فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أهل السنة بين المطرقة والسندان .. في الشام!

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد

      انقسم الصرع اليوم على أرض الشام إلى جبهتين، جبهة النصيرية العلمانية الصيو-صليبية الكافرة، كفراً أصلياً. وجبهة تحارب تحت "مظلة إسلامية" بشكلٍ عام.

      أما عن الجبهة الأولى، فأهدافها واضحة ووسائلها معروفة، وهي إبقاء الشام تحت الحكم الكفريّ – نصيري أو علمانيّ -والوصاية الغربية، بأي مسمى، سلولية أو أمريكية. فهم مجتمعون على هذا، وإن كان كيدهم بإذن الله ضعيفاً، فهم جبهة الشياطين الخُلّص، ولن يفلحوا إن شاء الله إذاً أبدا.

      أما عن الجبهة الثانية، التي يتحرك أبناؤها تحت "مظلة إسلامية"، فقد انقسموا إلى ثلاث فرق، وكان أمر الله قدرً مقدوراً. فرقتان متطرفتان مبتدعتان، وفرقة وسط بين الإثنين، تحاول البقاء على السنة، في واقعٍ يحارب السنة من كلّ اتجاه، وبكل وسيلة، وعلى كلّ جبهة.

      فرقة التطرف والغلو والحرورية: أما الفرقة الحرورية، فقد انكشف أمرها، منذ أن سقط القناع عن تنظيم #المتورمة، منذ خطاب متحدثهم المجهول اسما ورسما وعلما، وبانت عقيدتهم التي ترمي بالكفر بأي شبهة كانت، دون علم عند أيّ ممن يسمونهم "شرعيون"، وهم ليسوا والله لا من الشرع ولا من الخلق ولا من الضمير في شئ، مجاهيل ينصرون مجاهيل. ثم تقتل هذه الفئة الضالة ضلال الكلاب، على هذه الشبه بكل إجرام وفسق وانعدام ضمير. يستهدفون قيادات المجاهدين بالأساس، كما تفعل القرامطة الملاعين. وقد لعبوا بأدمغة جنودهم وأنصارهم بإطلاقات وتعميمات وإعلام حماسيّ هتلريّ، حتى لم يعد هناك مجال لعودة أحدهم إلى الجادة الوسط. فلم يعد أمام أهل السنة إلى قتالهم وقتلهم قتل إلإبادة عن آخرهم، كما قال صلى الله عليه وسلم، أن قاتلوهم قتل عاد. وقد كتبنا فيهم وفي منهاجهم الحروري القرمطيّ مقالات كثيرة يجدها من أراد على موقعنا.

      فرقة الإفراط والإرجاء: أما هذه الفرقة، فقد عرفناها منذ أول يوم في تأسيسها تحت اسمٍ موهم ضرار، "الجبهة الإسلامية". وقد دوّنا فيهم مقالات، تناولت علّوشهم، وعمالته للسلولية، وللأمريكيين بلا حياء. وقد قلنا، وثبتنا على موقفنا، أن هذه جبهة ضرار، وأنها جبهة مخلطة فيها المنحرف، وفيها المخلص المخدوع، كتبنا يومها "السيناريو الذي يعمل عليه الغرب، بمساعدة آل سلول، وبتعاون كثيرٍ من الضالين والمضللين في ساحة الجهاد بالشام، هو إنشاء تلك الدولة السلولية السرورية في الشام. لا شك في هذا. وحينئذ يحصل الكلّ على ما يريد. وسيكون الخاسر في هذه المعادلة طرفين، أهل السنة المخلصون المجاهدون، بسقوط مشروعهم لإنشاء دولة سنية على النهج المحمديّ لا السلوليّ السروريّ، ثم المجوس، الذين سيقنعوا بالدعم الأمريكي والاكتفاء بالعراق ولبنان في هذه المرحلة، ليكون هناك توازن في القوي بين المجوس والسلوليين في هذه المنطقة."[1].

