فضح العرورية العوادية

    وسائل الإعلام

      مقالات وأبحاث متنوعة

      البحث

      أصل الخلاف بين الإسلام وجماعة الإخوان

      4/8/12

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

      في خضم الأحداث الأخيرة، التي كشفت زيف التحركات الإخوانية العميلة الخبيثة، وعمالتهم للعسكر، وفي ضوء صفقاتهم الخسيسة في كامب سليمان، وكامب عنان، وغيرها، ورضاهم بأن يكونوا طراطير نيابية، تعمل لصالح قياداتها الشخصية، بدلاً من الشعب الذي حملها لهذه الكراسيّ، نسى الكثير السبب الأساس في ضلال هذه الفرقة البدعية، ومصدر ضلالهم وانحرافهم.

      إنّ هذه الجماعة الضالة، قد وأدت الثورة، بالتعاون مع العسكر منذ الأيام الأولى لها. فقد أحجموا عن النزول أولاً، ودعوا للتفاهم مع مبارك ونظامه ثانياً، ثم خرج عدد من منتسبيهم المقلدين، لنصرة جموع التحرير، ليَثبُت لهم دورٌ، لمّا فاتهم دور الصدارة، ثم انسحبت جماعتهم من كلّ نشاط ثورىّ بعدها، والتزموا بنود كامب سليمان، واقنعوا العامة أنّ النظام قد سقط، وأنّ العسكر يجب احترامه، ولا يصح التعدى عليه ولو بالكلمة، وأنّ من يتهمه بالخيانة خائنٌ يريد إسقاط الدولة، وكلّ هذه التصريحات التي عكست ضلالهم وهزيهم وفساد أمرهم.

      لكن الأمر ليس أمر تصريحاتً وقرارات، فإن هذه كلها نتاج ضلال عقديّ في التصوّرات، ينبنى عليه انحراف التصرّفات. الأمر الأساس الذي يجب أن لا ينساه الناظرون في أحداث مصر اليوم، وأسبابها التي يدونها التاريخ، والمؤرخون، أن هذا الخطلَ السياسيّ الذي أوقع إخوان السوء شعبَ مصر فيه، وأنهى ثورة 25 يناير قبل أن تبلغ مداها وتحقق أهدافها، وأعوزنا اليوم إلى أن نبذل جهداً يعلم الله قدره لإستعادة الثورة في الميادين مرة أخرى، ضد نظام مبارك، إنما مصدره تلك العقائد الخاسرة الضالة البدعية التي عليها صانعوا القرار في تلك الجماعة.

      وهذه العَقائد، لا تنتمى لعَقيدة أهل السنة بِسبب، من قريبٍ أو بعيد، بل ترِدُها من مجموعة شَاذة من العَقائد التي عُرفت عن عدد من الفرق البدعية، التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأنها كلها في النار، والتي تخالف الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة.

      فإن من عقائدهم الصوفية البدعية، ومنها الأشعرية المؤولة، ومنها، بل على رأسها، عقيدة الإرجاء التي تفصل الإيمان عن العمل، وتدعى أنّ نطق الشهادتين هو الإسلام المنجى في الدنيا والآخرة، وإن ارتكب المرء كل ما نص الشارع على كفر فاعله، وأن القلب هو محلّ الإيمان ولا يدل الفعل على إيمان أو كفر، وأنه، بناءً على ذلك، فالتشريع بغير ما أنزل الله معصية، وإن قننها المشرعون وجعلوها دستوراً يحكم به بين الناس. فالمرجئة، لا يكفرون المرتد، إلا إن صرّح هو بكفر نفسه، وهو ما لا يقر به أحد على نفسه، ولا النصارى ولا اليهود ولا المجوس، ولذلك رأينا من كبرائهم من يصرح بأن النصارى لا يكفرون! وعلل ذلك بأنهم لا يثلثون! أي والله، خاب الرجل وخسر.

