فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      عودة إلى مصر .. وسيسيها!

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد،

      انقطعت عن مصر وأخبارها، ومن ثم عن الحديث عنها، عدة الشهور الماضية، لا لسبب إلا ليأسي من التغيير فيها. والتفت في تلك الشهور لما يحدث في الشام الحبيب، فإذا الأمور هناك لا تبشر بخير كثير، وإذا بالإخوة يتقاتلون، وإذا ببعضهم يؤثر التعاون مع مرتدة عفنون على أن يضع يده في يد أخيه، للتحيز لبيعة أو للإنفكاك منها. وإذا بأنصارٍ يشوهون عقيدة السنة، ويجهلون على أصحابها، ويكفرون ويقتلون من حرّم الله قتلهم إلا بالحق، وتكثر بينهم الرويبضات. مما أيأسني من الشام، إلا أن يحدث ربي شيئا. وقد كنا نأمل أن يكون جهاد الشام مثلاً حياً للمصريين. لكن أراد الله أن يبتليه بهذه الأدواء، فيعمى بصائر ويميت قلوب بدلاً من إحيائها.

      والعودة إلى مصر شاقة صعبة. فإن الأوضاع فيها تسير من سئ إلى أسوأ.

      المظاهرات المتواضعة التي تخرج فيُقتل فيها عدد من الأبرياء، ويعتقل عدد آخر منهم. هتك أعراض البنات والنساء في مراكز الشرطة والسجون، بل هتك أعراض الرجال في الشوارع!

      أحكام القضاء الفاسد الإبليسي يمتد عهرها لتحكم على مئاتٍ بالاعدام في جلسة واحدة، وتحكم على أحد المحامين معهم "في الزحمة"، كما يقال!

      الهجوم على المساجد ومتابعة إغلاقها وسحل روادها، والحملة الشرسة على دين الاسلام بلا هوادة على كل المستويات، بداية بالملحد شيخ الأزهر، ومثيله مفتى السُلطة الكافر الصوفي على جمعة، إلى عاهر دعاة القطاع الخاص، المشرك البرهامي، وبقية شلة الكفر السيسي كالهلالي وغيره.

      انتشار العهر والفسق والدعارة العامة في أوساط الاعلام و"الفن"، والانحطاط الخلقي الذي لم تر مصر، ولا غيرها، مثله في تاريخها الاسلاميّ، لدرجة أن تنتخب راقصة عاهرة أما مثالية!

      لقد سقط ما يسمى بالربيع العربي تحت أقدام الصهيوصليبية، بالأموال الخليجية، سقوطاً ذريعاً. وإن كان قد تحققت منه فائدة، فهي تمايز الصفوف. تميّز المسلم من المشرك. تميّز شعب السيسي من الكفار عن الشعب المسلم الظالم لنفسه باتباعه النهج الاخوانيّ البدعي، فقد والله ظلمنا الإخوان قبل الانقلاب بمذهب "المشاركة لا المغالبة" ثم هزمونا مرة أخرى بعد الانقلاب بمذهب "سلميتنا أقوى من الرصاص". فأوهنوا القلوب، وخوّروا العزائم، واستأنسوا المقاومة، ونحروا الجهاد، الذي لم يؤمن به أحد منهم يوما من الأيام، منذ ظهور الجيل الإخواني الثالث، جيل العريان والكتاتني، جيل الديموقراطية البرلمانية الشركية.

      فأين الحل يا ترى؟ أيظن الناس أنّ هذه المقاومة السلمية "الهفتانة" ستوقف السيسي الملحد وأتباعه عما يقصدون؟ ألا يظن من لا يزالوا يتحدثون عن السلمية، وعن المشاركة لا المغالبة من زرارى الإخوان أن ذلك النهج له فائدة تُرجى؟ ما لهم كيف يحكمون؟ أفلا يتفكرون؟

      الحل يكمن في تربية جيل جديد، كما سبق أن قلنا، فإن أبناء هذا الجيل، أقصد الجيل المسلم لا جيل السيسي الملحد، قد فسدت عقائدهم، وعميت بصائرهم، وانحرفت فطرهم، فصاروا لا يرون بوصلة الاسلام ولا توجهاته، وإن حسنت فيهم النيات. فإن النية لا يقوم بها عمل، بل يقوم العمل على فكر صحيح وتوجه رشيد، واتباع للسنن ونفي للبدع. وهذا الجيل، أو معظمه لنتجنب التعميم، تربى على بدع الإخوان ونطاعة السلفيين، فلا خير في كثيرٍ منهم.

      يجب أن ينشأ الجيل الجديد على مفاهيم التوحيد الصافي كما أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من توحيد ربوبية وألوهية وعبادة ونسك وولاء وبراء. لا تنقص من هذا شيئاً. وكم حذرنا من تلك المناهج التي تجتزأ من الاسلام جزءا تعتني به وتدعى أن هذا دورها، وأن دعوة الجماعات تكمل بعضها بعضاً! كم حذرنا من أن هذا خلل في التنظير، وأن هذا سيؤدى إلى جيلٍ مشوه منقوص العقيدة، فالاسلام يجب أن يُقدّم كله وحدة واحدة جامعة، لا أجزاء مبتسرة مفردة. وها نحن اليوم نرى نتيجة هذا التخليط البدعي، والتجزئة الباطلة، لكن لا حياة لمن تنادى، وقدر الله سابق.

      ولا يظنن أحد أن "الثوار" ينتصرون لدين الله، فمنهم من هم على حق، كما كان سكان رابعة تقبلهم الله في جنته، ومنهم من هم ثوارٌ من أجل حياة أفضل، وعيش أرخى، ودنيا أرفق. وهؤلاء، لا ينصرهم الله إن لم تتوجه اليه النية بلا خلاف. ولا عليك بأقوال مبتدعة الإخوان من أمثال حشمت ومحمد محسوب، فهؤلاء والله رويبضات علم لا في العير ولا في النفير، حين يتحدث العلماء. بل هم رجال إعلام لا رجال شرع. وهم عينات من قادة الإخوان الذين تخرجوا في الدفعة الثالثة من تاريخ الإخوان، كما ذكرنا من قبل.

      وها هو السيسي يترشح للرئاسة، وها هي فيفي عبده أما مثالية، وها هو محمد إبراهيم يقتل الأبرياء ويغتصب النساء يوميا دون توقف، وها هو عاهر الأزهر يدعو "لبيعة" السيسي، وها هو زنديق الفتوى علي جمعة يحرض على قتل المسلمين ليل نهار، وها هو مال الدولة يسرق بلا حياء، وها هو قضاء الدولة قد سقط في أقذر مستنقع، ألا وهو الخضوع للظالم والرشوة والمحسوبية، ورحم الله الحسن البصريّ حين أفتى بكفر القاضى المرتشي.

      لا أدرى ما ستأتي به الأيام في مصر، ولا ما يخبئ لها قدر الله سبحانه، ولكن لا أراها تأتي بخير طالما أنّ الناس يتغافلون عن سنن الله، فإن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، والجهاد ذروة سنام الإسلام، لم يتركه قوم إلا كسرهم الله.

      والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

      د طارق عبد الحليم

      30 جمادى الأولى 1435 – 31 مارس 2014