      وقد رأينا كيف أن كاتبوا الميثاق الأخير قد احتموا وراء عبارات موهمة مضطربة متداخلة، وهو طريق الإخوان والسرورية ونَفَسِهم الخبيث، أنْ يرصّوا كلمات قد تقع في دائرة الشرع لغة، لكنها تقع خارج دائرة الشرع عرفاً، ككلمة الحرية والقانون وحقوق الإنسان وما شابهها.

      ونحن، أهل السنة، لا نكفّر إلا بالواضح الصريح، الذي لا يدل إلا على معنى واحد لا مشترك فيه، لا بعمومات وإطلاقات، تحتمل أوجها وتأويلاً حتى لو كان مرجوحا أو باطلاً. لكنّ هذا لا يجعل الخَبّ الخبيث يخدعنا. فإن لم يكن في الميثاق دلالة على كفرٍ صريح لا يحتمل تأويلاً، إلا إنه يحمل دلالات لا تبشر بخيرٍ ولا تحمل حقا.

      وقد نتفهم ما قد يقول هؤلاء الذين اعتمدوا هذا الميثاق، أنّ الوضع في الشام أصبح في غاية الخطورة، خاصة بعد أن تمالأ العدو النصيريّ مع الحرورية من #المتورمة، على قتال وقتل أهل السنة، وأنّ وقت المحاورة والمناورة والمداورة قد حان، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأنّ ذلك هو من السياسات الشرعية التي تفسح المجال لوقف القتال، والحفاظ على الأنفس والأموال. ويعتبرون هذا من الحكمة والرشاد والسداد في الرأي، وأنّ كلّ ما يصل بالمسلم إلى مقصد الشارع، وهو دحر الصائلين، مباح متاح، من باب جلب المصالح ودرأ المفاسد. كما نعي كلّ الأبعاد العالمية والمخاطر الدولية التي تحيق بعملية الجهاد في الشام وغيرها، ونعرف سذاجة وضحالة فهم من يتصور أنّ الخلافة قد باتت على الأبواب، لم يبق إلا اإعلان عنها على تويتر وفيس بوك! ونقدّر حجم العدو وإمكاناته وإحاطته بالمسلمين بالداخل العميل والخارج المرتد.

      لكن، نقول لهؤلاء، هذا والله وهمٌ قد وقعت فيه إخوان مصر من قبل، وليس عهد محمد مرسى منّا ببعيد، وليست مقالاتنا التي تعدّ بالمئات، وخطب د هاني السباعيّ وكلمات د أيمن الظواهري الأخيرة، له تحذيراً من هذا الوهم الضال ببعيد! إنّ الغاية لا تبرر الوسيلة، في دين الإسلام. وقد نبهنا من قبل أنّ المصلحة لا تتحقق إلا باتباع الشرع لا باتباع الهوى والعقل والحسابات الأرضية. إن الحكم الشرعي هو المصلحة، رأينا ذلك أم لم نره، فهذا هو أصل التكليف، ولا مصلحة من وراء التلاعب به أو الالتفاف حوله. المحاورة والمناورة والمداورة لن تصل بكم إلي برّ أمان، لا والله لا يكون. فإن لمن تُحاوروا وتُداوروا وتُناوروا خطة لا يحيدون عنها، هي العودة بالشام إلى حكم علمانيّ، نصيري أو غير نصيريّ، لا إلى حكم إسلاميّ بأيّ شكلٍ من الأشكال، وقد نطق الميثاق بدلالة هذا المخطط دون مواربة، حيث تشبث بكلمة "الدين الحنيف"، ثم أتى بعدها بكل طامة من متشابه القول، مما يعتمده الجاهليون في خطابهم للتعمية والمداراة.