      والإرجاء دين الملوك، كما قال السلف، إذ هو يبرر المعصية، ويُحلّ الحرام ويميّع الشريعة. والصوفية تقرّب بين الأديان، وتحمل بذور وحدة الوجود، لذلك رأينا من كبرلاائهم من يسير على منهاج ابن عربيّ وابي عطاء السكندريّ، ضلالاً وانحرافاً. ولهذا تجد أنهم لا يتورعون عن إبرام الصفقات الكفرية الخسيسة مع العسكر، والتودّد للأمريكان، وخيانة من يدعو للإسلام السنيّ الصحيح. وتجدهم يجعلون الولاء لجماعتهم الضالة مقدماً على الولاء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. كما تجدهم يرفعون من يواليهم في ضلالاتهم ويوافقهم على بدعتهم، سواءً كان ملتزما بهدى الإسلام أم لا، ولهذا يعلنون أنهم لا يمانعون من تولى نصراني أو علماني لحكم البلاد، أو لإمارة المرأة، أو لغير ذلك من بدعهم العقدية التي نشأ عنها إنحراف فقهي جعلهم من أهل البدعة في الأصول الكلية.

      لن يخرج من جماعة هؤلاء الضالين المبتدعين خير لأهل السنة. بل لن يخرج منهم خير لأحد كائناً من كان. وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصف آيات النفاق، التي نراها تترائي في كل قول لهؤلاء المبتدعين، من إخلاف الوعد، وكذب الحديث، وخيانة الأمانة، كما خانوا أمانة الثورة التي أعطاهم الشعب، فقايضوها بالبرلمان.

      إن الإختلاف الواقع بيننا وبين جماعة إخوان السوء، ليس مصدره تصرفات أو قرارات سياسية، قد يخطأ فيها البعض جهلاً أو عمداً، ولكن خلافنا مع هؤلاء يقع على مستوى العقيدة، ومعاني الكفر وحدود الإيمان، وموارد البدع والأهواء. ولهذا، فإن هذا الخلاف أبعد غوراً من ترشيح الشاطر أو مرسى، أو وضع الكتاتني رئيساً لكل أجهزة الدولة، بما فيها الأمانة العامة للمرأة! هو إختلاف في الأصول التي يبنى عليها الإسلام، ويقام عليها منهج أهل السنة والجماعة، قبل كلّ شئ. فمثل هؤلاء لنا مثل جماعة العقلانيين من أتباع مذهب المعتزلة، أو الطرق الصوفية البرهانية أو الدسوقية أو الخلوتية، أو هذا الهراء المقيت. بل إنّ جماعتهم أضل عقيدة وأسوأ بدعة من هؤلاء جميعاً، إذ هم يتبنون كلّ هذه البدع تحت مظلة جماعتهم، فهم وكر البدع وبؤرة السوء.

      وإني والله ليحزننى أشد الحزن، وأعجب أشد العجب، وأربأ بمثل وجدى غنيم، ومثل حازم أبو اسماعيل أن يظلا يتحدثان بإنتمائهما لهذه الجماعة الضّالة المُنحرفة، ولا أدرى إلى اليوم ما هي دوافِعهما في مثل هذا الإصرار على الإنتماء لهؤلاء، رغم أن كل أحاديثهما تشى بمفارقتهما لهؤلاء المبتدعة عقيدة وقولاً وعملاً. واعتبر أن هذه هي النقطة السوداء التى تشين حاضر هذين الشيخين الجليلين.

      إننا اليوم أشد ما نكون حاجة إلى تحرير الولاء، وبيان المفارقة لأهل البدع والكفر، فقد اختلط الحابل بالنابل، وادّعى الثرى مقام الثريا، وقام السهى مقام الشمس، وأصبح الأعمى بصيراً، والبصير أحولاً، وتاهت العقول وحارت الألباب. كلّ ذلك بفعل مجلس العسكر ومكره وحيله، وتعاون جماعة إخوان السوء وغباءها السياسيّ ونفعيتها التى تعدت كلّ الحدود.