فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      محاورة بين شرعيّين ...

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد،

      في لقاءٍ وديّ، وقع هذا الحوار، بين اثنين من كبار الشرعيين، اسمهما شن، وشدّ، وهاكم ما دار:

      شن: السلام عليكم

      شد: وعليكم السلام

      شن: ماذا تنقمون علينا أخي؟

      شد: ننقم عليكم أن أميركم نزع يداً من طاعة لأميره، وشق الصف.

      شن: ولكن، من قال إنه فعل ذلك قبل استشارتكم في إمكانية رجوعه إلى أميرهما معا، الشيخ الحكيم حفظه الله، بل وبعد قبوله التحكيم.

      شد: لا تقل حفظه الله، فهو عجوز شابت اللحية، لا يفهم في جهاد ولا في غيره. ثم من قال إن أميرنا، أمير المؤمنين، في عنقه بيعة لأحد؟

      شن: هذا ما تقول أنت، ولا يمكن أن تكون خصماً وحكما معاً. ثم هذا قول أتباعكم وشرعييكم، لكن لم يتفوه شيخكم "أمير المؤمنين" بكلمة فيه، فلما السكوت؟

      شد: احترم الشيخ أفضل لك وأهدى عند الله.

      شن: ألا تقل ذلك لنفسك وأنت تسب الشيخ الحكيم الذي عرك الجهاد قبل أن يولد البغدادي؟

      شد: نعد لقضيتنا، أنتم من بدأ الخيانة بشق عصا الطاعة.

      شن: نعم رأينا خللا، فعدنا لأمير الكلّ، وقبلتم التحكيم، ثم نكصتم على أعقابكم لمّا جاء الحكم ضدكم. فنحن في شق عصا الطاعة سواء.

      شد: لا أمير لنا إلا شيخنا. كيف يبايع أمير دولة أمير تنظيم؟

      شن: هذا أمر أنتم ابتدعتموه وصدقتموه. ما هذه الدولة، اسم وقع في تسميتكم به شيخي الجهاد، ثم إذا أنتم تعيشون وهمه، وتعاملون الناس على أساسه. فق، فهذه ليست دولة.

      شد: بل هي دولة رغم قول الأعادي. نحن نقول هذا، وكفي ما يقرره أميرنا، وما نصل اليه بدليل الشرع.

      شن: قد يكون له تبرير في العراق لكيد الروافض والأكراد، أما الشام فهيهات هيهات.

      شد: وما الفرق يا صاح؟ أتقول بحدود سايكس بيكو؟

      شن: لا، ولكن العراق كانت عراقا منذ فجر التاريخ، والشام كانت شاما منذ فجر التاريخ، واليمن ومصر وبلاد المغرب والجزيرة كانوا منذ كان التاريخ، أنتم من يزوّرون التاريخ. كانت كلها بحدودها عصر النبي صلى الله عليه وسلم ومن هم أفضل منكم، الصحابة والتابعين وكافة خلفاء المسلمين، لم يقل أحد بعدمها. إنما سايكس بيكو جاءت بتقسيمها والتعدى على ما استقر عادة طوال الدهر.

      شد: لكن، هب أن كلامك صحيح، فدولة العراق إن أرادت أن تتمدد للشام، أيمنعها مانع من ذلك؟ أليست سنة الله أن يتمدد الإسلام أم ينحسر؟

      شن: نعم يتمدد، لكن، أإنتهيتم من العراق لتلقوا بثقلكم إلى الشام؟

      شد: سبحان الله، ولم لم يقل شيخكم هذا يوم أخذ المال والعتاد إلى الشام؟

      شن: نقطة وجيهة، أعترف لك بها. لكن ألم يتغير الوضع الآن. أتقوم سياسات الدول على العناد، وتسميه اتباع السُّنة؟ هبنا أخطأنا، فهل تعينون على تعميق هذا الخطأ، أم على التعامل معه بما يصلح الأمة؟

      شد: إصلاح الأمة في أن نقوم نحن عليها. لقد تعاونتم مع كفار الجيش الحر والمجلس العسكريّ علينا، وهذه منكم ردة أينما وقعت. فلا يصح أن تكونوا على قائمة الجهاد أصلاً.

