الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد
أريد في هذا المقال القصير أن أثبت عدة نقاط، كحقائق مشاهدة لواقع لا يمكن تفسيره إلا من خلالها.
أولاً: أن الاستراتيجية العراقية البعثية الحرورية لفصيل الدولة تقوم على تجنب الصدام مع القوى الأقوى، كالنظام النصيري أو المواجهة مع إيران، أو التحرك لبغداد أو دمشق، والتركيز في الهجوم على المفاصل الأضعف كالمواقع الكردية، ومجاهدي السنة.
ثانيا: أن التوجيه العسكري البعثي هو المسيطر على التحركات الحرورية، من حيث الخبرة القتالية والتحركات المدروسة، لا كما يزعم بعض المحللين العلمانيين، من أن ذلك من جراء الخبرة المتراكمة من مقاتلي القاعدة في صفوفهم. ومن المعروف لأنّ القيادات العسكرية الي حاربت في أفغانستان مع القاعدة وطالبان، ليس منها أحدٌ يقف في صفّ تنظيم البعث الحروريّ العراقيّ المسمى بفصيل الدولة.
ثالثاً: أن القوى الغربية الصليبية لا تريد، وأكرر، لا تريد أن تنهى الوجود الحروريّ في سوريا أو العراق. بل هي تريد أن تبقى عليه ما استطاعت. فتلك القوى تعرف مدى حجم هذا التنظيم وقدراته على الأرض، ولا علينا مما يعلنونه من دعايات فارغة عن عدم تقديرهم "لقوته"، فما ذلك إلا استدراج سخيف لعقول عابثة. الأمر أنّ امتداد الوجود الحروريّ في مناطق معينة في الشام بالذات، فيه كلّ مصلحة ممكنة للغرب وللكيان الصهيونيّ، ومن ذلك:
- استهلاك الخزانة السلولية الخليجية لصالح الاقتصاد الأمريكي المتعثر.
- إبقاء الضغط قائما على رؤوس السلولية الخليجية بالتخويف من تلك القوى "المرعبة" قطاعة الرؤوس!
- إبقاء حقل تجارب للأسلحة الحديثة لا يمكن إيجاده في أي منطقة أخرى بالعالم اليوم.
- ضمان عدم تمدد القوى السنية الحقيقية على الأرض، وإعطاء الفرصة كاملة للفصيل العراقي البعثي الحروري بقتل أفضل كفاءاتها.
- ضمان وقف أيّ محاولات لإقامة أنظمة إسلامية في المحيط العربيّ، من حيث إن الغالبية الشعبية أصبحت ترى البشاعة الحرورية رديف للإسلام، تماما كما حدث في التجربة الجزائرية. وما التأييد المحدود لفصيل الدولة الحروريّ إلا تأييد قليل، غالبه الكتروني، بجانب الكمّ الشعبي الأكبر في المحيط العربي، والذي بات يكره لفظ الخلافة والدولة الإسلامية، بنفس الأسلوب الذي بات به يكره لفظ الإخوان، ويعتبرهم مسؤولون عن كلّ كوارث الكون!
من هنا يمكن فهم ما قاله وزير الحرب الأمريكي عن أنّ الحرب ستستمر ثلاثين عاماً أخرى!! عجيب! ثلاثون عاماً تحارب كلّ هذه الدول ذلك الفصيل! والله إن الأعمى ليرى إنهم يريدون إطالة أمد تلك "الحرب" المزعومة بأي وسيلة كانت. والشاهد على ذلك هو معرفتهم لتحركاته تجاه عين العرب، ويرونها رأي العين على شاشاتهم، ومع ذلك لم يستهدفونها بقصف على الإطلاق! وما ذلك إلا لتشجيع تركيا على التدخل البريّ، وإدخالها في حلبة الصراع، لتوسيع دائرة الفوضى وإشغال كل قوة تتسمى باسم الإسلام، وإضعاف قوتها، ولو كانت موالية لهم، ولو كانت في حزب الناتو.
د طارق عبد الحليم
14 ذو الحجة 1435 – 8 أكتوبر 2014