الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد
نشرت تغريدة بالأمس، قلت فيها "انتبهوا أهل السنة،ليس كلّ من عادي العوّادية سنياً، فالرافضة يعادونهم، وعلماء السلولية العرعورية والبرهامية يعادونهم، فمجرد عداؤهم لا يعني السُنية". فجاءتني تعليقات من أتباع العرعور، يفصحون عن خيبة أملهم في شخصي، إذ إنني بمهاجمة شيخهم العرعور الذي كان أّول من هاجم العوّادية بزعمهم، قد أثبَتُّ إنني "تكفيري" باللحم والدم! وهؤلاء لم أعبأ كثيراً بما قالوا، من حيث إنهم لا يختلفون في الجوهر عن أتباع بن عوّاد، محض اتباع أسماء دون تحقيق مناهج ومواقف.
لكن، هناك بعض الإخوة، من السذج الطيبين، نحسبهم محبين لله ورسوله، تعلّلوا في ردّ ما كتبت بأنه ليس من المصلحة مهاجمة كلّ الاتجاهات في وقت واحد، وأنّ الرجل قد يكن له سبب في مولاة آل سلول والمنافحة عن نظامهم.
ولولا أننا توسمنا في حديثهم بعض خير، لنفسناهم نسفاً، لكن الساحة اليوم يغشاها ما يغشاها من اضطراب فهم واختلاط رؤية، دع عنك الجهل المطبق، في كلّ الأمور التعلقة بالشأن العام، شرعاً وواقعاً.
أقول، ألم ينزل القرآن مهاجماً وفاضحاً لليهود والنصارى وعباد الأصنام من قريش والمجوس والذين أشركوا والدهرييين، في آن واحد؟ هل ترك كتاب الله كلّ من كان على كفر أو شرك، فلم يفضحه، بل آثر تركه، لوقت آخر، أكثر مناسبة؟ والكفر والشرك هما بدع، لكنها مخرجة من الملة، فهي والبدع المغلظة لهما حكم واحد في المعاملة العامة، أي في فضحها وعدم السكوت عليها، لا في الحكم الشرعيّ، إن فهم عني ذووا العقل.
والحق أن هذا التصرّف والتصور، أيّ تأجيل المواجهات وفضح أهل البدع، قد أدي بالساحة السنية إلى ما هي فيه اليوم من ضعف واضطراب وخلط. إذ تلك البدع كالنبت الشيطانيّ، أو المرض السرطاني، ينمو في فنائك الخلفي، أو خلايا جسدك، دون أن تشعر به، حتى يفسد عليك كلّ بيتك، أو صحتك، بل وغالباً ما يقضى عليك، إن لم تتخذ المبادرة بالتصدى له بقوة وتصميم وعزم، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هاهم العوّادية يعيثون في الأرض فساداً، يقتلون المسلمين وينهبون الأموال ويستهينون بالأعراض، فهم مرض الأمة العضال العاجل اليوم.
ثم هاهم العرورية السلولية، الذين يزينون حكم أفسد الأنظمة في العالم، ممن يعادون الله ورسوله، ويعادون جهاداص في سبيله، إذ يعلمون أنّ أول من سيزال هو ملكهم الخسيس. هؤلاء العرورية السلولية، يتحججون بان هؤلاء هم حماة الدين! أليسوا يهيئون الحج ويكسون الكعبة، ويرفدون الحجاج؟ أخزاهم الله، أما قرؤوا قول الله تعالى "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَآجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَـٰهَدَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُۥنَ عِندَ ٱللَّهِ". لكن أتباعهم صمّ بكم عمي، هم أتباع بن عوّاد حذو القذة بالقذة.كلاهما يهيأ لديكتاتور يتمسح بالإسلام، والإسلام براء منه.
ثم هاهم السرورية، والإخوانية يتمسحون في الحكام، كلّ على حسب طبعة فلسفته الإرجائية. السرورية تتمحك بقضية الحكم بما أنزل الله، لكن بعيداً عن الأنظمة الحالية! والإخوان يؤمنون بالتغيير، لكن بالسلمية المستسلمة، وه عبث طفوليّ لا نتيجة له. وكلاهما كاره للجهاد وأهله.
ثم هاهم البرهامية، الذين ارتدوا بموالاة الطاغوت السيسي علنا وكفاحاً، بلا مواربة، وأيدوه في العداء لله ورسوله وقتله للمسلمين. ومنهم أصحاب "السلفية" المنزلية الاسكندرانية، ممن راحوا يتبعون عمود البندول يمنة ويسرة بلا ولاء صحيح لله ورسوله، ولا عداء صريح للسيسي وصحبه.
وكلّ هؤلاء مرضٌ يعيث في الجسد السنيّ فساداً، إلى جانب فساد التصوف المُردي، فيجب التصدى له وفضحه بيان عواره، بلا تردد أو مجاملة. وأي سكوت عنه، بدعوى "مناسبة الوقت"، أو التعلل البارد، إنما هو إتاحة الفرصة لتلك النبتات الفضولية الضالة أن تغشى على رياض الإسلام الصافي.
د طارق عبد الحليم
18 شوال 1435 – 14 أغسطس 2014