فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      لا يا بغدادي .. ما هكذا تورد الخلافة!

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد

      إعلان قيام الخلافة الإسلامية .. أمرٌ جللٌ ينتظره مئات الملايين من المسلمين في كلّ ركن من أركان الأرض، منذ سقوطها للمرة الأخيرة منذ ما يقرب على مائة عام. وعودة الخلافة، هي أملُ كلّ مسلمٍ سنيّ تقيّ. فالروافض ينتظرون المتسردب المختفي. وعلمانيو المسلمين كفروا بدين الله أساساً. فلم يبق إلا المنتسبين للسنة يسعوْن لهذا ما استطاعوا لذلك سبيلاً.

      لكنّ هذا أمرٌ، وإعلان خلافة لا تقوم على أساس شرعيّ ولا عقليّ ولا واقعيّ هو أمر آخر. هذا أمرٌ تطيش له عقول المتحمسين من الدهماء والعامة، من أصحاب الإخلاص الجاهل. لكنه لا تقوم به خلافة صحيحة، مستقرة "باقية". ما إلى ذلك من سبيل، بهذه الطريقة العوجاء المعتسفة.

      تنظيم بالعراق، قام على بيعة للقاعدة، وسماحها بإنضواء فصائلها تحت لوائه، الذي هو تحت لوائها. ثم يغدر بها وينكث بيعته. هي أول مظاهر عدم الاستحقاق. النكث بالبيعة، بل وتشويه أمراءها ورميهم بصفات الكفر، بعد أن كانوا "قادتنا وسادتنا وأمراؤنا".

      ثمّ إذا بهذا التنظيم، ينتقل إلى بلاد الشام، فيعيث فيها الفرقة، ويدّعى "الدولة"، ويكفر مخالفيه، ويقاتلهم ويقتل رؤوسهم، لأنهم قبِلوا بيعات "عوام بعثيين مرتدين"، فإذا بهم يبايعهم "قادة بعثيون مرتدون" وإذا بهؤلاء القادة هم صوامون قوامون عابدون سائحون!

      ثم إذا بهذا التنظيم، يعلن خلافة. سبحان الله! خلافة يتشوف لا المسلمون في أنحاء الأرضن يعلنها مجهول في ناحية من الأرض، دون أيّ شرطٍ من شروطها. خلافة كان المنتظر أن تكن سببا في وحدة المسلمين السنة فإذا بها عون على السنة، تقتل المجاهدين وتسبي النساء، وتشرد العوائل!

      أين شرط القرشية؟ فهذا الرجل البغدادي قد أذيع أنه قرشيّ، فأين الدليل؟ والله لمكن لكل أحدٍ أن يدعيها، فمن يأتي بدليله، أم هذا لا حاجة لنا فيه بدليل، فهو منقوش بين عينيه؟

      أين أهل الحلّ والعقد؟ سبحانك ربي! خلافة المسلمين التي تقوم بعد زوال مائة عام، لايُعرف لها أهل حلٍّ وعقد؟ وما الحاجة إلى أهل الحل والعقد، كما بيّنا في بحثنا عن "قيام دولة الإسلام"، إلا اتلافي هذا الشقاق الذي وقع بالفعل. لكنّ هؤلاء لا ينظرون إلى النصوص إلا نظرة ظاهريّ أو أقل من ذلك.

      أين التمكين الذي يدّعيه هؤلاءالأدعياء؟ هرب جنود المالكيّ من بقع من الأرض، فعدوا جريا للإحلال محلهم، ثم سمّوها تمكيناً. والله قد طردتهم الأكراد من كركوك، ولا نزال ننتظر ما يفعل الغرب. المشكلة أن ضربات الغرب، التي أودت بجيش صدام في بضعة أيام، ستصيب أبرياء. ولو أنها أخذت هؤلاء من على وجه الأرض ما اعتنينا، فهم ظلمة بظلمة، لكنهم يختبؤون وسط أبرياء السنة، ويروعونهم بسلاحهم، ليقروا ببيعة الندامة.

      أين حماية البيضة، والمسلمون مشردون مضطهدون في كل مكان على الأرض؟ لم يبايعك من لا تقدر حتى على الحديث اليه؟

      أين تسليحكم؟ إن السلاح والعربات التي خلفها لكم الروافض، دون قتال، لن تصمد عاماً دون قطع غيار وتجديد. فماذا سيفعل الخليفة، صاحب العمامة السوداء ساعتها؟

      أين الرحمة بالمسلمين، وأنتم تهددون المخالف بفلق الرأس؟ أهذه خلافة أم خيانة أم خيبة أمل أم محل جزارة لذبح المجاهدين؟

      لا يفهم أتباع هؤلاء الغرّ إلا على قدر عقولهم، أن يخرج رجل يقول "أنا الخليفة"، فليبايعني أهل الأرض، فهذا هو منتهى الأمل! تحققت الخلافة العظمى! ياالله ما أخيبكم وأجهلكم.

      لا يا بغداديّ، لن يبايعك إلا أتباعك المغفلون، ثم من روّعتهم بأسلحة أخذتها دون قتال. لن يبايعك أحد، إلا بعض مهاويس هنا وهناك. لن يبايعك تنظيم القاعدة، ولا الكتائب المنتشرة في سوريا ممن نعلمهم بالاسم، ولا الوحيشي ولا الظواهري ولا المقدسي ولا أبو قتادة، ولا السباعي ولا العلوان ولا أبو محمد الداعستاني، الذي أنكر في بيانه الأخير على الضال عمر الشيشاني ما يفعل، ولا أحد يمكن أن يشار اليه ببنان، إلا الجازوليني الذي يشار اليه بإصبع القدم الأصغر! ستظل يا مسكين أمير عصابة في تلك المناحي حتى يأتيك وعد الله الحق. لكنكم قوم تجهلون، بل متبّر ما أنتم فيه وباطل ما أنتم تفعلون.

      الخلافة أعظم شأناً وأقوم طريقة من أن تكون مثل هذا الهزل البارد الطفوليّ. ووالله أكاد أجزم أنها حلم رآه البغداديّ في منامه، في ليلة باردة لم يحسن فيها أن يجذب على بدنه الغطاء جيداً، أنه قد نُصِّبَ خليفة، كما رأي السيسي في منامه الساعة الرولكس، وأن السادات بشره بالرئاسة! فإن الخطوات التي اتعبها البغدادي حتى يصير خليفة، لا يتبعها إلا غرّ عديم العلم والعقل والتجربة.

      لا يا بغداديّ .. لست خليفة أحد، إلا من اتبعك من الأراذل، سواءً عن سذاجة أو جهل أو هوى أو خوف، أو كلها معا!

      فتمتع بها قليلاً، قبل أن يأتيك اليقين! وسنذكرك بما قلنا، كما قلنا من قبل للإخوان في مئات المقالات، أن ليس هذا هو الطريق لحكم الشرع، لكنكم طرفي بدعة، بين إفراط وتفريط، أخزاكم الله جميعا ونصر أهل السنة والوسط.

      6 يوليو 2014 – 8 رمضان 1435