب، والقضاء على العرش السعوديّ، وبناء الإمبراطورية الصفوية الجديدة، التي لا تعادى الغرب ولا تعتدي على ميراثه من النفط. فكان أن سكتت عن التقدم الحوثي، بل أعانته بتوجيه الضربات القاتلة لمجاهدي السنة في اليمن. وتركت يد إيران مطلقة في العراق، يقتلون أبناء السنة ويشرّدون عيالهم. وتركت حزب اللات في لبنان، وبشار في سوريا، على ما ارتكبه من فظاعات ضد السنة. فاكتمل للروافض ما يريدون.

      كلّ هذا يحاك حول رقاب آل سعود، وهم لا يعقلون! يعينون السيسي للفتك بجماعة ليس أكثر منها سلمية على وجه البسيطة. بل لا يعترضون على ما حدث في اليمن وهو أخطر من جماعة الإخوان، بل من الكيان الصهيوني عليهم. فهل رأيت غفلة أكثر من هذا؟

      المشكلة ليست في سقوط العرش السعوديّ بذاته، فوالله لا يعنينا هؤلاء إلا قدر ما تعنى عذرة الآدميّ في المرحاض! لكن ما يعنينا أن نستوعب أثر سقوط هؤلاء على التقسيم الجديد للمنطقة، فإن هذا يعنينا ويعنى كلّ مسلم ولا شك.

      وقضية سقوط العرش السعوديّ قضية مفروغ منها، لأنها السنن تعمل كما أوضحنا، لكن الاجتهاد في كيفية سقوطه. والغالب إنه سيكون من تفاعلات داخليّة، تثيرها إيران وأمريكا، عناصرها الروافض من جهة، والحرورية من جهة أخرى. وساعتها تبدأ عملية التقسيم الأخطر في الشرق الأوسط برمّته، إذ ستضرب أمريكا سياجاً منيعا على المنطقة الشرقية. وقد أعدت لهذه اللحظة منذ حرب الخليج الأولى. ولا نستبعد أن تطلب إسرائيل "منطقة عازلة" عن موطن الاضطرابات تشمل تبوك. ولا نستبعد كذلك أن تدخل قوى الحوثيين حتى نجران وجيزان. ثم تترك القبائل العربية تتقاتل داخل نجدٍ والحجاز!

      لقد حارب آل سعود القوى السنية التي كانت من الممكن أن تدافع عنهم، بغبائهم المُفرط، لو ساروا على نهج السنة. فهل تصدق أن عاهرات طياريهم وأبناء ملوكهم يختالون باعتلاء طائرات أمريكية، يضربون بها تجمعات السنة، ودعك من داعش، ويتركون الحوثيين في جنوب بلادهم يعدّون لهم المقاصل؟

      إن انهيار الحكم السعوديّ، أمرٌ يحلم به كلّ مسلم، لما قام به هذا العرش من ظلمٍ وجور وفسق وولاء للمشركين وعداء للمسلمين. لكن أمر ما بعد سقوطه هو ما يجب أن ينتبه له الموجِّهون في ديار السنة، إن كانت لهم كلمة مسموعة اليوم.

      رأينا انهيار على زين العابدين يأتي بالمرزوقي!

      ورأينا ذهاب القذافي ليأتي على زيدان وعبد الله الثني، وحفتر!

      ورأينا ذهاب مبارك، ليأتي مرسي قدر ساعة، ثم يأتي السيسي!

      ورأينا سقوط صدام، وما أتى به من ويلات الرافضة في العراق!

      ورأينا سقوط كلب اليمن عبد الله صالح أتى بالحوثيين!

      وما كلّ هذا بسبب أن ذهاب هؤلاء غير مطلوب، أو إنهم مأسوف عليهم. بل هم مناكيد مرتدون. لكن الأمر أنّ ذهابهم لم يصاحبه صحوة سنية قادرة على استيعاب الوضع الجديد، كما حدث في ثورة الرافضي النجس الخميني عام 79.

      هذا ما يجب أن يتأمله علماء السنة اليوم، فإن سقوط النظام السعوديّ، إن لم يصاحبه تمهيد وتجنيد للقوى السُنّية، لا الحرورية ولا غيرها، فإنه سيكون طوفان يطيح بالمنطقة كلها، بلا جبلٍ يعصم أحداً من الماء.

      د طارق عبد الحليم

      18 ذو الحجة 1435 – 12 أكتوبر 2014