      ومواجهة مخططات هذا العدوّ لا تكون بمداراة أو محاورات أو مناورات، بل يالثبات على المنهج، وعدم إمساك العصا من النصف، إذ نصفها لدي هؤلاء هو طرفها الخاسر عند الله سبحانه! ولا ننكر أنّ التحاور ممكن، لكن من منطلق مغايرٍ لما أنتم فيه، ومن أرضية شبه متكافئة على الأرض. والأولى القضاء على الحرورية والنصيرية أولاً وتثبيت مواضع أقدام لكم على الأرض، ثم يكون ما يكون، ولا يصح التمحك في صلح الحديبية كلما أراد أحد التنازل عن شطر دينه، فهذا الصلح لا علاقة له بما أنتم فيه البتة.

      فرقة أهل الوسط الأعدل: ولا نرى منهم اليوم إلا جبهة النصرة، التي قد تنصلت رسمياً من هذا البيان الموهم، على أقل تقدير وأرفق تأويل، كما تنصلنا، وتنصل كل مشايخ السنة. وقد ذكرنا مراراً من قبل، لأولئك المرضى من أتباع الحرورية، أنّ ما ذكرناه عن جبهة النصرة من قبل، كان مبنيّا على حقائق ناقصة، كما كنا نتعاطف مع تنظيم #المتورمة الحرورية، بناء على لحنهم في القول وباطنية وسائلهم وتقيّتهم التي مارسوها معنا شخصياً .

      وجبهة النصرة اليوم، وهي تواجه هجوم النصيرية من ناحية، وهجوم كلاب أهل النار من ناحية أخرى، إذا بها تواجه مثل هذا التوجّه البدعيّ، الذي يلقى بالمسلمين إلى الطرف الآخر من التطرف، طرف الإرجاء والعمالة السلولية الصهيو-صليبية.

      ثم لنا كلمة إلى جنود كافة الجبهات الإسلامية في الشام، إنكم خرجتم في سبيل الله لا في سبيل جبهات بعينها، وقاتلتم في سبيل إعلاء كلمة الإسلام، لا الأمير الفلاني أو العلاني. وقد بايعتم هؤلاء على أن تقاتلوا لهذا الهدف، أن تُقام للإسلام دولة سنية، على نهج النبوة، بلا تفريط أو إفراط. وولائكم من ثم، هو لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا لغيرهما. فإن ثبت أن أيّ من هؤلاء "الأمراء"، ومن ناصرهم من "الشرعيين"، أيّاً من كانوا، قد انحرفت بهم البوصلة مؤخراً، أو ظهر انحرافهم عن البوصلة ابتداءً، لم يكن لهم بيعة في أعناقكم.

      ونحن ندعو أولئك الذين خطّوا هذا الميثاق الأخير، كما دعونا من قبل قيادات #المتورمة ردحاً من الزمن وكتبنا اليهم سراً وعلناً لعلهم يتقون، أن يرجعوا إلى سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، فيبيّنوا ما اشتبه، ويخصّصوا ما عمّ، ويقيدوا ما أُطلق، ويوضّحوا ما التبس، وهو في كلّ بند من بنود هذا الميثاق، ثم يتبعون ذلك ببيانٍ يعودوا به إلى مظلة أهل السنة، ويتبرؤوا من السلولية والصهيو-صليبية، ويتوبوا إلى الله من هذا االلوث الذي أغرق ميثاقهم حتى لم يعد يعرف قارئه، إن كان كاتبه إخوانيّ أو سلوليّ أو سروريّ، أو متأمرك علماني! فلا مصلحة إلا حيث حكم الله، والوحدة قوة، وألا يفرقوا جمعهم ويستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وأنّ كثيراً من السنة لن يرضوا ولن يقبلوا مثل هذا التخليط والإيهام والتشابه في دين الله.

      وأني أكتب هذا، ولست والله منتمياً إلى جبهة أو جماعة أو تنظيم أو قاعدة، ولست مستشيراً أحداً فيما أكتب، بل هي مسؤليتي وحدى أتحملها أمام الله سبحانه.

      د طارق عبد الحليم

      22 مايو 2014 – 23 رجب 1435

      [1]  "المخطط المرتقب في صراع الشام" http://www.tariqabdelhaleem.net/new/Artical-72523