فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      نعم باقية بإذن الله .. لو على السُّنة لا البدعة

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد

      دولة الإسلام! ما أجمله من حلمٍ، يودّ كل مسلم صادقٍ أن يتحوّل إلى حقيقة على الأرض، يتفيأ فيها ظلال الشرع وينعم فيها بالعدل والرحمة.

      بحث عنها الإخوان ثمانين عاماً، ثم أخطؤوها بانحراف مذهبهم، وسقم منهجهم. ثم بحث عنها شكري مصطفي فقتل نفسه بغباء سياسي وانحراف عقدي، وبحث عنها عنتر الزوابري فانتحل مذهب الحرورية وكفّر بقية المجاهدين، وقتل رؤوسهم، وقاتلهم حتى انفض الناس من حول الجهاد جملة. ثم نراها اليوم #باقية، على يد البغداديّ، يكفّر بقية أصناف المجاهدين، ويترك جبهات الصراع في الشام مع الروافض ليقاتلهم، ويغتال رؤوسهم، ويستتيب جندهم، فإن تابوا "أي بايعوه" وإلا قتلوا ردة، كما يفعلوا في الدير!

      نعم، من لا يريد دولة للإسلام؟ لكن يجب أن يكون مفهوماً أنّ الخلافة أو الدولة أو الإمارة الإسلامية، سمها ما شئت، لن تقوم على نهجٍ بدعيّ حروريّ. فقد قامت من قبل دولاً اعتزالية كدولة المأمون والمعتصم والواثق، ثم بادت على يد المتوكل. وقامت دول على يد الروافض، لكنها دائما كانت محصورة في أرض المجوس، إلا أيام الدولة الفاطمية في مصر والشام، والتي قضت على يد نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي. وقامت دول على مذهب الإرجاء، بل كافة الدول الي قامت كانت على مذهب الإرجاء، إذ هو دين الملوك كما قيل، لتساهله وافساحه المجال للفسق العربدة. لكن لم تقم دولة للخوارج أبداً. ذلك أن منهاجهم لا يساعد على أن يلتف حولهم إلا غلاة الفكر، ويقوم على تنفير العامة، إلا من تلوث بجرثومتهم. ولذلك فإنهم الفرقة الوحيدة التي صح فيها حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يبين فساد عقيدتهم.

      وقد يقول قائل، ولكن الروافض أسوأ في تفاصيل دينهم من الحرورية. قلنا، نعم، لكنهم أهل سياسة شرعية، يجيدونها ويستعملونها. كما أنه كانت لهم دائما دولة مركزية تبقى عمودهم الفقري في أرض المجوس، يعودون اليها للدعم.

      أما الخوارج، فقد كانوا أهل شجاعة وإقدام، لا يعرفون سياسة شرعية من غيره، بل يكفرون من ليس منهم، ثم يبدؤون الحرب حتى يبادوا. لهذا لم تقم لهم قائمة أبداً.

      وحرورية اليوم أذكي قليلاً من حرورية الأمس، وأكثر خداعاً وتورية. فحرورية الزوابري أتعس وأكذب من الحرورية الأول. وحرورية البغدادي أكثر كذبا وتقية وخداعا من الزوابري. لذلك قد يكون لهم بقاء مدة أطول على الأرض. لكن لن تقوم لهم دولة حقيقية أبداً. وما ذلك الكيان الذي أسموه بأنفسهم "دولة العراق الشام" بدولة حقيقة. كيف، وليس فيهم صفة من صفات الدول يمكن أن، ينصرف بها الاسم اليهم حقيقة؟ فأين رئيس الدولة، من هو، حقيقة واسما ورسما لا كحال الامام المختفي عند الشيعة؟ إن كانت هذه دولة، فأول صفاتها التمكين. فإن لم تتمكن في الأرض التي تدعيها لتُظهر رئيسها أو قائدها أو أميرها أو ما شئت، فأين التمكين هذا؟ في أي بقعة في الأرض؟

      يقول أولياؤها، نحن نطبق الحدود وننشر الشريعة، تعالوا وانظروا. نعم، ولكن ليس هذا هو الفيصل في الأمر، فقد كانت دولة الاعتزال تفعل نفس الشئ، وكان الحرورية في معسكراتهم ومناطقهم يقيمون الشريعة. الأمر هو في التصور العقدي الذي تقوم عليه الجماعة، أولاً وقبل كلّ شئ.