      شن: رويدك لا تبدأ بالتكفير، فهذا والله هو ما أوتيتم من قِبَلِه. أليس هناك صور لهذا التعاون؟

      شد: إقرأ كتاب الله كله، ستجد تكفير من والى الكفار. ولا نريد تأويلاً ولا اعتذاراً، فالحق واضح لمن يقرأ العربية.

      شن: صحيح، لكن أنت شرعيّ، فهل تطبق كل عام القرآن على كلّ مخصوص، ثم كلّ خاص معين؟ أهذا هو الفقه؟ معك أنّ الجيش الحرّ كفارٌ على التعميم ومعهم مجلس الأركان. لكن ليس على التعيين، فمن الأهالي من يأخذ منهم سلاحاً يدفع به عادية النصيرية. ثم الجبهة الإسلامية ..

      شد: أتجادلني في الجبهة الإسلامية كذلك؟ ألم يأخذ هؤلاء مالاً من السلوليين، ليقاتلوا دولتنا؟ أليس هذا وقوف في صف الكفار ضد المسلمين؟

      شن: صحيح،ولكن بتفصيل، مرة أخرى، تجنب مصيدة التعميم. منهم كفار، ولكن ليس لأنهم قاتلوكم، فمناط كفر الناس ليس مجرد قتالكم، هذه حرورية في التفكير والتكفير. لكن مناط كفرهم هو سعيهم أن تقوم دولة على هوى ماكين وآل سلول. فسعيهم هذا يكفّرهم وإن لم يقاتلوكم. ثم إن منهم فاسقا، ومنهم تقيّا غافلا، منخدعا بما يسمع من دعاية، كما ينخدع الأتباع في كلّ طائفة، بما فيها طائفتكم.

      شد: وطائفتكم كذلك، أم أنتم محصنون ضد الخداع؟

      شن: أسلم لك بهذه. فالجبهة الإسلامية، خليط شتى، لا يصلح لإدارة دولة الإسلام المرتقبة.

      شدّ: أتقول أنكم تسيرون على الحق التام في تعاونكم مع الكفار؟ أعدل فوالله ثبت ما لا يصح مثل أطمة.

      شن: أسلم لك في هذه، إذ يجب أن نقوم بتحديد أوجه التعاون وحدوده، حتى لا نقع في ولاء محرم. لكنكم أنتم كذلك تعاونتم مع جيش الأركان في هجومكم على البوكمال، وادعيتم أنهم تابوا، فلم لم تقبلوا توبة من قبل أبو سعيد الحضرمي توبتهم، وقتلتموه بهم؟

      شدّ: لأننا قتلناه لتسريبه أسماء للأمن.

      شن: والله لا يرى هذا المراقبون إلا تبريرا لفعلة شنعاء غطيتم عليها أياماً ثم خرجتم بهذا القول، فتب إلى الله من دمه.

      شدّ: ثم لا تقل مرتقبة، بل هي قائمة "باقية".

      شن: والله نأمل ذلك إن قامت على فقه أعدل وظلم أقل، بلا غلو ولا إفراط، ونكون أول المبايعين. لكنها لا زالت حلما، وما تقول إلا تسمية على ورق. كيف دولة يا هذا وليس فيها رجل مسؤول واحد من قادتها معروف الإسم والرسم والهوية؟ أين حدث هذا في تاريخ الأمم كلها، لا تاريخ الإسلام وحده؟

      شد: هذا إيماننا نسير عليه، وما علينا من غيرنا. وقد آلينا أن نظل قائمين عليه حتى نُفني كافة فصائل الجهاد الأخرى عن بكرة أبيها، أو تستسلم لنا أو نفني دون هدفنا، وهو ما قرره قادتنا سراً دون علم أحد.

