الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد
أخيراً خرجت كلمة الشيخ الجليل د أيمن الظواهري[1]، رداً على أسئلة قد وجهت اليه من فضيلة الشيخ د هاني السباعي، تُبين بدليل قاطعٍ أنّ تنظيم البغداديّ تابع لقاعدة الجهاد، وأنهم قد نقضوا البيعة، حين لم يعجبهم حكم أمرائهم، ثم تباكوا على خروج الشيخ الجولاني على بيعته للبغدادي، فكالوا بمكيالين وطفّفوا في الميزان. ثم أخفوا هذا الأمر، كعادتهم في التدليس والكذب.
وقد جاء في كلمة الشيخ الجليل، بعد شهادته، أمر ومناشدة. أما الأمر، فهو موجه لقادة النصرة، أن يوقفوا القتال مع تنظيم الدولة. وجاءت المناشدة لبقية المجاهدين ممن لا يتبع القاعدة أن يحذوا حذوهم.
وقبل أن أكمل هذا الحديث، أود أن أسجل أمراً هنا، وهو أن الشيخ الظواهري، قد تحدث عن تنظيم الدولة في العراق والشام من الناحية التنظيمية، لا من الناحية العقدية. وهو ما يقيد بعض ما جاء فيه بقيود نحسبه قد قصد اليها درءاً للفتنة وجمعا للشمل، ما أمكن.
وقد سبق أن قعّدنا وقررنا، مع فضيلة الشيخ د هاني السباعي، وأصدرنا به بيان البراءة والمفاصلة، وما أكده الشيخ المجاهد أبو قتادة الفلسطيني، من أنّ هذه الجماعة تنتمى عقدياً إلى فكر الحرورية، وتجتمع معهم على أصله، وهو الغلو في تكفير المسلمين، ثم قتالهم وقتلهم على ذلك. وهذا البعد، في رأينا، لا يجب أن لا يغيب عن أذهان من يريد أن يقوم بوساطة أو إصلاح. فإن المسلمين لم يؤمروا بالاصلاح مع الحرورية، بل مع الفئة الباغية، وهؤلاء فرقة باغية، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالها ابتداءً، إلا ما كان لمصلحة يراها الإمام، كما أظنه في حال قرار وأمر الشيخ الجليل د أيمن الظواهريّ.
وقد حاولنا، ومعنا الشيخ د السباعي، مرات عديدة، السعي للإصلاح، لكنّ لضعف معلوماتنا عن هذه الجماعة أيامها، لم نكن نقدّر أن هذا الطريق لن يصل إلى نتيجة، وأن الله سبحانه حين لم يأمر بالصلح معها، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتالها قتل عاد، إنما قصدوا إلى عدم تخلف السنن الإلهية، والذي ثبت عملياً، بما لا يدع مجالاً للشك، فقد رفضوا كلّ وساطة وظلوا على طريقهم، فهذا هو حال أهل البدعة، يتخذونها دينا يدافعون عنها حتى يفنوا. وهم، كما قال الشاطبي، كلما تمسكوا ببدعتهم ازدادوا بعداً من الله، من حيث أرادوا القرب منه.
فما أرى والله تعالى أعلم، أنه:
- يجب التزام وطاعة أمر الشيخ الجليل د الظواهري، فهو أمير الجماعة الأعلى ولا مجال لخلافه بحال.
- أن الشيخ الجليل الظواهري قد أسمى هؤلاء "حرورية" مشيراً لمن قتل أبو خالد السوريّ، ولكنه حفظه الله يتحفظ في حديثه إلى أقضى غايات التحفظ، وهو شأن مثله من رجال الأمة الأكابر. لمن من المعلوم من هم المقصودون بهذا.
- يجب أن يُنزّل حديث الشيخ الجليل الظواهري على مناطاته، فأجزم أنه لم يقصد عدم التصدى للصائل، فليس مثله من يقول بهذا. بل قد قصد عدم البدء بعدوان عليهم. أما من صال، فيجب دفعه وقتاله.
- أن لا يبدأ المجاهدون بالعدوان على هؤلاء الحرورية، حفظاً للجهد وتوجيهاً للقوة إلى قتال المرتدين من النصيرية.
- أنّ مبدأ عودة هذا التنظيم الحروريّ للقتال في العراق، يجب أن يكون مشروطاً، وأن يكون معلوما أنه، إن صحّ، فعلى رأي من قال أنّ دولة الحرورية أفضل من دولة الرافضة الاثني عشرية. وإلا فإنه يجب أن يعود تنظيم قاعدة الجهاد هناك، ليضمن أن يكون القتال قتال سنة لا بدعة.
وهذا ما أراه في عجالة، والله تعالى أعلم، بشأن هذا البيان.
د طارق عبد الحليم
2 رجب 1435 – 2 مايو 2014
[1] https://archive.org/download/shehadaemam/shehada.mp3