      المضحك المبكي في هذه الأحداث اليوم، هو كمّ التمويه والتلاعب بالألفاظ والبهتان، عدا الجهل والتضليل وتضييع السّنة ونشر البدعة، الذي أصبح يُرى في كلّ يوم، يتدين به مجموعات من الشباب والشابات، أو الرجال والنساء، على صفحات التواصل الاجتماعي، التي هي أشبه بسوق بدعٍ منها بأي شئ آخر. وأهل العلم ممن له باع وسبق قد فضحوا مذهبها، أظهروا حقيقتها، بعد أن حاولت ستره مدة، فخالت على بعض منهم. وهاكم الشيخ الجليل د أيمن الظواهري، والشيخ د هاني السباعي والشيخ أبو محمد المقدسي، والشيخ أبو قتادة الفلسطيني، الذي نصر جماعة الزوابري متأولاً لهم حتى ظهر له عوارهم، والشيخ سليمان العلوان، فك الله أسرهم جميها، ود أكرم حجازي الذي لم يعلن موقفه إلا بعد تمحيصٍ وتقدير. كل هؤلاء ولا نرى عالماً يشار اليه بالبنان قد نصر هذه الفرقة، إلا هواة من أمثال تركي البنعلي وأبو محمد العدناني الذي لم نسمع أو نعرف عنه وعن علمه قبل هذه الأحداث، ولا نعرف من هو وما مقامه في علم الشريعة. لكنه، لدى العوام، علم الأعلام، وفقيه الدنيا، يُستمع لكلامه وحده، ولا يؤبه بحديث غيره هذا هو دين العوام، ببغاء عقله في أذنيه.

      وهم يقررون إنهم باقون،  لايهمهم أن ينصرهم عالم أو صاحب سابقة جهاد. يموهون على العامة بحديث لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم! وهذا الحديث في الطائفة المنصورة لا يضرها من خالفها أو خذلها من أهل الكفر أو البدعة، لا من أهل السنة والجماعة. وإن استشهادهم بهذا الحديث في معرض خصومتهم مع بقية أهل السنة لهو شاهد بنفسه على أنهم يرون أنفسهم "الطائفة المنصورة" وعداهم كفار مرتدون، ويحصر فيهم وفي أتباعهم الأمة! وكفي بهذا عامل فشلٍ سيقضى علي هذه الجماعة، بعد أن تقوم بدورها في سفك دماء المسلمين وتبقى أمة الاسلام بعد.

      إن بقاء هذه الجماعة لن يكون بعدد من قتلت من رؤوس قادة الجهاد وسابقيه، من الجماعات الأخرى. لكن يكون بالكف عن هذا المنهج المبتدع، وترك تكفير الآخرين من أهل الجهاد، وعبث استتابة جنودهم، والانضمام إلى قافلة الحرب على الروافض، كتنظيم جهادي على الأرض. وأن تترك مسخرة "الدولة"، فهي والله عبث أطفال لا يعرفوا عن سياسة الدول ونشأتها شيئاً، ويلتفتوا إلى جهاد الروافض، ثم تكون التسميات بعد النصر لا قبله.

      فهي إذا اتبعت السنة #باقية، وإن ظلت على ما هي عليه واتبعت هواها وكان أمرها فرطا فهي #فانية، ولا محالة. هذه هي سنة الله في دول الإسلام وتجمعاتهم.

      ونحن لا نقول هذا عداءً أو كراهة في أن تقوم للإسلام دولة، فإن ذلك كفرٌ بالله، لا يختلف فيه اثنان. لكننا نقول ذلك مواجهة لجماعة معينة زعمت زعماً، ثم راحت تفاصل الناس عليه.

      ووالله، ثم والله، لو أنهم:

      • عادوا عن تكفير المخالف من المجاهدين، وقالوها علناً، وعلى لسان شرعيهم الذي رمى الشيخ الجليل الظواهري بكل صفة من صفات الكفر،
      • وتوقفوا عن قتال المجاهدين من الفرق المخالفة، حتي منها ما فيه معاصٍ، إذ هم أنفسهم يحملون أكبر فيروس بدعي على الساحة، غير جند النظام أو منتظمى الجيش الحر والكتائب التابعة لجمال معروف،
      • وتركوا سخافة استتابة الجنود من جبهة النصرة والأحرار، والتفتوا لقتال الروافض،

      لكنا أول المناصرين، وأشد المحبين، وأكثر الموافقين. لكنّا نعلم أنّ من حمل هذه الجرثومة اتخذها دينا، عادة، ولم يفارقها إلا في حكم النادر شبه المنعدم "وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا۟ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيْرًۭا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًۭا" النساء66.

      وها هي العراق أمامهم، لا يزال الروافض فيها يمرحون، والمالكيّ هو رئيسها لا يزال، فليضعوا جهدهم في الاستيلاء على العراق أولاً، بدلا من هذا التخطيط التعيس الذي لا يرسم سياسته إلا من ساقه الطمع أو الغفلة أو كلاهما.

      اللهم أهد جماعة الدولة إلى حظيرة أهل السنة، واهد قيادتها قبل فوات الأوان، وتحول الساحة الشامية إلى جزائر أخرى.

      والله المستعان

      د طارق عبد الحليم

      25 جمادى الثاني 1435 – 25 أبريل 2014