      شن: أهذا كلام يقوله عاقل؟ أين ميزان المصلحة الشرعية هنا، التي بني الله عليها أحكام الإسلام كلها؟

      شد: ها أنت تعود لهراء المصلحة؟ وأين المصلحة من النص؟

      شن: لا أقول مصالح كالإخوان والقرضاوى، فلا تؤول حديثي، لكن أتحدث عن المصلحة التي تحدث عنها أئمة الإسلام في كافة كتب الأصول، إن طالعتها. وهي إن كانت تصادم آيات عامة تراها في هذا الموضع، فهي توافق آيات أخر. ولا نصّ خاصّ في وضع جهاد الشام هنا، ولا في حق تنظيمكم خاصة، ثبت ليكون معارضاً لها، فاعلم موضع المصلحة وتعريفها أولا، ولا تلغيها تماما من أنواع الأدلة، كما ألغى الظاهرية القياس، فهذه أمور كلها بدع.

      شد: آه، هكذا يتحدث مشايخكم، مشايخ السوء، ممن كفروا، في سجونهم أو في بلاد الكفار. هذا ما يزرعونه في عقولكم. والله إنهم متغيرون متلونون لا أمان لهم.

      شن: إذن من معك يناصرك، فهو شيخ إمام جليل، ومن ينقدك فهو ساقط جاهل عميل؟

      شد: أنتم أنفسكم قلتم هذا عن بعضهم في وقت من الأوقات، حين كانوا لم يبدلوا دينهم ويعادوننا.

      صوت شيخٍ من وراء ستار: مه كلاكما، فقد والله تعديتم وأجرم بعضكم، ورميتم من تحدث بالتوحيد والجهاد، وشرح الولاء والبراء، ومن فر من وجه الطاغوت لذلك، ومن عاش في ساحة الجهاد قبل أن يولد مشايخكم، بأقذع الألفاظ من كفر وردة. فعل هذا هؤلاء المشايخ قبل أن تولدوا، بل قبل أن يولد بعض من آبائكم. فوالله ثم والله منكم حرورية أشرار، يجب تطهير الدنيا من دنسهم، ومنكم عملاء يجب تنقية الصف منهم. ولكن ملخص موقف مشايخ الحكمة وأصحاب البصيرة في هذا أجمله في كلمات "رأينا ظلما فناصرنا، ففرحوا وصرنا مشايخا، ثم رأينا اعوجاجا فنقدنا، فهاجموا، والقادة صامتون ، فنقدنا السكوت والهجوم، ولم نوقف جهد الصلح والوفاق، فرمينا بأقبح الألفاظ والأوصاف من تكفير وردة وغيرها، فانحرفنا عن مرمى عصابة الطائشين، والقادة صامتون. ثم رأيناه منهجاً يفاصل عليه غالب الأنصار والأمراء، فزدنا حدة في النقد، والقادة صامتون، فقلنا إنكم إذن عن هذه العصابة راضون، ولها موافقون، بل وموجّهون، ثم رأينا ظلماً على الطرف الآخر فناصرناه، ورأينا انحرافا فدعونا لتقييمه، وليس أمامكما إلا الصلح طريقا والأخوة رفيقاً". قوما فتصافحا وقاتلا عدو الله معا، بدلا من قتل بعضكم البعض، ونسف مقرات ومفخخات وهراء لا دين فيه ولا نصر.

      فقام شن وشدّ، فتصافحا، ووجها كلّ أرتالهما إلى العدو النصيري.

      ثم سمعت صوت ابني يناديني، أن استيقظ فقد حانت صلاة الفجر. وانتهى الحلم!

      د طارق عبد الحليم

      11 جمادى الثاني 1435 – 11 أبريل 2014